حقوق الإنسان..حين تذوب المساحيق تتعرى الشعارات!
الهدهد / مقالات
عبدالرحمن الأهنومي
لم يكن معظم الأوروبيين والأمريكيين يعرفون عن الحرب على اليمن إلا بكونها الحرب التي تجري على حدود أهم المناديب السامية التي تجبي أموال الشرق إلى الغرب وأمريكا!
على أن هدم الإنسان والمنازل والصوامع والصلوات في هذا البلد لم يذكِّر أياً من الحكومات والدول والمنظمات الأوروبية والأمريكية بهذه الحرب العدوانية!
حينما ضربت عشر طائرات مسيَّرة “ابقيق وخريص” وارتفعت كتل اللهب والنار اهتز العالم وارتعدت حكومات الفاشيات الأوروبية ، وتصاعدت الأصوات وتعالت بيانات ودعوات السلام ورغبات الحلول السياسية ، فصار توقف الحرب مطلباً ورغبةً والسلام خياراً وحيداً لهذه الدول والحكومات!
حينها شعرت أوروبا وأمريكا بأن الثروة لم تعد بخير وأن حمايتها بالفتوَّة والعربدة من الماضي ، وأن لحظة عادلة قد حلت..
وببساطة أعادت جدولة خطابها على نحو شعاراتي خادع يتلبس لثياب السلام والإنسانية والحقوق وضرورات الحفاظ على السلم والأمن الإقليمي والدولي ، وبالتناوب على شعارات وعناوين وألفاظ القانون الدولي الإنساني المُعدّ لهذه الأغراض!
وهكذا ومنذ حروبها الملايينية التي سحقت فيها ملايين البشر تستخدم دول أوروبا الفاشية وأمريكا الاستعمارية العناوين والشعارات الإنسانية ليس تعبيرا عن القيم النبيلة ورغبة في الحق بل إما..تعبير عن الهزيمة حين يضرب الحق ضربته..أو مساحيق تجميل تستخدمها لتبييض جرائم إبادة الإنسان وهدمه وإهلاك الحرث والنسل.
لقد اهتز العالم الأمريكي والأوروبي ومعه عالم ينتمي لأيدلوجيا الفاشيات التي تزعم أن الحياة حق وحيد وحصري لها وأن للفاشية الحق في إبادة البشر لتبقى هي ، فحينما ضربت المسيَّرات “ابقيق وخريص” ونسفت الضروع التي يتمول منها الغرب نفطا ودولارا ، وبما يمثل خطرا على الأوروبيين أنفسهم بات السلام ضرورياً ووقف الحرب أيضا خياراً وحيداً.
الشعارات والدعايات والبهرجات التي تُسوَّق في مناسبات من قبيل “اليوم العالمي لحقوق الإنسان” مستمرة منذ مذابح البشرية بالسلاح النووي والكيماوي في الحربين العالميتين الأولى والثانية ـ على قاعدة الاستمرار في الكذب وتجميل القبح والهمجية والتخلف حتى يصير مألوفا بل ومستساغا ، وبهذا النحو يستمر الصخب وفق إيقاعات صداها أكبر ، فيما يُذبح البشر في مذابح أممية ودولية وبالجملة والمفرق.
قبل أيام قرأت بياناً لمنظمة بريطانية “تدعو لوقف فوري للقتل اللاإنساني للكلاب الضالة في اليمن” ، لم نكن نعرف عن المنظمة المذكورة إلا أنها بالتأكيد ذراع من أذرع المخابرات البريطانية ، وبريطانيا التي تشارك في شن الحرب التي أدت إلى قتل وجرح ما يزيد عن خمسين ألف إنسان يمني ، تستنفر اليوم لوقف قتل الكلاب الضالة ، اليمن الذي يُقتل أبناؤه بالجملة والمفرق بأسلحة بريطانية وأمريكية فتاكة تبيعها لمملكة العدوان السعودية بل وتشاركها القصف والغارات وتحديد الأهداف وتقديم المعلومات ، يُصبح قتل الكلاب فيه لدى هؤلاء أمرا مقلقا ومزعجا! ، هذا تعريف مختصر مكثّف لإنسانية هؤلاء الحضيض الذين يتبنون نظرية البقاء للأقوى ، ومع أنهم يحتفون باليوم العالمي لحقوق الإنسان ، لكنهم يستبيحونه طولا وعرضا وبما يمكن لسلاحهم أن يأتي عليه.
حقوق الإنسان التي تُباع في منابر الأمم المتحدة ومجلس الأمن وفي المنابر الأوروبية والأمريكية ليست سوى بهرجات وقحة ومنحطة وهي تعبير عن القتل المتلبس بأيدلوجيا الفاشيات الأوربية التي تدّعي تمايز الإنسان الأوربي عن سواه من البشر ، وترى أن الجميع يستحق الموت والقتل ، ليحيا الأورو
بي في سعادة دائمة.