هشاشة اتفاق الرياض تتكشف على وقع الصراع في عدن
في ظل تصاعد الخلافات بين حكومة الرئيس الیمنی المستقیل عبد ربه منصور هادي المدعوم سعوديا والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم اماراتيا على تنفيذ بنود من اتفاق تقاسم السلطة الموقع في العاصمة السعودية، في خطوة اعتبرها مراقبون مؤشرا على فشل وهشاشة اتفاق الرياض، شهدت مدينة عدن اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات “الحزام الامني” الموالية للامارات ومجموعة من المسلحين.
اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات “الحزام الأمني” المدعومة من الإمارات ومسلحين في مدينة عدن جنوبي اليمن. وأفادت مصادر محلية مساء الأحد بأن عناصر “الحزام الأمني” نفذوا مداهمات في منطقة دار سعد بمحافظة عدن، فتصدى لهم مسلحون من الحي وأجبروهم على الانسحاب، قبل أن يعودوا معززين بمختلف أنواع الأسلحة.
واندلعت على إثر ذلك اشتباكات امتدت إلى حييْ “المحاريق والسيلة” في مديرية الشيخ عثمان. وخلفت الاشتباكات عددا من الجرحى.
من جهة أخرى، قال المجلس الانتقالي الجنوبي في بيان على حسابه بتويتر إنه قد يُضطر إلى وقف ما وصفه بالاستفزازات من قبل من سماهم القيادات العسكرية في حكومة هادي التي قال انها تهدف إلى عرقلة مسار تنفيذ اتفاق الرياض.
وطالب المجلس الانتقالي قيادة التحالف السعودي الإماراتي بإلزام الطرف الآخر -في إشارة إلى حكومة هادي- بوقف هذه “الاستفزازات والخروق”.
وشهدت الرياض يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة المستقيلة والمجلس الانتقالي، والذي ينص بنده الأول على عودة حكومة هادي إلى عدن. لكن تنفيذه تأجل أكثر من مرة.
ويضع اتفاق الرياض، الذي وصفته مجموعة “الأزمات الدولية” بـ”الهشّ”، إطاراً زمنيا “غير واقعي” لدمج القوات العسكرية والأمنية المتنافسة، وهو سيعجز عن الصمود بسبب أزمة الثقة بين الطرفين، حسبما توقّعت المجموعة.
كما كشفت الأحداث خلال الأيام الماضية ما يعزز تقديرات “الأزمات الدولية”، باتساع نطاق مناهضة الاتفاق على الأرض من قِبَل تكتلات جنوبية متعددة، مثلما يحدث في محافظة المهرة.
ويشمل اتفاق الرياض بنودا رئيسية وملاحق للترتيبات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي، الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله.
وكان من المقرر أن تعود حكومة هادي إلى عدن، الثلاثاء الماضي، بيد أن هذه العودة تأجلت عدة مرات بدعوى عدم استكمال الترتيبات الأمنية في قصر معاشيق الرئاسي، الذي تم تسليمه للقوات السعودية من قبل الإمارات الشهر الماضي.
ووفق ما نقلته صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر، فإن تأجيل العودة يعود في الأساس لرفض ممثلي المجلس الانتقالي عودة حكومة هادي بكامل أعضائها، مشترطين انحصار هذه العودة برئيس الحكومة معين عبد الملك ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي.
كما اشترط المجلس أن تعمل حكومة هادي في عدن تحت العلم الجنوبي، وهو ما يرفضه هادي.
هذه الخلافات لم تكن الأولى منذ توقيع اتفاق الرياض، إذ أن الطرفين سرعان ما عادا عقب التوقيع إلى مربع الصراع بعد تهدئة إعلامية لم تَدُم أكثر من عدة أيام.
عودة حرّكها طلب القوات السعودية من حكومة هادي، منتصف الأسبوع الماضي، إسقاط علم دولة الجنوب السابقة من مطار عدن، ورفع العلم اليمني الحالي مكانه؛ ما أثار سخط المجلس الانتقالي، ودفعه إلى التهديد بتجميد العمل بالاتفاق.
عقبة أخرى، ظهرت عندما وجه هادي حكومته، بتطبيع الأوضاع في مختلف المحافظات الجنوبية والشرقية، وهو ما قابله المجلس الانتقالي، برفض تسليم المؤسسات الحكومية، ومن بينها مبنى صحيفة “14 أكتوبر” الصادرة من عدن، والذي امتنع المجلس عن إخلائه لمسؤولي وزارة الإعلام في حكومة هادي وموظفيها.
هذا الامتناع دفع السعودية إلى تعزيز تواجدها العسكري في الجنوب، من خلال إرسال المزيد من شحنات الأسلحة، عبر طائرات شحن عسكرية، إلى مطار عدن برفقة ضباط سعوديين، وذلك بعد أسبوع من وصول طائرة عسكرية محمّلة بأسلحة وأجهزة ومعدّات اتصالات عسكرية ورادارات للقوات السعودية المتواجدة في عدن، وفي قاعدة العند الجوية في محافظة لحج.
كما أعادت القوات السعودية انتشارها في محيط قصر معاشيق، إلا أن محاولتها، مسنودة بقوات سودانية، السيطرة على الوضع في عدن، باءت بالفشل حتى الآن، في ظلّ تصاعد مظاهر الانفلات الأمني في المدينة إلى مستويات أثارت هلع السكان.
ولا تزال تشهد مدينة عدن حالة من الفوضى والفلتان الامني واللا استقرار نتيجة المواجهات بين المليشيات الموالية لحكومة هادي وقوات الحزام الامني المدعومة من الإمارات في الجنوب اليمني.
في الواقع، لم يتمكن اتفاق الرياض الذي جاء لتقاسم السلطة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة المستقيل هادي، من ارساء أي سلام أو تحريك أي ساكن في جنوب اليمن، لانه اتفاق خارج إطار القانون وتم التوقيع عليه بإجندات سعودية إماراتية ومن دون أخذ مصالح الشعب اليمني بنظر الاعتبار.
العالم