“ولاة حين مناص”
الهدهد / مقالات
العلامة / سهل إبراهيم بن عقيل *
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ* مِن شَرِّ مَا خَلَقَ* وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ*وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ* وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ).
هي السعادة من الرحمن الرحيم لجميع خلقه ليريهم رحمته عليهم وأنه الرؤوف الرحيم، وأن بعض خلقه أشر من الشيطان الرجيم أعدى عدوٍ للإنسانية، الذي يلعنه الله قبل وجوده وبعد وجوده.. حتى في تشهدنا (التحيات المباركات الصلوات الطيبات): (أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب جهنم ومن شر المسيخ الدجال) وهو الأعور، فما بالك وهو الاعمى الآن..
أقذر القذرين يشار إليهم (بقزازة) ويا ليتهم يفهمون، ولكنهم لا يفهمون ولو جئتهم بكل آية ما اتبعوا القبلة وما استمعوا إلى حق، ولا اتبعوه ولا قبلوه، فهم المصيبة في الدين والدنيا، التي ليس لها من دون الله كاشفة، صبها الله امتحاناً على المستضعفين في الأرض لا على المؤمنين فقط.. فهم العذاب الذي يَعُمُّ البَرَّ والفاجر، والله يختص برحمته من يشاء، فنسأله أن يخصنا برحمته.. وكما عاتب سيدنا (موسى) ربه، نقول لله الرحمن الرحيم:( إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء).
هذه هي الحقيقة عندما نسمع كل الإذاعات، لجميع الاتجاهات والمآرب، مغلفة وصريحة، يحكي بعضها خنوعاً واستكانة ورضى بالواقع.. ولكن الواقع يقول الله في تغييره إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
وهنا سؤال: هل نستطيع أن نغيِّر ما بأنفسنا حتى نرى ما حولنا بعين التجريد، عين لا تنطق عن الهوى، ولا تأخذها في الله لومة لائم؟!.. فإن حصلنا على هذه النظرة، حتى وإن كنا في أشد الشدة، وبدأنا بتغيير ما بأنفسنا، وتحقيق حق وتغيير باطل، استطعنا أن نقفز إلى النصر بخطوات مسرعة لا تقبل التلكؤ.
اضرب بيد من حديد، ولا تأخذك الملامة (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ) اعدلوا: فعل أمر، (هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) ليس لتقوى الذات فحسب، بل لوقاية الإنسانية، وإقامة حق ليس في حق فرد، ولكنه في حق عقيدة ومسيرة.. فليفهم هذا من فهم ومن جهل فهو في ظلماته لا يخرج منها أبداً في حياته، حتى يذهب إلى ظلمات أكبر بعد وفاته، (قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
يقولون إننا في عصر السرعة، وإنه الآن قد لا توجد مسافات، وعندما لا توجد مسافات لا تكون أزمنة.. فإذا انعدمت الأزمنة، صار ما يجب أن نكون قبل التردي في ما سيكون.. هذا ما نقوله، ولسنا بالفلاسفة، ولا بالسياسيين، ولا بمن يعرف السياسة.. فالبدار البدار قبل أن تقطعنك حتوف الممات.
* مفتي محافظة تعز