التطبيعُ مع “إسرائيل” لا يمثّل اليمنيين
الهدهد / مقالات
صبري الدرواني
وصلت بعضُ الأنظمة العربية إلى حالةٍ من الارتداد القِيَمي والأخلاقي والمبدأي بإعلان التطبيع العسكريّ والأمني والاقتصادي والسياسي مع العدو الصهيوني وبكل وضوح، وبشكلٍ علَني تسعى لإظهار دور قيادي صهيوني في المنطقة العربية والإسلامية؛ كخُطوة في تحسين الصورة الوحشية والقاتمة لهذا الكيان المجرم القاتل الغاصب.
ظهر ذلك جلياً في مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث اعتلى وزيرُ الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان المنصّة خطيباً بحضور كبير للعديد من الدول العربية فقال: (إذا سألتني، ما هو أهم حدث في الشرق الأوسط؟ أجيب أنه يتمثلُ في إدراك بعض الدول العربية السُّنية وللمرة الأولى منذ 1948، أن الخطر الأكبر المحدق بها يكمُنُ في إيران لا في إسرائيل).. وتمنى أن يسمع رأي وزير الخارجية السعودي.
واستجابةً لطلب (ليبرمان) توجّه الجبير إلى المنصة ليقول: إن طهران هي الراعي الرئيسي للإرهاب في العالم وقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط.
وسارعت حكومةُ المنافق هادي والعديد من الحكومات العربية لإصدار بيانات تشجُبُ فيها إيران وتصفها بأنها تقومُ بزعزعة الاستقرار في المنطقة وتطالب بإنزال أشدّ العقوبات عليها.
لم يكن مؤتمر ميونخ هو نقطة البداية للتطبيع مع “إسرائيل” وإعلان الارتهان والتبعية لها ولأمريكا من بعدها وحَرْف بوصلة العداء لدى الشعوب العربية والإسلامية إلى عدو آخر، فقد عملت السفاراتُ الأمريكية في مختلف البلدان على احتواء العديد من الشخصيات والكُتّاب وإبرازهم للشعوب كقيادات وازنة يكونُ الدور الأساسي لهم هو تحسين صورة دولة العدو الإسرائيلي وتقديمها كصديق.
وفي هذا السياق دشّن وزيرُ إعلام حكومة المرتزق هادي مشروعَ التطبيع بتصريح رسمي لإذاعة “إسرائيلية” أكد خلاله أن “الحكومةَ اليمنيةَ تأملُ في إعادة إقامة علاقة مع الجالية اليهودية اليمنية التي غادرت البلاد”، وهو ما يعني طلباً رسمياً لفتحِ مكتب في “إسرائيل”؛ بحُجَّة الاهتمام باليهود اليمنيين، في سابقةٍ خطيرةٍ تعد الأولى من نوعها في تأريخ اليمن.
حزبُ الإصلاح سبَقَ حكومةُ الارتزاق في ذاتِ المنوال التطبيعي بأيام، حيث نشر القياديُّ الإصلاحي شوقي القاضي منشوراً يعلنُ من خلاله أنه لا يمانِعُ في إقامة دورة تدريبية لـ “إسرائيليين”!.
وهذا الحالُ ليس مستغرباً ممَّن رضَوا لأنفسهم أن يكونوا عملاءَ خانوا أوطانَهم وأصبحوا عبيداً لعبيدِ العبيد، فهم عبيدٌ تحت إمرة السعودي، والسعودي عبدٌ تحت إمرة الأمريكي.
أما الشعبُ اليمنيُّ فقد كان ولا يزالُ من أبرز الشعوب التي تحمِلُ هَمَّ الأمة ككل، ويستشعرُ مسؤوليتَه تجاه أُمَّته.. حتى وهو في أصعب الظروف ويواجه أكبر عدوان في العالم، لم ينسَ فلسطين، ويبادِرُ إلى إعلان تضامُنه مع القضية الفلسطينية، ويتمنى أن يشاركَ في قتال العدو “الإسرائيلي” مع المقاومة جنباً إلى جنب وكتفاً بكتف.