هل يريد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن نجاح مهمته ؟!
الهدهد / مقالات
إبراهيم سنجاب
ميبقاش عدوك أهبل !، كثيراً6 ما سمعت هذه الجملة في حياتي، كنت أفهم منها أن رأيي خطأ أو أني تصرفت في موقف ما بشكل غير مناسب .. تذكرت هذه الجملة الغارقة في قاع الحكمة التاريخية الموروثة لشعوبنا ذات التاريخ الذى يحسب بآلاف السنين، عندما قرأت تصريحات المتحدث الرسمي باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن..
ليس استصغاراً من شأن دول التحالف، ولا تقليلاً من مكانة اليمنيين الرافضين للحرب على اليمن، ولكن الذي يجري منذ خمس سنوات في جنوب الجزيرة العربية لا مسمى له إلا الهزل، هزل في القول وهزل في الفعل وهزل في المقدمات وهزل في النتائج، أو هو السقط، أما عن تقييم ما فات، فليحتفظ كل بتقييمه وبمواقفه، إلا بيارق العملاء والمرتزقة والمنتفعيين والمتقلبين فهم مع الريح إن جاءت من الجنوب أو من الشمال، وسيأتي اليوم الذى يروي فيه التاريخ ما سجله من أفعال ومواقف ستظل باقية رغم أن ذاكرة المخلوق العربي -كما يقال- أضعف من ذاكرة السمكة .
ميبقاش عدوك أهبل
وأما عن مبادرة قيادة التحالف بوقف إطلاق النار الشامل في اليمن لمدة أسبوعين قابلة للتمديد لبناء الثقة واستئناف العملية السياسية استجابة لدعوة الأمم المتحدة …. إلخ فهذا ما ينطبق عليه ما ذكرناه، ميبقاش عدوك أهبل، فلو قال المتحدث باسم التحالف إن دعوته تأتي رداً على مبادرة صنعاء، التي أطلقها من قبل الرئيس مهدى المشاط والتزم بها اليمنيون فعلا، وأوقفوا استهداف المملكة بالصواريخ والمسيَّرات من جانب واحد، لكان أوقع وأقيم، ولو قال إن دعوته خطوة تليها خطوات لجمع الأطراف اليمنية في دولة ثالثة بحضور السعودية والإمارات لكان أوقع وأقيم..
ولو قال إن دعوته تأتي استجابة لمبادرة طرحتها صنعاء على لسان محمد على الحوثي مؤخرا عن استعدادها لحضور عربي وإسلامي ودولي كبير في مفاوضات تجمع اليمنيين والتحالف لكان أوقع وأقيم..
كثيرة هي المبررات التي كان بإمكان المتحدث الرسمي باسم التحالف أن يستند إليها في دعوته غير التي ذهب إليها خاصة التخفيف من معاناة الشعب اليمنى والعمل على مواجهة جائحة كورونا والحد من انتشاره، فآخر من يتحدث عن معاناة اليمنيين هو المتحدث ذاته، وآخر من يستمع إليه عن جائحة كورونا هم اليمنيون، فلم تظهر في اليمن بعد جائحة كورونا وفقا لتقارير الأمم المتحدة ذاتها، فهل سيأتي بها التحالف إلى اليمن؟ إذن ما هي الحكاية؟
لنذهب إلى صنعاء أولا ونسترجع كلمة عبدالملك الحوثي، في مرة نصح الإمارات وأنذرها إن هي صعَّدت في الساحل الغربي، وقد استجابت قواتها تاركة خلفها مرتزقتها وعملاءها، فليكن ولكنها استجابت بشكل أو بآخر .. وفى آخر خطاباته نصح السعودية وأنذرها ولو أن تصريحات المتحدث باسم التحالف هو ما تستجيب به للنصيحة والإنذار، إذن فلا دعوات ولا مبادرات ولا مفاوضات ولا وقف للقتال ولا الاقتتال في ظروف دولية تغيرت كثيرا لصالح صنعاء حتى الآن إذ لا سقف لطموحاتها، ولا خسائر ستخسرها أكثر مما خسرته، بل على العكس لقد ربحت كثيرا جدا..
استباقا للترويج لدعوة التحالف على لسان متحدثه الرسمي وضع الذين مع عبد الملك الحوثي الأمم المتحدة وقيادة التحالف والشرعية وتوابعها في مرمى رؤية سياسية شاملة تقترح حلولا دائمة للأزمة اليمنية بحيث تنهي معاناة الشعب وتضمن حقوقه دون تمييز بين الفرقاء، وقدموها للأمم المتحدة إن هي رغبت في تحقيق السلام في اليمن، أو قل إن هي استطاعت أن تقدم شيئا، وهي العاجزة غالبا عن وضع نهاية لأي صراع، خاصة لو كان عربيا أو أن أحد أطرافه عربي، من نكبة فلسطين 1948إلى مآسي العراق ولبنان والصومال وسوريا وليبيا واليمن، خصوصا الاعتداءات الأمريكية المتكررة دون شرعية دولية، والبلطجة الإسرائيلية في المنطقة … إلخ.
هل يريد مارتن جريفت نجاح مهمته فعلاً؟
لو قال جريفت ما هي مهمته لظهر ذلك من سفرياته ولقاءاته وتصريحاته، ولكنه لم يعلن أبدا عن خطة شاملة قابلة للتطبيق حتى لو رفضتها بعض أطراف الصراع، ومنذ اليوم الذي تولى فيه مسؤوليته، وهو يقدم رجلا ويؤخر الأخرى، بحيث يتعامل مع جزئيات ومواقف بأسلوب ردة الفعل، وهو ما يفهم منه أنه فقط يؤجل الحل لحين توافر أرضية مناسبة تقبل بها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وقيادة التحالف.. في كل مرة يحبط جيش صنعاء ولجانها مخططا للشرعية وتوابعها للاستيلاء على أرض جديدة أو تحقيق انتصارات عسكرية هنا أو هناك، بل إنه ومن تعاسة الحظ تفقد الشرعية كل يوم مساحة سياسية جديدة في الجنوب لدرجة أن قيادة التحالف نفسها أعطت شرعية للمجلس الانتقالي الجنوبي برعاية سعودية، وتفقد على الساحل الغربي أي دور إذ لا يعترف بها من أطلقوا على أنفسهم مسمى حراس الجمهورية، لذلك من المستغرب أن يتمسك المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف بصفته، في دعم الشرعية ، أو بدوره في حل الأزمة اليمنية..
إذن جريفت يريد – يمن تفصيل –لا سيطرة لصنعاء العاصمة على سواحله ولا مصادر دخل لها من ثرواته، فليكن يمنا موحدا أو ليكن مقسما، ليكن ستة أقاليم أو إقليمين، دولة أو دولتين .. ضع من الافتراضات كل ما يرد على ذهنك، ولكن هذا المبعوث في ذمتي، يذهب ويجيء في منطقة هلامية من الأزمة إن لم تؤخر الحل فهي لن تتقدم به أبدا، حتى تتوفر الظروف لمن خلف التحالف لاقتناص صنعاء بمعاونة الخلايا التي ما زالت نائمة، حتى لو كانت بنشر فيروس جائحة كورونا .
والذين معه
هذا الجيل من اليمنيين الأحرار الذين ورطوا المال الخليجي وأذلوا السلاح الأمريكي وفضحوا خذلان النظام العربي ونفاق النظم الإسلامية وارتزاق المنظمات الإنسانية، الجيل الذى ارتقى إلى الواجهة قادما من خلف كل الصفوف دون أن يحسب له أحد حسابا، إنه الجيل الذي سيحسمها إما سلاما للجميع، وإما نارا تأكل كل ما حولها .