جائحة کورونا تكشف زيف مزاعم الرياض وتعرّيها
الهدهد / متابعات
غالبا ما تلجأ الانظمة المستبدة الى اسلوب تلميع وجهها القبيح أمام الرأي العام المحلي والعالمي، ولا شك أن هناك العشرات من الأبواق المحلية والأجنبية التي تزمر لها وتزوق لها مواقفها وتصريحاتها وتشرح سياساتها، وتضخم ما تسميه بمشاريعها وانجازاتها، وغالبا ما تزين أفعالها وسلوكياتها القذرة سواء ضد المعارضين من الشعب أو الاقليم أو العالم.
من يسمع ويقرأ عن حكومات الاستبداد سيتصور ان البلدان التي تحكمها لا مثيل لها في العالم، فهي متقدمة على بلدان العالم في كل شيء، ولكن كلما اقترب المرء منها وسبر أغوارها، انبعثت الرائحة النتنة منها، وتبين ان كل ما يقوله المرتزقة عنها أكاذيب ودجل، ولم يقولوه أو يكتبوه ايمانا منهم بها وانما بريق حفنة النقود التي حصلوا عليها جعلت ضمائرهم في اجازة قسرية.
يكفي أن يقع حدث كبير في هذه البلدان ليرى الجميع الحقيقة كما هي، ويكتشفوا زيف مزاعم وادعاءات الحكومات، خاصة وأن هذه الحكومات تقف عاجزة عن القيام بأي عمل لانقاذ البلد من الورطة التي وقعت فيها، واجتياح فايروس كورونا المستجد بلدان العالم هو خير مثال على ذلك، حيث عرّى تفشي وباء كورونا الكثير من الحكومات الاستبدادية وكشف حقيقتها أمام العالم قبل شعبها.
نظام آل سعود هو أحد الأنظمة الاستبدادية التي فضحها هذا الوباء وكشفها على حقيقتها أمام الجميع، ولو لم يكن كذلك فلماذا يخشى النظام من البوح عما يجري بل ويحرص على التكتم على الوضع ويلاحق كل من يقوم بتسريب معلومة مهما كانت صغيرة.
اقرأوا ما كتبه المغرد الشهير “مجتهد” في حسابه على “تويتر” والذي أضاء فيه جزءا بسيطا من الحقيقة: “الأرقام الحقيقية للوباء في كافة المملكة مخيفة، أكثر من ١٠٠٠ حالة في مستشفى الشميسي – الرياض، مع مئات الحالات في المستشفيات الأخرى هذا سوى الآلاف في الحجر دون مستشفى، في مكة تخصيص مستشفى الملك عبد العزيز إضافة لمستشفى النور للوباء، في مكة ٥٠ عنصرا من الطاقم الطبي مصابون، سلسلة من المباني والفنادق في كافة المدن للحجر، العدد الكلي عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف، أجهزة الفحص قليلة ولا تزال أجهزة قديمة تعطي النتيجة بعد أيام رغم توفر أدوات الفحص على شكل علبة تعطي النتيجة خلال دقائق،ابن سلمان يفرض حظر التجول الكامل ولا يريد أن يعترف بالرقم الحقيقي“.
ربما كشف “مجتهد” جانبا صغيرا جدا من الحقيقة، فمع سياسة التكتم الواسعة، والقمع المستشري في المملكة فان الحصول على المعلومات الحقيقية يعد من المستحيلات، وهنا ينبغي لنا أن نتساءل، لماذا لا تتصرف السلطات السعودية بطريقة طبيعية وتعلن بكل شفافية وصراحة عما يجري شأنها شأن معظم الدول؟
هناك أربعة أسباب رئيسية:
أولا: أن الكشف عن حقيقة ما يجري سيستوجب منها فرض الاجراءات اللازمة في هذا الاطار، ومن بين الاجراءات التوقف عن العمل، أسوة بجميع الدول التي شهدت تفشي الفايروس، غير أن التوقف عن العمل يكلف السلطات السعودية ثمنا باهظا، خاصة وأنها مضطرة لسداد تكلفة العدوان على اليمن.
ثانيا: ان الكشف عن حقيقة ما يجري، ربما يؤدي الى فوضى اجتماعية واسعة، نتيجة القلق الذي يسود المجتمع جراء ما يحدث، ولذلك فان السلطات تلجأ الى تبسيط الأمور وتحجيمها.
ثالثا: لتبقى الاجواء السائدة في المملكة أجواء قمع واضطهاد وحالة من الطوارئ والاحكام العرفية ليتمكن ولي العهد محمد بن سلمان من ملاحقة ومطاردة خصومه ومعارضيه، تحت هذا المبرر.
رابعا: لكي لا تنكشف حقيقية مزاعم السلطات السعودية في انها حققت انجازات باهرة وعظيمة في المجال الطبي والصحي، وهذا هو بيت القصيد، فلقد صدعت سلطات الرياض رؤوسنا من الكلام المتكرر والممل حول الانجازات التي حققتها والمشاريع التي افتتحتها والمكاسب التي حصلت عليها، ولا يمر يوم الا وتطالعنا وسائل اعلام السلطة بحفنة من الانجازات والمشاريع.
لو كشفت السلطات السعودية عن حقيقة ما يجري ومدى تضرر البلاد من انتشار وتفشي فايروس كورونا، سيتساءل المواطن العادي، اذن، أين المزاعم والادعاءات التي تتبجح بها السلطات كل يوم؟ اذا كانت السلطات ملأت المباني والفنادق بالمصابين بالفايروس (كما يقول مجتهد) فاين المستشفيات العملاقة التي بنتها الحكومة وتتسع لمئات المرضى؟
لاشك أن هذا التساؤل سيتبعه تساؤل آخر، من عموم المواطنين، وهو، اذا كانت كل هذه المشاريع كاذبة ومزيفة، فأين ذهبت الأموال المخصصة لها، واذا لم تكن هناك مشاريع في الاساس فاين تذهب أموال الشعب؟
وهنا بيت القصيد والمحذور الذي تخشى السلطات أن يصل اليه كل مواطن سعودي، فعندما يبحث ويتقصى عن الموضوع سيصل الى الحقيقة الصادمة، وهي أن أمواله، ينهبها الامراء والأسرة الحاكمة، وتنفق على قتل اليمنيين وتدمير ممتلكاتهم وثرواتهم، وعلى المرتزقة والعملاء في انحاء العالم، وعلى الجماعات الارهابية هنا وهناك، وعلى المؤامرات التي تحيكها حكومته ضد هذه الدولة أو تلك، وعلى الذين ينشرون التكفير في المملكة وخارجها.
*صالح القزويني