النباء اليقين

بعد اقترابها من النهاية في مأرب.. السعودية تلجأ الى المحظور

الهدهد / مقالات

اسماعيل المحاقري

وضعت المعارك الأخيرة في مناطق الوسط والشمال، جبل هيلان ومديرية صرواح، تحت الأضواء نظرًا لأهميتهما الاستراتيجية في خطة الجيش واللجان الشعبية لاستعادة مدينة مأرب التاريخية، معقل “حزب الإصلاح” وأهم مركز سياسي وعسكري لعمليات تحالف العدوان باتجاه محافظتي الجوف وصنعاء.

خلال الأيام الماضية احتدمت المعارك في جبل “هيلان” الاستراتيجي الواقع في مديرية صرواح غربي مأرب والممتد من منطقة السويداء شرقا بمسافة نحو 14كم إلى المناطق المطلة على مديرية مدغل شمال شرق المحافظة.

ولتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه طيلة سنوات الحرب الماضية أجهد المرتزقة أنفسهم تعويضًا عن خسائرهم ومنعًا لانهياراتهم المتسارعة على أمل إحداث اختراق ميداني في جبل هيلان يمكنهم من قطع خطوط إمدادات الجيش واللجان الشعبية وفرض سيطرة نارية على الطريقين الرئيسيين اللذين يربطان مأرب بالعاصمة صنعاء من جهة مفرق الجوف ومديرية صرواح حسب مديات الأسلحة التي يمكنها عرقلة عمليات التقدم والإسناد.

المرتزقة يخسرون والسعودية تتجاوز كل الخطوط

كل محاولات المرتزقة في هذا المحور باءت بالفشل رغم الغطاء الجوي للطيران المعادي واستخدام قوى العدوان للقنابل العنقودية المحرمة دوليا بكثافة في استهدف المواقع وتمشيط ساحة المواجهات التي تشهد تراجعًا كبيرًا للعدو في ظل تكبده خسائر كبيرة في العديد والعتاد وفق مصادر عسكرية أشارت إلى امكانية التقاء قوات الجيش واللجان المتمركزة في صرواح بالقوات المتقدمة من هيلان لتوحيد الجبهة وتضييق الخناق على المرتزقة.

في محور صرواح نتائج المعارك تكشف عن نفسها، فالنظام السعودي الذي اعتاد أن يعبر عن إخفاقه وفشل أدواته في تحقيق أي من المكاسب الميدانية أو الحفاظ عليها بارتكابه جرائم حرب ضد الإنسانية، ها هو يلجأ لارتكاب المحظور باستهدافه منشأة كوفل النفطية في تصعيد خطير ومتوقع. فالرسالة السعودية من هذا الاستهداف واضحة، وهي أن البنى التحتية والمنشآت النفطية في مأرب ستكون عرضة للقصف والتدمير في حال استمرار العمليات العسكرية لدحر الوكلاء وبالتالي فإن مزاعم وادعاءات إعلام العدوان أن الجيش واللجان الشعبية هما من استهدفاها لا تعدو كونها محاولات يائسة لتأليب أبناء القبائل ضدهم والنيل من حالة الاصطفاف الشعبية لاستكمال عملية التحرير وقطع يد الوصاية الخارجية.

الأهمية السياسية والعسكرية والاقتصادية لمدينة مأرب

لمدينة مأرب – بوابة صنعاء الشرقية – أهمية كبيرة على كل المستويات لا تقف عند تاريخها العريق وحدودها الجغرافية المحاذية لمحافظتي شبوة وحضرموت والجوف بل لناحية اعتبارها مركز ثقل “الإخوان المسلمين” في اليمن وربما المنطقة، وآخر المعاقل السياسية لما تسمى الشرعية المزعومة في محافظات الشمال. كما لها أهمية اقتصادية أيضًا تكتسبها من وجود النفط والغاز في أراضيها وبكميات تكفي عائداتها لصرف المرتبات في عموم المحافظات إضافة إلى اضطلاعها بتوليد الطاقة الكهربائية للعاصمة صنعاء وعدد من المحافظات بواسطة محطة صافر الغازية المتوقفة حاليًا بسبب العدوان.

وباستعادة هذه المدينة التي تشكل معسكرًا يؤوي قيادات المرتزقة من الصف الثاني وما دونهم من ضباط وجنود مرتزقة يتم استقدامهم من مختلف المحافظات، يمكن القول إن مشروع التقسيم والتفتيت الأمريكي بمسمى الأقاليم قد سقط وإن السلطة في صنعاء في المسار الصحيح لاستعادة الدولة وبسط الهيمنة على كامل الأراضي اليمنية إضافة إلى التحكم بمصادر النفط والطاقة بالقدر المتاح وتوظيفهما لما يخدم المواطنين والصالح العام في عموم المحافظات.

المسمار الأخير في نعش الإخوان

معركة مأرب وإن كانت مصيرية بالنسبة للإخوان لاعتبارات سبق ذكرها فإن تحالف العدوان لن يعتبرها النهاية لتدخلاته وسياسته العدائية في اليمن لقناعته باستحالة الوصول إلى العاصمة صنعاء وحسم المعركة عسكريًا لصالحه، وبالعكس قد يكون ذلك دافعًا للسعودية والإمارات لتكريس “الانفصال” في الجنوب وتعجيل الأنشطة المشبوهة والانتقام على طريقتهما الخاصة بتدمير البنى التحتية واستهداف المنشآت النفطية في مأرب.

هذا السيناريو متوقع، ولا يعتقد أن السلطة في صنعاء قد يفوتها الاستعداد لمواجهة هذا المخطط والمؤامرة، اما عن طريق الدبلوماسية، بالتواصل عبر الوسطاء والتوصل إن أمكن إلى تسوية سياسية تضمن فتح الطرقات وتأمينها وإطلاق سراح المعتقلين والمختطفين في سجون حزب الإصلاح والعمل على إعادة تشغيل محطة مأرب الغازية إضافة إلى طرد القوات الأجنبية ووضع حد لنهب الثروات النفطية والغازية من قبل قوى العدوان ومرتزقتهم، أو بالطرق العسكرية، في حال تعنت الطرف الآخر من خلال تصعيد العمليات العسكرية البرية مصحوبة بعمليات رد وردع فرضت بصواريخها الباليستية وطائراتها المسيرة قواعد اشتباك أوسع داخل العمق السعودي واستطاعت في إحدى المراحل وقف نصف انتاج المملكة من النفط الخام، وكل تلك الخطوات من شأنها تغيير مسار الحرب ووضع اليمن، على أعتاب مرحلة جديدة لن يكون للسعودية ومن يدور في فلكها أي نفوذ أو تواجد غير مشروع.