وقْفُ المرتبات جريمةُ ضد الإنسانية وورقةٌ خسرها تحالفُ العدوان منذ اليوم الأول
الهدهد / مقالات
منير إسماعيل الشامي
قبل حوالي ثلاث سنوات تقريباً، وأثناء تحشيد العدوان لاحتلال الحديدة، كان من ضمنِ الإشاعات التي كان ينشُرُها العدوانُ كحجّةٍ تضليلية أمام الرأي العالمي، هي أن “الحوثيين” حدَّ تعبيرهم يستغلون إيراداتِ ميناء الحديدة لتمويلِ عملياتهم العسكرية.
حينها قدّم قائدُ الثورة السيّد عبد الملك بدر الدين الحوثي -سلامُ اللهِ عليه- مبادرةً لصرف المرتبات التي نصّت على التزام قيادتنا بفتح حساب بالبنك المركزي بالحديدة باسم مرتبات موظفي، ويتمُّ توريدُ إيرادات الميناء إليه على أن يلتزمَ تحالفُ العدوان ومرتزِقته بفتح نفسِ الحساب في البنك المركزي بعدن، وتُورّد إليه إيراداتُ ميناء عدن، وبقية الموانئ والمنافذ البرية، وتُصرف هذه الإيراداتُ لدفع مرتبات الموظفين بعموم المحافظات وتحت إشرافِ لجنةٍ من الأمم المتحدة.
هذه المبادرةُ كانت قد نُفّذت فعلاً من جانبِ قيادتنا بعد مؤامرةِ العدوان بنقل البنك، بتوجيهٍ من قائد الثورة وصُرفت إيراداتُ الميناء كنصف راتب بين كُـلّ فترة وأُخرى لموظفي الدولة، والأمم المتحدة كانت تعلمُ بذلك عبرَ مبعوث أمينها العام السابق إسماعيل ولد الشيخ آنذاك، وهذا الأمرُ أزعجَ تحالفَ العدوان ومرتزِقته وجعلهم يشعرون أن قائدَ الثورة بخطوته هذه أفشلَ الهدفَ الثاني من مؤامرتهم بنقل البنك، وهو إيقافُ صرف المرتبات نهائياً.
ما يعني أنهم كانوا يعلمون بزيفِ إشاعتهم المشار إليها أعلاه، وهدفهم منها هو تبريرُ السيطرة على الحديدة، أمامَ الرأي العالمي لاحتلالها كهدفٍ استراتيجي لهم لتحقيق ثلاث غايات استراتيجية لهم:
الغاية الأولى/ إحكامُ السيطرة على البحر الأحمر كهدفٍ رئيسٍ للعدوان، يسعى النظامُ الصهيوأمريكي لتحقيقه.
الغاية الثانية/ إغلاق المتنفس الوحيد الذي يعتمد عليه أغلبيةُ الشعب اليمني للحصول على كميات الغذاء والدواء والمحروقات التي يسمح بها تحالفُ العدوان.
الغاية الثالثة/ حرمانُ الموظفين من نصف الراتب الذي يُصرف لهم من إيرادات الميناء بين كُـلِّ فترة وأُخرى، في طريق هدفهم الأكبر والمتمثّل بالاستيلاءِ على إيرادات ميناء الحديدة والاستيلاء عليها.
إذن فإيقافُ صرف مرتبات موظفي الدولة خُصُوصاً الموظفين في المناطقِ الخارجة عن سيطرتهم الذين يمثّلون الغالبيةَ العظمى، هو هدفٌ رئيسيٌّ لتحالف العدوان، وما زالوا مصرين عليه، والأمم المتحدة متواطئةٌ معهم وتسيرُ معهم في اتّجاه تحقيقه من البداية، وهدفهم من ذلك استخدامُ الموظفين كورقةِ ضغطٍ على قيادتنا الثورية والسياسية وعلى حكومة الإنقاذ، من خلال إثارة الموظفين عبر الإشاعات الكاذبة وعبر أدواتهم للإضراب وتوقيف العملِ في مؤسّسات الدولة، ودفعهم للخروج بمظاهراتٍ احتجاجيةٍ؛ للمطالبة بصرف مرتباتهم واستغلالها لشقِّ الجبهة الداخلية المواجهة للعدوان ونسف وجود الدولة وإدخال المجتمع في فوضى لا تتوقّفُ..
لقد كانت قوى العدوان ومرتزِقته يعتقدون أن الموظفين أغبياء سينساقون نحوَ مخطّطهم من ثاني شهر لوقفِ مرتباتهم، لكن هذا لم يحصل؛ لأَنَّ الموظفين هم جزءٌ من الشعبِ اليمني المُسلّح بالوعي، وهم أكثرُ وعياً وإدراكاً بمثل هذه المخطّطات وكل المخطّطات التي تستهدفُ وطنَهم وشعبَهم، فهم الشريحة المثقّفة والواعية والأكثر تمييزاً بين الحقِّ والباطلِ، والأعظم معرفةً لعدوِّهم وعدوِّ وطنهم، ويعرفون جيَدًا من الذي نقل البنكَ وهدفه من نقل البنك وتسبّب بوقف مرتباتهم، ومن الذي ينهبُ ويعبثُ بمواردهم وثرواتهم، التي كان من الممكن أن تكفيَهم كمرتبات لأكثرَ من اثني عشر عاماً، ويعلمون صدقَ قيادتهم ونزاهتها، ويستشعرون رعايتها لهم، ونضالها من أجلهم وجهودها في سبيلِ صرف حقوقهم؛ ولذلك فقد آثروا الصمودَ رغم فاقتهم وعزموا على خوضِ التحدّي رغم شدتهم، وقرّروا مواجهةَ كُـلِّ مؤامرات العدوان حتى تحقيق النصر عليه، فانتصروا عليه في هذه المعركةِ انتصاراً ساحقاً وألحقوا به العارَ والخزيَّ في جريمته الإنسانية بحقِّهم.