ما وراء إعلان شرطة الاحتلال عن وظيفة “مُستكشفين” في الأقصى؟
الهدهد / عربي دولي
أعلنت شرطة الاحتلال مؤخّراً عن شواغِر في وظيفة جديدة تحت مُسمَّى “مُستكشفين لجبل المعبد”، مهمّتهم إرشاد السيّاح والمستوطنين، ومساعدة عناصر الشرطة في مُرافقة المستوطنين وحمايتم في أثناء جولات اقتحام المسجد الأقصى.
وقد دعت “جماعات المعبد” أنصارها كي يتقدّموا إلى هذه الوظيفة التي قالت إنّها تشكّل فرصة مميَّزة لكسب العيش الشريف والالتزام بالتعاليم التّوراتية في الوقت عينه. ومن المتوقّع أن يبدأ العمل بهذه الوظيفة في مطلع عام 2020، تحضيراً لموسم الأعياد العبريّة في آذار/مارس من العام.
ويمكن وضع إعلان الشرطة عن هذه الوظيفة في إطار الجهد الذي يبذله الاحتلال على مستوياتٍ مختلفة، للدّفع باتّجاه تغيير الوضع القائم في الأقصى، وقد عبَّر عن هذا الاتجاه صراحة غلعاد إردان، وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال، عبر تصريحات واضحة في هذا الصَدَد مصحوبة بممارساتٍ على الأرض كان من بينها السماح للمستوطنين باقتحام الأقصى بالتزامُن مع الأعياد والمناسبات الإسلامية في شهر رمضان.
وفي اليوم الأوّل من عيد الأضحى لهذا العام، مع أنّ المعمول به منذ احتلال الأقصى عام 1967 هو منع الاقتحامات في المناسبات الإسلاميّة؛ وقد كان إردان وراء هذا القرار ومعه رئيس حكومة الاحتلال الذي نشر على حسابه على تويتر مقطع فيديو يؤكّد فيه أنّ السماح باقتحام الأقصى يوم عيد الأضحى كان بموافقته.
ويُضاف إلى ذلك، سماح الشرطة للمستوطنين بإقامة الصّلوات التّلمودية في أثناء اقتحام المسجد في اعتداءٍ واضحٍ على الوضع القائم الذي يمنع بموجبه غير المسلمين من الصلاة في الأقصى. وقد لوحِظت مثل هذه الاعتداءات بشكلٍ لافتٍ في أعياد “رأس السنة العبرية”، و”الغفران”، و”العرش” ما بين 28 أيلول/سبتمبر و21 تشرين أول/أكتوبر، تحت نظر شرطة الاحتلال وحمايتها.
كذلك، فإنّ الشرطة فرضت على حرَّاس الأقصى الابتعاد عن المستوطنين لدى قيامهم بجولات الاقتحام لمنعهم من القيام بمهامهم لجهة مراقبة سلوك المُقتحمين وتوثيقه. وتعمل شرطة الاحتلال بتوجيهاتٍ من إردان، وقد تغيّر سلوكها حيال الاقتحامات بوضوحٍ منذ استلام إردان وزارة الأمن الداخلي في عام 2015، ويمكن مراجعة تقرير “عين على الأقصى” السنوي الصادِر عن مؤسَّسة القدس الدّولية ففيه تفصيل بهذا الخصوص.
على أيّة حال، فإنّ إعلان الشرطة عن مثل هذه الوظيفة هو محاولة لتعزيز الدور الذي قَرْصَنته لنفسها في الأقصى وتوسيع لعملها، في الوقت الذي تعمل فيه على إقصاء موظّفي الأوقاف الإسلامية، وفي مُقدّمهم الحرّاس، عن أداء دورهم ضمن مظلّة الوصاية الأردينة على المسجد. وفي حال تقلّد أنصار “جماعات المعبد” هذه الوظيفة فإنّ من شأن ذلك أن يُعزِّز قوَّة هذه الجماعات إذ ستصبح حاضِرة في الأقصى كجزءٍ من جهاز الشرطة، الأمر الذي سيُعطي دفعاً لروايتها حول “المعبد” وما يرافق هذه الرواية من مطالب حول “إعادة بناء المعبد”، وغير ذلك.
إزاء هذا الواقع الذي يُظهِر تمسّك الاحتلال بتغيير الوضع القائم في الأقصى، وعمله على تعزيز هذا الاتجاه، فإنّه من اللازم التصدّي له ومواجهته. وإنّ مسؤولية الدفاع عن الأقصى والتصدّي لمُخطّطات تهويده تقع على عاتق كلّ أحرار العالم، ويشكّل المرابطون والمرابطات وأهل القدس وفلسطينيّو الداخل المحتل عام 1948، ومعهم حرّاس المسجد الأقصى، خطّ الدفاع الأول عن المسجد الذي يجتهد الاحتلال لكسره، إن عبر حملات الاعتقال والإبعاد عن المسجد، أو إقصاء الحرّاس عن الأقصى ومنعهم من أداء دورهم، وغير ذلك من الاعتداءات التي تصبّ في سياق فرض السيادة الإسرائيلية على الأقصى.
وفي هذا الإطار، يمكن إيجاز جملة من العناوين التي يمكن أن تساهم في مقاومة المساعي الإسرائيلية إلى السيطرة على المسجد:
1. من المهمّ العمل على تثبيت المَقدسيّين، ودعم فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، والوقوف وراء حرّاس الأقصى، ليتمكّنوا من المحافظة على دورهم في تشكيل طَوْقِ الحماية الأوّل للأقصى.
2. لا بدّ للحركات والأحزاب والقيادات من تخصيص هيئات شعبية في كل بلد تتفرَّغ للدفاع عن المسجد الأقصى، ومُتابعة أوضاعه، وتدعو إلى التحرّك الشعبي الفعَّال إزاء أيّ اعتداء يتعرَّض له.
3. تبنّي موقف رسمي واضح تجاه رفض تغيير الوضع القائم التاريخي، وإعادة تأكيد الحق الإسلامي الخالِص في المسجد بكامل مساحته.
4. العمل على تشكيل مظلَّة دعم عربي وإسلامي لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس في مواجهة التّهديد بنزع الحصرية الإسلامية عن المسجد
5. دعم الأردن لتفعيل دوره في حماية المُقدَّسات.
6. العمل على تخطّي حال العجز، والتّصدّي للدّفاع عن المسجد من منطلق قوّة الحق وليس الاستجداء، والاستفادة من نماذج المقاومة الشعبية التي أرغمت الاحتلال على التراجُع والانكفاء، لا سيّما هبّة باب الأسباط في تموز/يوليو 2017، وهبّة باب الرحمة في شباط/فبراير 2019.
الميادين