الرؤية لما يحدث ولما سيحدث
الهدهد / مقالات
العلامة/ سهل بن عقيل
إنَّ الواقع يتكلمُ بلغة الصراحة الفجَّة، التي تزعج الطرفين، أولئك الذين ركبوا موجة “العراق” من قبل القوات الأمريكية وحلفائها، أولئك الذين طمعوا في استعباد الأمة العربية والإسلامية، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء عشرات العقود، بأحلام، لا ولن تكون لها مُرتكزات التحقيق على أرض الواقع المرير، الذي اجتث -بسيله الجارف- عفانات الاستعمار “الانجلوصهيوني” وأزلامه، من المرتكزات العفنة، والواضحة بأعمالها لعقود مضت، كتبتْ تاريخاً أسود لشعوب المنطقة، ونهب ثرواتها، وجعلها في مؤخرة الأمم.. وهذا الحاصل الآن بسطوره الواضحة التي تتبدى بالأحداث والمآسي.. وهنا نقف في إشارة لفتِ النظر، حتى لمن لا يبصر بعين الواقع بركاناً جارفاً لا يرحم، ولن يرحم.
بعثتَ والناس فوضى لا تَمُرُّ بهم
إلا على صنم قد هام في صنم
وقال تعالى لمن تَحمَّل همَّ الأمم، لا همَّ أمته فقط: ” وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ” هذا هو الواقع في ذلك الزمان، ولكن ما هو الواقع في هذا الزمان، وما هو الفرق الشاسع بين الطرفين في جميع النواحي، هنا قد يقف القلم عن التعبير في ذلك الزمان إلى أن استقر ذلك الزمان، بقوله تعالى: “إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ1/110وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا”.. وهنا علينا أن نفكر بعد الاستقراء لما حدث، وغاية الناس لا تدرك، فالأحداث تتوالى على مر العقود.
وإن الذين ظنوا أن الزمن قد واتاهم بما يشتهون، قد غفلوا عَمَّنْ ركن في الماضي إلى ذلك، فقامت هنا وهناك مجازر عبر التاريخ، لا زلنا نجترُّ تبعاتها إلى الآن في أوساط مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وإن الظروف قد اختلفت في جميع النواحي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في آرائه وتفكيره.. ونحن الآن على مشارف القرن الحادي والعشرين وفي العقد الثاني منه، والزمن غير الزمن، والمجتمعات تغيرت رأساً على عقب، من عقود مضت، إلى العقدين اللذين نحن فيهما، وغاية الناس لا تدرك، فإن غفلنا عن هذه النظرة، فإن الذي حدث في العراق، لا زال يحدث.. ويظن المغفلون ممن لبسوا عمائم وبرانيط بمختلف الأشكال أنهم قادرون على قيادة هذه المجتمعات في العالم العربي والإسلامي، وهنا عليهم جميعاً أن يعيدوا النظرة على الواقع، وعلى سير الأيام، وأحداثها، ليتمكنوا من السياسة التي يجب أن يسلكوها في هذه القيادات.. فإن لم ينظروا إلى ذلك فإن الفتن والمؤامرات سيجر بعضها بعضاً إلى أن يحترق كل شيء، وسينتصر الأعداء بكافة مشاريهم وغاياتهم في إذلال الشعوب، وإعادة الساعة إلى الوراء عقوداً سوداء مضتْ.
وإن الاشراق للشمس قد بدا بطلوع الفجر الجديد، لكتابة تاريخ، يجب على كل من تربع على كرسي السياسة أن ينظر إلى سطوره، ليقتلع السلبيات ممن كانت، وأينما كانت.. ويضع مكانها الإيجابيات، مع النظر إلى الأبعاد المستقبلية، وإلى الحاصل الآن، مما هو فيه، وما حوله.
* مفتي محافظة تعز