ثورة ١١ فبراير كانت وما تزال الخطوة الأولى لثورة ١٤ من سبتمبر رغم انحرافها
منير اسماعيل الشامي
كلنا عايشنا وتعايشنا مع ثورة ال(١١) من شهر فبراير ثورة شاركت فيها كل فئات الشعب ومكوناته المختلفة الحزبية والقبلية وشهدنا احداثها من بداية انطلاقها ومرورا بالمنعطفات التي مرت بها بمحاولة الاخوان السيطرة عليها والاستفراد بها وقيام السعودية بدفع المجرم علي محسن لاعلان الانضمام إليها واستغلاله لها حزبيا من خلال تجنيد الآلاف من عناصر حزب الاصلاح وانعكاس ذلك على تحولها من ثورة شبابية حرة تطالب بحقوق الشعب، وتنادي برفع المظلومية عنه إلى ثورة اخوانية وتحت الوصاية السعودية هدفها الاستيلاء على كرسي الحكم والحقائب الوزارية والخروج منها بنصيب الاسد كهدف حزبي ضيق مقابل ابقاء الشعب في معاناته وفرض استمرار مظلوميته كواقع لا مناص له منه ولا مهرب.
ومن اسوأ النتائج التي ترتبت على فرض الوصاية السعودية على ثورة ال (١١) من فبراير أنها منحت الحصانة لأركان النظام السابق بقرار سعودي من مختلف الانتماءات بإعتبارهم الجنود المخلصين للنظام السعودي واركان عمالته واياديه الخبيثة في اعاقة الشعب عن تحقيق اي تقدم او احراز اي تنمية حقيقية تخرجه من واقع البؤس والشقاء الذي اختارته له مملكة الاجرام وفرضته عليه بكل اساليبها الماكرة طوال عقود مضت، وهم نفسهم اليوم مرتزقتها الذين يقاتلون في صفها طوال فترة عدوان تحالفها الاجرامي
وهكذا تقزمت ثورة (١١) فبراير واصبحت خاضعة لوصاية الدول العشر التي تضامنت للدفع بها نحو ما يتوافق مع مصلحة نظام الرياض جملة وتفصيلا ومن سعى لإجهاضها بات اليوم يقاتل مع اعداء اليمن.
وبسبب ذلك تحولت تلك الثورة من مفهوم الثورة الواسع إلى مسمى ازمة وتحول حراكها من حراك ثوري مطالب بالتغيير الجذري إلى مجرد فعاليات احتجاجية محدودة ومقزمة محسوبه على كل الاطراف المشاركة فيها إلا طرف واحد فقط لم يستسلم لذلك الواقع وظل مصرٌ على التمسك بمفهوم الثورة الواسع ومحافظ على حراكه الثوري المشروع ضاربا كل الضغوط التي فرضت عليه جدر الحائط ومستمر في المضي في نهجه الثوري مطالبا بحقوق الشعب ومدافعا عن مظلوميته حتى يكتب الله له النجاح او يخرج اخر رمق من أنفاسه وهو مكون انصار الله.
وبحكمة السيد قائد المسيرة وطبقا لتوجيهاته السديدة انطلق انصار الله في مسارين هما التمسك في مسار الحراك الثوري المجسد للثورة الحقيقية المطالبة بالتغيير الجذري والشامل لواقع الشعب والكفيل برفع معاناته واخراجه من بوتقة البؤس والشقاء
وتمثل المسار الثاني في مجاراة المسار السياسي المفروض من الدول العشر، والذي تجسد بالمبادرة الخليجية والخطوات التي تضمنتها بما فيها مؤتمر الحوار الوطني.
ولأن المبادرة الخليجية كانت تهدف إلى تحقيق النجاح في واحد من خيارين تمثل الخيار الأول محاولة إعادة إنتاج النظام السابق وفرضه على الشعب اليمني من جديد وتمثل الخيار الثاني بدعم وتمكين حزب الاصلاح والجماعات الارهابية من السيطرة على الدولة ومفاصلها وقواتها وتحويل اليمن إلى أكبر بؤرة للإرهاب في العالم في حالة فشلهم في الخيار الاول .
غير ان استمرار الحراك الثوري الفعال والسلمي لأنصار الله اربكهم واعاقهم عن تحقيق الخيارين السابقين الذي سعت الدول العشر لتحقيق احدهما مما دفعهم إلى توسيع عمليات الاغتيال لكوادر وقيادات انصار الله المدنية والعلمية خاصة أولئك الذين جعلوا مؤتمر الحوار الوطني منبرا لكشف خفايا المبادرة الخليجية وتوعية الشعب اليمني وتفهيمه بأنها مؤامرة خليجية بكل ما تعنيه الكلمة أمثال البروفيسور احمد شرف الدين والدكتور عبدالكريم جدبان والاعلامي عبدالكريم الخيواني وغيرهم
في عمق العاصمة صنعاء وخارجها ونفذوا عمليات اجرامية كثيرة في كل مكان
إلا أن عمليات الاغتيالات تلك لم تثني انصار الله ولم تخيفهم بل على العكس كانت كل جريمة اغتيال لواحد منهم تمثل لهم طاقة جديدة لمواصلة حراكهم الثوري ودافع قوي يزيد من عزمهم واصرارهم على الاستمرار في ثورتهم
وبذلك فقد استمرت ثورة الانصار من ١١ فبراير رغم انحراف مسارها وظلت متواصلة إلى أن نجحوا في تحقيق الانتصار للشعب بإعلان ثورة ال ١٤ من شهر سبتمبر الخالدة عام ٢٠١٤م والتي كانت اول ثمارها قطع كل ايادي العمالة السعودية والخيانة الوطنية بمختلف انواعها واشكالها الحزبية والقبلية والسياسية والتي كانت تمثل الدينمو المحرك للوصاية السعودية على الشعب اليمني
وهذا ما يؤكد ان ثورة ال (١١) من فبراير تعتبر الخطوة الأولى لثورة ال (١٤) من سبتمبر ولن ننكر ذلك لمجرد انحرافها عن مسارها لأسباب مرتبطة بمكونات تسعى لتحقيق مصالحها الضيقة على حساب مصلحة الشعب وتتاجر في معاناته طوال العقود الماضية