كيفَ تستثمرُ أمريكا الغباءَ العربي؟!
الهدهد / مقالات
رياض محسن
يُقدّم العربُ الأغبياءُ أنفسَهم كخطِّ دفاع متقدّم لأمريكا في كلِّ حروبها بالمنطقة وخارجها، ومما يثير الشفقةَ أنهم لا يأخذون درساً ولا يفهمون عبرةً.
في ثمانينيات القرن الماضي حشدت أمريكا عشراتِ الآلاف من المقاتلين العرب إلى أفغانستان بتمويلٍ سعودي قطري لمحاربة الاشتراكية السوفييتية، نتج عنها انهيارُ وتفككُ الاتّحاد السوفييتي في العام 1991م وصعود الولايات المتحدة كقطبٍ وحيدٍ متحكّم بدول العالم كلِّه، بعد أن كان هناك معسكران، شرقي بقيادة القيصرية الروسية وغربي رأس مالي بقيادة أمريكا الليبرالية.
وبعدما حققت أمريكا غرضَها من فتح باب الجهاد في أفغانستان وقطفت ثمرةَ غباء العرب، أعادت من حشدتهم مقاتلين كدعاةٍ إلى أوطانهم الأصلية تحت مُسمّى (العرب آلافغان)، مما شكل البذرة الأولى لتنظيم القاعدة وداعش ونظيراتها من التنظيمات الإجرامية، حيث استغلتها مرةً أخرى في ضرب الشعوب وابتزاز الأنظمة وتدمير الأوطان.
اليومَ وما أشبهه بالأمس، يتم الترويجُ من قبل حلفاء الولايات المتحدة وأبواقها لمذابح ومجازر وانتهاكات ضد أقلية “الايغور” المسلمة في جمهورية الصين الشعبية، وأن المساجدَ قد هُدمت والبيوتَ يتم تسويتُها بالأرض والرجال معتقلون والنساء مغتصباتٌ، وبالنظرِ إلى الواقع نجدُ أن نفسَ هذه الانتهاكات والجرائم والقصف قد حدثت فعلاً ولكن في الجمهورية اليمنية جهاراً نهاراً منذُ خمس سنوات، المنفّذُ هو نفسُه المتباكي على أقلية “الايغور” النظام السعودي والإماراتي، وبتسليح وإشراف مباشر مِن الغرب الذي جنّد الآلافَ من أبناء هذه الأقلية كإجراميين يقتلون الشعبين العراقي والسوري، مرتكبين أبشعَ الجرائم وأشنعها والتي لن تُمحى من ذاكرة الإنسانية وتلك الأبواق ابتلعت ألسنتها عن نقل أنين وصوت ومظلومية شعبٍ يُقتل ويُحاصر لمدة 5 أعوام عجاف.
وإذا نظرنا إلى تاريخ وآنية هذه الحملة على جمهورية الصين، وإذا ربطنا بين مجمل الأحداث التي تجري على الساحة الدولية، نجدُ أن الهجمةَ أمريكيةٌ بالأساس، إذ إن الحربَ التجارية بين الصين والولايات المتحدة في ذروتها، مما يهدّد الزعامة الأمريكية على العالم، ويفسح المجالَ أمام التكنولوجيا الصينية كخيارٍ آمن وسهل في مقابل الاحتكار الأمريكي للتكنولوجيا وارتفاع أسعارها واستخدامها للتجسّس ضد جميع الشعوب لصالح أخطبوط الموساد الذي يضرب كلَّ من يحاول التحرّرَ من التبعية الغربية.
التقاريرُ الاقتصاديةُ العالميةُ تُشير إلى الصين كبديلٍ حتميٍّ للهيمنة الأمريكية، ففي كلِّ عام تتضخم مديونيةُ الخزانة الأمريكية ويضعف الناتجُ القومي في حين أن الكفةَ تترجح لصالح جمهورية الصين الشعبية، وجميعُ الظروف مهيأةٌ لها، ذلك يجعلُ من دوائر صنع القرار والدولة العميقة تُصاب بجنون البقر وتوعز لشبكاتها الاستخباراتية في كلِّ العالم إلى توجيه حملات استهداف للصين تارةً بالمظاهرات والاحتجاجات في هونج كونج، أو باستخدام شماعة الأقليات المسلمة.
ما يجبُ اليومَ على عقلاء العرب أخذُ العبرة من كلِّ حروب أمريكا في المنطقة واستقراءُ العلامات السابقة واللاحقة، فالمؤمنُ لا يلدغُ من جحرٍ مرتين، واللهُ غالبٌ على أمره.