رسالة الجوف.. الوطن سيرفع بيارق النصر
الهدهد / مقالات
عبدالرحمن الأهنومي
من حوف إلى ميدي ، ومن باب المندب إلى صعدة ، من الشمال إلى الجنوب ، ومن الشرق إلى الغرب ، دروب الكرامة تروي يمنا عصيا على الغزاة ، وبلدا دفنت رماله جيوش واحتلالات وإمبراطوريات كبرى ، فهذه مدينة الحزم عاصمة محافظة الجوف.. فيها مقبرة جماعية لجيوش الرومان والبيزنطيين ، الذين أُبيدوا في مغامرات العصور القديمة.. حتى اللحظة ما تزال «الحزم» هي الحزم نفسه ، واليمن «مقبرة الغزاة» تذيقهم مرارة الهزائم ، وتعلّم العملاء والخونة أن الكرامة قيمة تنتمي لهذه الأرض ، وثقافة ترتبط بالإنسان منذ ولادته يمنيا.. ولتسمية اليمن بمقبرة الغزاة دلالاتها العميقة ، تخطها راهنا وقائع الميدان وخرائط معارك تحرير الأرض وتطهير البلاد من دنس الغزاة والمرتزقة.
منذ عملية «نصر من الله» ، ثم «البنيان المرصوص» وصولا إلى عملية «فأمكن منهم» ، تمضي قواتنا المسلحة في معركة تحرير الأرض ضمن استراتيجية حرب التحرير الوطنية بمفهومها الشامل في تحرير كل شبر يمني ، وفرض سيادة الجمهورية اليمنية على كامل التراب أيضا ، وفي هذا الطريق يمضي أبطالنا في إسقاط ألوية وجيوش وأحلاف ، ويكنسون أوهاماً ومشاريع ومؤامرات وخرائط تفتيت وتقسيم وتجزئة ، ويفرضون يمنا واحدا ، ومسارا واحدا وهو أن اليمن سيدحر المرتزقة والعملاء ويسقط المؤامرات وينتصر.
منذ زمن مضى لم يتوقف أمراء وملوك مملكة العدوان السعودية عن رغباتهم الجامحة في الاستيلاء على الجوف وصحراء الربع الخالي ، وقد حاولوا مرارا التهام الأراضي الحدودية ، وعلى وجه أخص في المناطق الغنية بالنفط ، وما حدث منذ خمس سنوات هو إعلان رسمي لتحقيق مشاريعهم الاحتلالية البغيضة والمرتبطة عضويا مع مطامع أمريكية وإماراتية حقيرة ، وترتكز على خلفيات سلطانية عثمانية توسعية إخوانية الهوى يغذّيها حقد شخصي.. فالتهام صحراء الربع الخالي والمناطق النفطية في الجوف والمهرة وحضرموت ظل حلما مستحيلا لأمراء وملوك مملكة العدوان ..، لما تتمتع به الجوف من جغرافيا حاكمة تجمع بين صنعاء وصعدة وعمران ، ولما تمثله مارب أيضا من أهمية استراتيجية إمكانات جعلت منها خزانا بشريا من المقاتلين المرتزقة المجمعين من كل المناطق ، وقد استخدمها مركزا لعمليات النظام السعودي في إسقاط الشريط الحدودي والسيطرة عليه ، ولهذه المهمة أوجد تحالف العدوان خبراء وضباطاً «سعوديين وأمريكيين وإماراتيين» كانوا يديرون المعارك إلى ما قبل يومين من استعادة قواتنا لمدينة الحزم في بداية مارس الحالي. حاول التقدم والوصول منها إلى مناطق متقدمة في صعدة وعمران.
مع عودة محافظة الجوف ومديرياتها إلى سيطرة الدولة ، وتطهيرها مع مدينة «الحزم» التي أخضعت خمس سنوات لأوامر «الضباط السعوديين» ، لا شك أن عمليات القوات المسلحة ستتواصل نحو تطهير محافظة مارب التي تخضع أيضا لإمرة «ضباط سعوديين» على رأسهم المدعو «عبدالحميد المزيني» ، وقد راهن تحالف العدوان «السعودي الأمريكي الإماراتي» على أن إسقاط الجوف ، ستمنحه السيطرة على كبرى مدن اليمن وعاصمتها صنعاء ، فكانت مركزا للقيادة والعمليات الخاصة بإدارة معركة إسقاط العاصمة ، ومن خلالها أراد السيطرة على المناطق الحدودية وإسقاطها وعزلها.. وهناك أيضاً ما هو على غاية من الأهمية الأمنية والاستراتيجية، ذلك أن استعادة القوات المسلحة للجوف والتوجه نحو تحرير مارب تعني بكل بساطة ودون طول شرح أن مشروع الكانتونات الانفصالية والأقلمة الذي أراده حلف العدوان مطية لوضع اليد على مناطق النفط والثروة واحتلالها بالقوة وبالاستناد إلى مرسوم التقسيم، بات مستحيل التنفيذ ، فقد وضعتنا عمليات الجيش واللجان الشعبية أمام معطيات جغرافية جديدة تطيح بالأوهام والأحلام وتنسف كل ما أملوه من عدوانهم.