ماذا سيحمل العام السادس من العدوان على اليمن؟
شارل ابي نادر
لم تتاخر كثيرا وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية في إعطاء إشارة بدء العام السادس من معركة الدفاع عن اليمن كما يجب أو كما تفرضه معركتها، وحيث دأبت خلال الخمس سنوات التي مضت، وفي بداية كل عام، على توجيه رسالة غنية بالمؤشرات الميدانية والعسكرية والسياسية، والتي تحدد مسار استراتيجية المعركة، وقد كان لرسالة بدء هذا العام عدة أبعاد غير مألوفة، يمكن تحديدها بالتالي:
* البعد العسكري والميداني
أعلن المتحدث العسكري اليمني عن تنفيذ عملية عسكرية نوعية هي الأهم في بداية العام السادس، تتمثل باستهداف مزدوج بصورايخ باليستية وبطيران مسير، لأكثر من هدف في العمق السعودي وفي المحافظات الجنوبية (عسير ونجران وجازان)، وذلك بطريقة متزامنة تقريبًا،. وحيث لم يعطِ تفاصيل محددة عن الأهداف، حملت العملية بخطوطها العامة بعدًا عسكريًا يجب التوقف عنده.
– أظهرت العملية إمكانية استهداف أكثر من منطقة متباعدة عن بعضها بعضاً، بنفس الوقت وبأكثر من نوع من الأسلحة الاستراتيجية، أي الصواريخ الباليستية والطيران المسير، وأيضا من خلال التنويع بين الصورايخ والطائرات المسيرة تبعًا لمدى الهدف، ذو الفقار وصماد 3 على الرياض ( 800 كلم ) وقاصف 2 كي وبدر، على المحافظات الجنوبية (بين 300 و500 كلم)، وهذا تقدم لافت في مناورة أسلحة الردع، يؤشر لامتلاك قدرة مناروة مؤثرة على العدوان، لدرجة تمنعه من التحكم بوسائل الدفاع، والتي هي أساسًا كانت مقصرة عن إصابة تلك القدرات النوعية اليمنية.
– بعد فشل أنظمة الدفاع الجوي السعودية وكالعادة في أسقاط تلك القدرات، أصبح واضحًا أن تلك الوسائل استسلمت أمام القدرات اليمنية، بالرغم من بعض المعطيات عن تزويد تلك الدفاعات بأنظمة متطورة، حيث امتلكت الوحدات اليمينة القدرة على الاستهداف الاستراتيجي ساعة تريد وأين تريد، وهذا الموضوع الأخير يعتبر نقطة رابحة لا يمكن من خلالها بعد الآن تجاوز ما تفرضه من رسائل ردع صادمة، من الطبيعي أن العام السادس سيكون مُشبَعا بهذه الرسائل.
– ميدانيًا: جاءت العملية الأخيرة في استهداف الرياض ومحافظات الجنوب السعودي، لتتوج عامًا من مسلسل العمليات البرية الكبرى، مثل “نصر من الله” في نجران و”البنيان المرصوص” في نهم والحزم، و”فامكن منهم” في الجوف، وحيث تم في العمليات المذكورة تحرير مناطق واسعة وحيوية من الشرق والشمال الشرق اليمني، بالإضافة لإخراج الآلاف من مرتزقة العدوان من المعركة، يمكن القول إن العام السادس سوف يكون عام استكمال التحرير، وتفيد المعطيات الميدانية أن مأرب، مدينة ومحافظة ستكون الهدف الأقرب.
* البعد الاستراتيجي
صحيح أن ما حققته وحدات الجيش واللجان الشعبية اليمنية، كان لافتًا على صعيد المعركة البرية الواسعة، وعلى صعيد المناورة الميدانية في استغلال صعوبة الجغرافيا وتضاريس الأرض في معركة الصمود والدفاع والهجوم، ولكن كانت عملية تطوير وتصنيع القدرات الاستراتيجية لافتة أيضا، فيما حققته في الميدان داخل اليمن وخارجه، ولافتة أيضا في كسر معادلة عالمية كانت ثابتة حتى الآن، وهي استحالة قدرة دول فقيرة ومحاصرة على تصنيع وتطوير صواريخ باليستسة أو طيران مسير ومنظومات دفاع جوي، حيث الأخيرة وصلت لدى اليمنيين لمستوى متقدم جدا، فرض نسبة غير بسيطة من التوازن الاستراتيجي بمواجهة القاذفات الأغلى والأكثر تطورًا في العالم.
واخيراً، قد يكون الأهم فيما حملته من رسائل أول وأهم عملية في العام السادس، هي العملية بحد ذاتها بعد خمس سنوات من الحرب، وحيث من المفترض بعد عدوان وحرب واسعة من قبل تحالف من دول اقليمية وغربية على دولة صغيرة محاصرة، أن تفقد الأخيرة القدرة، حتى على الدفاع والصمود، لتكسر الأخيرة المعادلة المفترضة، وتكون هي الطرف المبادر والمهاجم، والذي يضع العدوان في ورطة الاختيار، بين متابعة حربه الخاسرة والتخبط في مستنقع الفشل والهزيمة، وانتظار الكثير من العمليات التي ستسبب له (الوجع)، أو بين الاستسلام وخسارة الموقع والأهداف والمصالح التي أملت عليه قرار عدوانه.
عميد متقاعد في الجيش اللبناني