أمريكا وأدواتها ..ما خفي أعظم
الهدهد / مقالات
عبدالله علي صبري
لا شيء يمكنه أن يبرر تلك الفضيحة الصادمة والخيانة القبيحة، ومع ذلك تتبارى أدوات أمريكا في الدفاع عن جرائمها وجرائمهم بحق الوطن، وعلى عكس الفطرة السوية وفي اتجاه على الضد منها يعمد البعض من تلك الأدوات الرخيصة إلى محاولة التهوين من شأن العمالة القميئة، ويقدمونها عملا وطنيا جديرا بالفخر، ولا عجب “فمن هان سهل الهوان عليه” ومن فرَّط في الصغيرة لا يلبث حتى يقترف الجريمة الكبرى، وقد ران على قلبه وسمعه وبصره، فلا يرى إلا صدى المديح والتطبيل، لكل ما اقترفت يداه من خيانة للوطن أو سفك للدماء البريئة ودون وجه حق.
مع ذلك ربما جاز السؤال، ما الذي كان يخيف أمريكا من أسلحة الدفاع الجوي اليمنية، وهل كان في الأمر تخطيط مبكر لاحتلال اليمن كما يقول البعض،؟ أم أن الموضوع برمته كان عملا عبثيا كشف حقارة وانحطاط من كانوا على رأس السلطة وأجهزتها المفصلية، ومدى استعدادهم لتلبية المطالب الأمريكية وبغض النظر عن انتهاك السيادة أو العرض والشرف؟
لكي نفهم جانبا من الحقيقة، يتعين العودة إلى الوراء قليلا، وإلى أحداث 11 سبتمبر 2001م على عين التحديد، حين انتفضت امريكا باتجاه الثأر من الإرهاب والإرهابيين الذين كانوا من صنع سياساتها ومخابراتها، فاتجهت إلى أفغانستان والعراق وأعلنت احتلالهما دون حرب حقيقية.
كشفت أمريكا عن الوجه القبيح وهي تحتل الشعوب وتقتل الأبرياء وتتوعَّد بالمزيد والمزيد، بزعم محاربة الإرهاب وضمان أمنها القومي، ومن سوء حظ اليمن أن قياداته السياسية والدينية كانت قد دخلت في اللعبة الأمريكية منذ تصدير ” المجاهدين” إلى أفغانستان، وتوظيفهم بعد عودتهم في الأزمة والحرب بين قوى الحكم حينها( المؤتمر، الاشتراكي، الإصلاح).
وبعيد احتلال العراق تحدثت وسائل إعلامية بأن اليمن على قائمة الأهداف، ولا شك أن الإدارة الأمريكية قد خاطبت صنعاء بلغة صارمة، جعلت الرئيس الأسبق يهرول إلى واشنطن لا يلوي على شيء، وحين عاد صالح وانفجرت حرب صعدة الأولى، كان واضحا أن صفقة كبرى قد جرى الاتفاق على تفاصيلها، وبات مطلوبا من صنعاء سرعة التنفيذ على الأرض لا أكثر..
تريَّثت واشنطن في استخدام القوة العسكرية حتى حين، ولكنها وجَّهت أدواتها الجديدة للعمل على تفكيك قدرات الجيش اليمني، وسحب أية قوات ثقيلة فاعلة من أبناء القبائل، حتى تصبح اليمن لقمة سائغة في الوقت الذي تريده أمريكا، وبالفعل فقد جاء العدوان السعودي الأمريكي واليمن منزوعة السلاح تقريبا، والجيش الرسمي في حالة تفكك وهوان غير مسبوقة، وهذا ما أغرى العدوان الذي ظن أن بمقدوره الدخول في حرب خاطفة مضمونة النتائج، فوجد مجتمعا مسلحا بالوعي والإيمان وإرادة الثبات، وفي الوقت الذي باشرت أمريكا هجمتها على العالم الإسلامي بزعم محاربة الإرهاب، شهدت صعدة الأبية تبلور مشروع أنصار الله على يد السيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، فكانت ” الصرخة ” ولا تزال حادية الصمود والانتصار.