المعركة أساساً مع الكيان الصهيوني والبقية أدوات
الهدهد / مقالات
محمد أمين الحميري
مِن أخشى ما يخشاه العدوُّ الإسرائيلي هو التفافُ الأُمَّـة الإسلامية حول القضايا الموحَّدة التي تعزِّزُ في أبنائها وحدةَ الصَّفِّ وجمعَ الكلمة؛ ولهذا فقد سعى وبواسطة العديد من الوسائلِ وبمشاركة عملائه داخل أمتنا على تفريغ الكثير من القضايا من مضامينها الحقيقية، ومن ذلك قضيةُ فلسطين لتصبحَ في نظر الكثير قضيةً خَاصَّةً بالشعب الفلسطيني فقط، وتماشياً مع هذا المخطّط تمارِسُ بعض الأنظمة العربية اليومَ مختلفَ أشكال التطبيع مع المحتلّ الصهيوني وتقدمُ التنازلات على حساب فلسطين والقدس كعاصمة لها.
وما يرتكبه العدوُّ اليومَ من عدوانٍ مستمرٍّ على غزة في مقابل تواطؤ دولي مكشوف وصمت عربي مُخزٍ يكشفُ حقيقة المؤامرة على فلسطين وأنه لا خيارَ للتمسك بها والعمل على تحرير الأرض من دنس المحتلّ إلا خيار المقاومة واستخدام لُغة الردع بدلاً عن لغة المفاوضات الفاشلة، وعلى حركات المقاومة خارج فلسطين والشعوب الحرة الوقوفُ إلى جانب المتصدرين في هذا المشهد المقاوم بالوسائل الممكنة والمتاحة، ومن هنا فقط سنضمنُ النتائجَ المثمرة.
وهنا وفي ذات السياق، فإن من ضمن فُرَصِ النجاح ونقاط القوة التي ينبغي تجييرُها في صالح المشروع المقاوِم في المنطقة وأن التكامل بين حركات المقاومة سيكون حاضراً، هو ما يتعلق بالمشروع عندنا في اليمن، فهو يمثل حجرَ الزاوية في أي تحَرّك مقاوم حال اقتضى الأمرُ المواجهةَ مع إسرائيل أياً كان فارقُ الزمن الذي أُنشِئ فيه والظروف التي في ظلها تكون، فاليمن بما تختصُّ به من مكانة متقدمة في الأُمَّـة يجعلُ من هذا المشروع شَيئاً كَبيراً، وهو ما بات يخشاه العدوُّ الإسرائيلي الذي صرّح عددٌ من مسؤوليه أكثرَ من مرة أن اليمن تشكّلُ خطراً على مشروعهم، أما في تدخل الكيان الصهيوني في الشأن اليمني فبدون أي تحفُّظ فهو يعلمُ أنه سيكونُ عُرضةً للاستهداف من قبَل قواتنا المسلحة.
وعودٌ على بدء، فالمعركة بدرجة أَسَاس مع الكيان الصهيوني وأذنابه ومَن وراءهم معركةُ وعي، فالعدوّ الإسرائيلي يعملُ -منذ زرعه في خاصرة الجسد العربي- على طمس هُــوِيَّتنا الإسلامية الأصيلة ويحاول جاهداً التصديَّ لأية فكرة تحرّرية تهدفُ لتوعية الأُمَّـة بخطر إسرائيل وجرائمها في حَــقِّ الشعب الفلسطيني؛ لتعيش الأُمَّـة حياةَ التيه والتماهي مع أية مخطّطات تسعى لتنفيذها بواسطة أجندتها، فمن الأهميّة أن نواجهَ هذا العمل بعملٍ واعٍ ومنظم من خلال:
– تبنّي الخطاب الذي يذكّر بقضية فلسطين وتوجيه بوصلة الصراع مع إسرائيل، على مستوى المنبر والإعلام وغيره.
– تضمين المناهج التعليمية الجامعية والمدرسية موضوعَ الصراع العربي الإسرائيلي: حيثياته وأبعاده.. والتوعية بما حصل من مؤامرات وما تنفّذ من مخطّطات وإلى أين تتجه.
– إقامة الأنشطة والفعاليات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وإلى جانبه ما يتصلُ بالقضية في اليمن، فمثلُ هذا له أثرُه على وعي المجتمع مِـنْ حَيْــثُ صناعة الرأي العام؛ وكون الصراع مع إسرائيل صراعَ وجود، ولا ينبغي بأي حال التوقفُ أَو الرضوخُ لثقافة التخويف والإحباط التي يربي أصحابُها الناسَ على خلق الانبطاح والتماشي مع الأوضاع السيئة، إلى جانب استخفافهم وتحقيرهم من أي عمل يصب في مواجهة الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية ويعد العُدة اللازمة لمواجهة المخاطر الآتية منهم.
– يجدر التأكيدُ على حقيقة وهي أننا كمجتمع يمني مسلم يعرف الناس جميعاً أن العداء مع إسرائيل عداء تأريخي وأن من الأهميّة اعتبارَه عدوَّا، لكن المشكلة هي في الواقع العملي، والمطلوبُ هو كيف يعملُ صناعُ الوعي من مختلف التوجّـهات على دفع المجتمع لتبني هذه القضية مِـنْ حَيْــثُ الثقافة الصحيحة ومِـنْ حَيْــثُ العمل السليم، وهذا سيكون حال وصل الناس إلى قناعة أن العداء مع الكيان الصهيوني من القواسم المشتركة التي تجمعنا كأمة بمختلف مذاهبنا وجماعاتنا، وأن الجميع معنيون بالإسهام في توعية المجتمع، إضَافَـةً إلى دعم كُـلّ توجّـه داخل الأُمَّـة يسعى لإعادة قضية فلسطين إلى الواجهة ويسهم إلى جانب الشعب الفلسطيني في إعادة الحَـقّ المسلوب والحفاظ على المقدّسات الشريفة، فهي مسؤولية جماعية تقعُ على عاتق الأُمَّـة كلها وليس الفلسطينيين فقط، فالصهاينة يعملون من خلال مسارات متعددة، مسار استكمال الاحتلال لفلسطين وإيجَاد أرض بديلة للفلسطينيين، وهذا من خلال وسائلَ متعددة، منها التطبيعُ مع بعض الأنظمة المساعدة لهم في تحقيق هذا الحلم، ومن خلال الاستقواء بأمريكا التي تشرعن لهم ما لا يجوز ومن آخرها اعتبارُ القدس عاصمةً لإسرائيل، وجواز الاستيطان للإسرائيليين، ومسار المؤامرة على الأُمَّـة كلها من خلال وسائل وطرق متنوعة، وغيرُ خافٍ على أحد الدورُ التخريبي الذي تلعبُه في كُـلّ بلد بما يناسبُ من خلال أدواتها على مستوى السياسة والاقتصاد والثقافة وَ…، ما يعني بعد هذا كله أن نعيَ كأمةٍ أن أمرَ المواجهة مع إسرائيل لا يخُصُّ جماعاتٍ دون أُخرى، وإنما الكلُّ شريكٌ في صناعة الوعي التنويري المثمر، والوقوف إلى جانب الأحرار المتصدرين مشهد حماية الأُمَّـة وإعادة الاعتبار لها في كُـلّ المجالات.