النباء اليقين

سننتصر بهويتنا

الهدهد / مقالات

عبدالرحمن الأهنومي

«ببركة الهوية الإيمانية سننهض نهضة حضارية تحقق لبلدنا الاستقلال التام والحرية والكرامة ، وكل الانتصارات قي العمليات الكبرى كالبنيان المرصوص ونصر من الله وفي الكثير من الجبهات تنبهنا إلى ما تعنيه الهوية الإيمانية»

هذه العبارات من خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين حفظه الله أمس بمناسبة جمعة رجب ، الذي طرق فيه الأبعاد العملية لما تعنيه الهوية الإيمانية ، وكيف أن التمسك بها كقيمة معنوية وسلوك عملي ، سينجز لشعبنا استقلالا كاملا لا تبعية فيه لأحد.

على هذا النحو فإن الهوية الإيمانية ستصنع بلدا مستقلا في قراره السياسي وفي موارده الاقتصادية وفي ثرواته وفي احتياجاته ، ومن تجليات الهوية وعظمتها ، اليقين الذي يحمله خطاب السيد القائد في تحقيق ذلك بما يعكسه من صدق الانتماء ، وأصالة الهوية ،وحكمة التصرف والقرار ، ووضوح الرؤية ، وذلك هو ما جعل من شعبنا استثنائيا يصنع المعجزات وسيكون له دور محوري كما أكد على ذلك السيد حفظه الله.

تأسست الدولة الإسلامية في المدينة المنورة على أساس من الهوية الإيمانية التي وضع قواعدها رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، وكانت المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، انعكاسا قيميا وعمليا لهوية الإيمان ، غير أن تتالي الانحرافات التي بدأت بابتعاد الأمة عن أمر الولاية التي أمر الله بها ، انسحبت على الهوية الإيمانية نفسها ، وهنا تكونت مفاهيم غير صحيحة للهوية ، نتج عن ذلك سلوكيات غير سليمة ، كذا فإن بدائل الهوية الإيمانية لم تفتح آفاقا جديدة ، فتقزمت الأمة إلى طوائف ومذاهب ودول وكيانات وأحزاب وجماعات ، وتحولت «بدائل الهوية الإيمانية» إلى حشد من العناوين المختلفة أخذت طابعا متضادا ومتصارعا ، وقد فشل بديل الهوية في العناوين الدينية في توحيد الأمة ، وعجز البديل الوطني والقومي عن بناء مجتمعات تحمل ولاء وطنيا ذا طابع عملي يعيد الاعتبارات للأولويات وفق مقتضيات سليمة ، ثم لاحقا صار الحديث عن هوية إسلامية متعارضة مع بديل موصوف بالهوية «الوطنية» ، ثم مع ظهور الأيدولوجيات القومية والماركسية بدأت مسألة الهوية تأخذ طابعا أمنيا متشددا على إثر ذلك فرضت السلطات أنظمة أمنية صارمة داخل المجتمع وحتى داخل الأسرة الواحدة ، هذه الأيدولوجيات تشددت في اعتبارات الهوية الوطنية ، اعتقدت أنها بذلك تبني ولاء وطنيا وإرادة وطنية مستقلة ، غير أنها في الحقيقة لم تكن إلا امتداداً لإمبراطوريات وأجندات استعمارية ، ولم تحقق أي معنى للاستقلال ، ولا للوحدة بين الأمة ، على أن الحل في الهوية بمعناها الإيماني السليم ، وهو الذي يرتكز عليه مشروع المسيرة القرآنية ويكوِّن منطلقاتها.

وقد رسَّخ حفظه الله في خطابه أمس بجمعة رجب تأكيد الحضور الإيماني بالهوية في جوانب التنمية والاكتفاء الاقتصادي ، معتبرا ذلك مهما في مواجهة الحرب العدوانية ، إذ أن الهوية لا تقتصر على ما نحمل من عقائد ونؤدي من فروض وصلوات وشعائر؛ فحتى الاكتفاء الذاتي والتحرر من الاعتماد على الواردات ، يعد تمظهرا هاما للهوية الإيمانية بما تقتضيه من الاستقلال عن سطوة الهيمنة الاقتصادية التي تفرض على شعوب العالم بحكم القوة وبحكم الاتكال على المنتجات الخارجية ، وعلى هذا النحو دعا قائد الثورة إلى توجيه رؤوس الأموال اليمنية نحو تحريك الاستثمار الذاتي في الداخل.

أما في الجانب السياسي فقد أشار السيد إلى أن ما كان سائدا من هيمنة أمريكية على القرار قد عكس ضياع البوصلة والتيه الذي كان سائدا في مرحلة حكم النظام السابق ، وليس أدل على ذلك تدمير أسلحة الدفاع الجوي ، فالحالة المهينة تلك تعكس حالة الأنسلاخ من الهوية الإيمانية ، وفي هذا المقام نذكر أن الخائن علي عبدالله صالح اعتبر اليمن في مراحل حكمه بابا مفتوحا للأمريكيين كما تشير وثائق ويكليكس وقد ورد في مضمونها ما نصه «اليمن باب مفتوح لكم ، وسنقول للناس بأن الصواريخ التي تقصفون بها هي صواريخنا وقنابلنا» ، وعلى هذا النحو مثلت ثورة 21 سبتمر العظيمة الحل الأسلم لإسقاط الهيمنة الأمريكية ، وتحرير القرار من الوصاية ، وما هو مطلوب اليوم لتحقيق الاستقلال والنهوض بالبلاد أن نتمسك بالهوية الإيمانية ، ونتحد حول مفاهيمها العملية.

لا بد أننا سنخرج من الحرب العدوانية على اليمن ببلد مستقل وأقوى ، بحكمة ورؤية القائد يحفظه الله ، وصمود الشعب اليمني العظيم ، وبطولات المجاهدين ، وبتمسكنا بهويتنا وبضرورة التوحد حول المفاهيم العملية للهوية الإيمانية التي تقتضي مقاومة كل محتل وغاز ولفظ كل عميل وخائن ، وشعبنا موعود بالنهوض وإرساء دعائم الاستقلال والنماء ، ما دام متمسكا بالهوية الإيمانية ويلتزمها قيمة وموقفا ويمارسها سلوكا وعملا.

يمكننا أن ننجز استقلالا كاملا لشعبنا رغم الظروف والعدوان والتضحيات، إذ أن قائد الثورة مؤمن بشعبه الذي صمد وقدّم التضحيات، ويراهن عليه يمكننا ذلك ، لأن قائدنا يحرك الجبال الشماء ، ويستنفر كل شيء بما في ذلك القيم والمبادئ وفطرة الإنسان وغيرته وكرامته ومن كل هذا يصنع المعجزة.