الإبداع اليمني.. التميز الملحوظ
الهدهد / مقالات
عبدالفتاح علي البنوس
الإبداع هو التميز والتفرد والإتيان بالجديد في مختلف مجالات وصنوف الميول والهوايات والمواهب والفنون والعلوم ، وهناك من عرفه بأنه خلق النجاح من العدم والوصول به إلى أعلى درجات التميز ، ولا يعني ذلك أن يقتصر الإبداع على تقديم الجديد فحسب ، فقد يأتي من خلال تطوير وتحديث القديم وإبرازه في قالب جديد بسمات ومدلولات وفوائد جديدة ، ويتجلى ذلك من خلال الجوانب المتعلقة بالتراث والموروث الشعبي والفلكلوري الفني بمختلف مجالاته الغنائية والانشادية والشعرية والأدبية ، حيث تبرز ملكات الإبداع وتتجلى في اللمسات الجديدة التي تم الوقوف عليها وإبرازها والتي كانت غائبة عن الكثيرين ، ولا يقتصر الإبداع على الجوانب الفنية والأدبية ،فالإبداع شامل وما نشاهده اليوم من قدرات فائقة في التصنيع الحربي يعد ضربا من ضروب الإبداع والتميز ، وما نشاهده من ابداعات وابتكارات أفرزتها مسابقة المبتكر اليمني التي نظمتها وزارة الصناعة والتجارة أيضا يندرج ضمن صور الإبداع اليمني المتنوع الذي يأتي في ظل الظروف المعقدة التي يعيشها الوطن جراء العدوان والحصار.
وبإمكاننا صناعة المبدعين من خلال إنعاش الأنشطة والمعامل في المدارس والتي تساعد على اكتشاف المواهب، من خلال توجيه أصحابها نحو المجالات التي يميلون إليها ، من هنا البداية ومن ثم العمل على تنظيم وإقامة المسابقات في مختلف مجالات الإبداع والكفيلة بإبراز المبدعين ونشر إبداعاتهم المختلفة وتسليط الضوء عليها، وتقديم الدعم والتشجيع لهم لمواصلة مسيرة الإبداع قدما نحو الأمام من خلال رصد الجوائز التشجيعية كما هو الحال في جائزة رئيس الجمهورية مع مراعاة التوسع لتشمل كافة المجالات ، فقد تبدع مدرسا ، ومهندسا ، وطبيبا ، وشاعرا ، ومثقفا ، وأديبا، وسياسيا، وخطيبا ، ومبتكرا، ومزارعا، ومقاتلا ، وقد يكون الإبداع فرديا، أو جماعيا ، فالإبداع الفردي مثلا يتجسد في إبداعات المنشد المتألق عيسى الليث، والمهندسة المبدعة ريهام المختاري مبتكرة جهاز الغسيل الكلوي ، ومن الإبداع الجمالي عملية نصر من الله البطولية التي نفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية، والإبداع الكروي لمنتخب الناشئين وتأهلهم إلى نهائيات آسيا.
ولكي نضمن استمرارية ألقهم ووهجهم الإبداعي ينبغي الحرص على ديمومة دعمهم والعناية والاهتمام بهم ، وتوفير البيئة والأجواء المشجعة والمحفزة على الإبداع والتميز، وهذا لن يتأتى إلا من خلال إنشاء صندوق خاص بدعم الإبداع والمبدعين والموهوبين في مختلف المجالات ، بحيث يمثل الحاضنة الآمنة والداعمة لهم ، بحيث يعمل هذا الصندوق على استيعاب المبدعين وظيفيا، وتسويق نتاجاتهم الإبداعية والترويج لها، والعمل على إقامة المعارض والمهرجانات التي تعرض فيها إبداعاتهم، بالتنسيق مع الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة ذات العلاقة، بحيث يلمس المبدع ثمرة إبداعه ومحصلة الجهد الذي بذله منذ بداية تولد الفكرة في ذهنه ، مرورا بمراحل التنفيذ وصولا إلى اللحظة التي يكتمل فيها العمل الإبداعي في صورته النهائية، حيث يشكل له ذلك الحافز والدافع للمضي قدما في هذا الجانب والبحث عن الجديد.
بالمختصر المفيد، عندما يتوفر الاهتمام والدعم والتشجيع لأصحاب المواهب والمبدعين في شتى المجالات والتخصصات تتفجر ينابيع الإبداع والتميز ونشاهد التطور في مختلف المجالات، نتطور في مجال الصناعات الحربية ، وفي مختلف الصناعات على طريق الاكتفاء الذاتي المنشود ،وهي مرتكزات أساسية تضمنتها الرؤية الوطنية لبناء الدولة المنبثقة من المشروع الوطني البناء الذي أعلن عنه الرئيس الشهيد صالح الصماد رضوان الله عليه (يد تحمي ويد تبني) والذي يعتمد على المبدعين والنوابغ وأصحاب العقول النيرة الذين يعول عليهم الوطن في بناء الدولة المدنية اليمنية الحديثة.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم