خيانة القرن
الهدهد / مقالات
الفضل يحيى العليي
منذ زمن والعرب يعيشون حياة الذل والخنوع والعمالة للدول الغربية تحت ذرائع عدة يتذرع بها الحكام العملاء في الوطن العربي.. البداية كانت من وعد وزير الخارجية البريطاني بلفور لليهود بالتخلص من اليهود وإيجاد وطن لهم خارج أوروبا وإيجاد قوة تهدد الدول العربية وتبتزها على الدوام.. وحدث ذلك بعد أن تم الاستيلاء على الدول العربية المهمة بتسهيل وحماية مجموعة أسر لحكمها بدءاً بأسرة آل سعود وآل نهيان أسر ملكية تحكم العراق والأردن.
ولكي يعرف القارئ بعضا من ملامح الخطة المشؤومة ، فهي تستهدف حكماً ذاتياً فلسطينياً محدوداً يطلق عليه اسم دولة في حدود 70% من الضفة الغربية، يرتبط بغزة في ما يشبه الكانتونات الممزقة، بلا اتّصال جغرافي ولا سلاح ولا سيادة ولا قرار أمني. إنه سلام الإذعان والقوة وتجريد الفلسطينيين من أية حقوق منصوص عليها في القوانين والقرارات الدولية، ومن بينها حق العودة.
و«حل واقعي بدولتين على أن تكون القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، والاعتراف بسيادة إسرائيل على أراض محتلة ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، وتجميد النشاط الاستيطاني لمدة أربع سنوات”.
هذا وقد جرى استدعاء «صفقة القرن» إلى العلن، رغم عمق المعارضة الفلسطينية الجماعية للانخراط فيها، واعتبار القبول بها خيانة وطنية، وفق تعبير الرئيس الفلسطيني محمود عباس. حاول ترامب، باغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، تأكيد صورة «الرئيس القوي»، غير أنّ التداعيات أفسدتها وجلبت اعتراضات عليها من داخل حزبه نفسه، لكنّه استخدمها مجدّداً في سياق استعراض خدماته لإسرائيل، التي تضمّنت نقل السفارة الأميركية إلى القدس وإلغاء الاتفاق النووي الإيراني والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السوري المحتل.
ومن خلال متابعتي، فقد خلف إعلان الخطة المشؤومة موقفاً صريحاً من الرئيس التونسي سعيد رفضه بشدة وكذلك الرئيس التركي الذي قال أن «الخطة تشريع للاحتلال»، وإنه «لو تخلّى كلّ العرب عن فلسطين فهو لن يتخلّى عنها وسيحمي القدس». أما بقية الروساء العرب والدول الإسلامية لا مواقف واضحة لهم أو لا يمتلكون الشجاعة أو لا تهمهم قضية فلسطين.
أما الفلسطينيون فقد أجمعوا بقلب رجل واحد على رفضهم «صفقة القرن»، وقرروا مواجهتها بشقّيها السياسي والاقتصادي مهما كلف الأمر.
المشهد لمن كان متابعاً لإعلان الصفقة التي احتاج عرضها وفهمها إلى ساعات من بعد مؤتمر دونالد ترامب، واقتصر الوضع الميداني على مسيرات في الضفة وغزة، وعقد اجتماع طارئ في رام الله بمشاركة لافتة من «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، في وقت سارعت فيه إسرائيل إلى إعلان جملة تسهيلات اقتصادية لغزة نُظر إليها على أنها محاولة لشراء الهدوء.. لكنّ ما أوجع الفلسطينيين أكثر هو الخيانة العربية الواضحة، ليس بالمشاركة في المؤتمر أو المواقف العلنية المرحبة بالصفقة فحسب، بل بظهور الأيادي العربية في صياغة بنود الخطة الأميركية، بل تمويلها بالمليارات!
ومما يثلج الصدر هو خروج العديد من المظاهرات الرافضة لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في المنطقة الإسلامية، والتي عرفت بـ”صفقة القرن”.. إذ خرج مئات المحتجين في الأراضي الفلسطينية والأردن والجزائر وتركيا وماليزيا؛ للتعبير عن رفضهم لخطة ترامب، وانتقادهم للمواقف العربية «المتخاذلة».. أما بلادنا فقد رفضت الصفقة رفضاً قاطعاً عبر أداة المجلس السياسي الأعلى والشعب اليمني حيث قامت مسيرات حاشدة رافضة للصفقة في مختلف المدن اليمنية.. فالشعب اليمني يعتبر قضية فلسطين قضيته الأولى وأن طريق المقاومة هو الوحيد الذي سيعيد فلسطين مهما كانت التضحيات.. وقد تميزت اللافتات التي رفعها المتظاهرون بعبارات «القدس قدسنا وفلسطين قضيتنا»، و «صفقة القرن خيانة»، و «فلسطين أمانة الإسلام في أعناقنا»، و«صفقة القرن.. من لا يملك أعطى لمن لا يستحق» و «تحيا فلسطين.. الخزي والعار للخونة».
وفي الأخير تهدف الصفقة المشؤومة (صفقة العار) إلى تحويل الفلسطينيين إلى شعب مثل التبتيين أو الأكراد، ليس لهم أمل حقيقي في تأسيس دولة مُستقلة خاصة بهم.. وهذا لن يحدث طالما أن هناك شعوباً عربية تعشق الجهاد والشهادة وترفض الاستسلام.. وستبقى فلسطين والقدس عربية بعون الله.