من نفاوض عملياً؟!
الهدهد / مقالات
سند الصيادي
لطالما سعى البعضُ إلى اعتبارِ مصطلح العدوان السعودي على اليمن، أَو حتى مصطلح الحرب السعودية على اليمن بكونها مصطلحاتٍ سياسيةً موجهةً تعبّر عن قناعات طرف من أطراف الصراع، وَيسعى من خلالها إلى أن يتموضعَ باسم اليمن والزج بالسعودية كطرف رئيس وتهميش الأطراف الداخلية وأسباب الصراع الداخلي.
كانت ذرائعُ أولئك أن السعوديةَ وتحالفها يقدّمون دعماً لقوة موجودة على الأرض تحت أي مبرر أَو شكل من أشكال الدعم، وَكانوا يستندون في رهاناتهم لنفي حقيقة هذه المصطلحات، باعتقادهم أن هذا التحالف سينتصرُ ثم ينهي تدخُّلَه بتمكين القوة التي يدعمها من الحكم في اليمن، وفي أسوأ الأحوال قد يمارس وصايته غير المباشرة عليها.
هذا ما حرصت على توصيفه المنظومة الدولية المهيمنة سياسياً وإعلامياً في البداية، ومعها طابور طويل من مرتزِقة الفكر والسياسة، رغم وضوح النوايا والمقاصد وضوح الشمس في كَبَدِ النهار، غير أننا نتحدّث اليومَ بلغة الميدان بعد 5 سنوات من الصراع، والذي أفرز وقائعَ ميدانية لم تعد قادرةً على إخفائها وكالاتُ الأنباء ولا شاشاتُ التلفزة.
فقد انتصر المشروعُ الوطني، وَتهشمت تماماً أقنعةُ التستر بالداخل، وَانتهى مصطلحُ “الشرعية” ميدانياً بفضل قوة وعزيمة رجال اليمن بالجبهات.. وانكشاف الأهداف والأجندة السعودية الإماراتية الأمريكية في اليمن من وراء هذه الحرب من خلال مشاريع التقسيم والسيطرة وَطريقة التعامل مع أدواتهم المحلية، وبات العالمُ كلُّه يرى الصراعَ كما نراه نحن بدون أية عمليات تجميل أَو مكياج.
ولعل أبلغ دليل يمكن أن يفهم منه طبيعة ما آلت إليه تحوّلاتُ الصراع، هو قناعة الأدوات المرتزِقة نفسها بأن المناطقَ المحتلة -والتي يحرصون على توصيفها بالمحرّرة- خاضعةٌ في إدارتها وَمصيرها لتحالف العدوان، وبأن مسألةَ سقوطها في يد الجيش واللجان لن تكون إلّا نتيجة تخاذل أَو انكسار سعودي إماراتي أمريكي، بل وأبعد من ذلك يتوقعون أن تفاوضَ السعودية بتلك المناطق مقابل أمنها الداخلي، هكذا قالوا وَتبادلوا الاتّهامات بعدما حدث في نهم والجوف، والآن في مأرب.
وبقدر ما تكشف هذه الاعترافات حالةَ الدونية التي باتوا عليها أولئك، بقدر ما تدعم القناعات التي مضى عليها قائدُ الثورة في خطاباته، وخلفه كُـلُّ أحرار الشعب منذُ لحظات ما قبل العدوان، حيث لم يستجد جديد خارج تلك التحذيرات.
اليوم لا قوةَ داخليةً حقيقيةً على الأرض من كُـلّ القوى التي أنشأها تحالفُ العدوان يمكن لها أن تصمد شهراً واحداً في حال أوقف هذا التحالفُ تمويلَها، ولا قرار لها مستقلاً يمكن أن تفاوضها صنعاء بموجبه دون أن يكون قراراً خارجياً بامتياز.. فكيف يكون التفاوض معها، أَو حتى الاعتراف بها منطقياً في ظل هذه الحقائق؟!.