العناية بالزكاة وتعزيز التكافل الاجتماعي
الهدهد/ مقالات
عبدالفتاح علي البنوس
أيام قلائل تفصلنا عن حلول شهر رمضان المبارك ، شهر الخير والإحسان ، والذي يحل علينا والعدوان يدخل عامه السادس ، في ظل انقطاع المرتبات واستمرار الحصار ، وتداعيات أزمة فيروس كورونا ، والتي من شأنها أن تزيد من معاناة المواطنين ، وما قد يترتب على انتشار هذا الفيروس من تداعيات في الجانب الاقتصادي والمعيشي والصحي ، وهو ما يتطلب منا جميعا العمل على العناية بالزكاة والحرص على إخراجها حسب ما نصت عليه الشريعة الإسلامية المحمدية ، ففي ذلك براءة للذمة ، وبركة في المال ، وصلاحا للذرية.
الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام ، ولأهميتها قرنها الله عز وجل في كثير من الآيات القرآنية بالصلاة ، وحري بنا اليوم وبعد أن لمسنا عمليا أثر الزكاة بعد تأسيس الهيئة العامة للزكاة كهيئة وطنية ، والتي نجحت في زمن قياسي في خلق حالة من الثقة بينها وبين المواطن المكلف بدفع الزكاة ، بعد أن بات على اطلاع أين تصرف الزكاة التي يدفعها والفئات المستفيدة منها ، فاليوم صارت الزكاة تصرف في مصارفها الثمانية ، وصار للفقراء والمساكين والمحتاجين النصيب الاوفر منها ، وصرنا نشاهد الأعراس الجماعية التي تقام للفقراء والأيتام والمرابطين في الجبهات وأبناء الشهداء بدعم وتمويل الهيئة العامة للزكاة ، وباتت هيئة الزكاة في صدارة المساهمين في مساعدة الغارمين والمديونين الذين يقبعون خلف القضبان على ذمة مبالغ مالية مستحقة للغير ، وديات وحق عام وغير ذلك ، وبات للزكاة أثرها في دعم المجاهدين وتعزيز صمودهم وثباتهم ، وفي جانب دعم الابتكارات المرتبطة بحياة المواطنين والتي من شأن تصنيعها محليا إحياء الكثير من الأنفس التي نال منها المرض ، كما هو الحال مع جهاز الغسيل الكلوي الذي ابتكرته المبدعة اليمنية ريهام المختاري ، وصار للزكاة حضور لافت في مختلف الجوانب التنموية والخدمية ، بعد أن كانت تصرف في شراء أحدث الموديلات من السيارات لكبار مسؤولي الدولة ، ونفقات خاصة بالمشائخ والوجهاء والنافذين.
وصارت الزكاة أحد أوجه تعزيز التكافل الاجتماعي الذي بات اليوم من الضروريات التي يجب علينا جميعا الالتزام بها والحث عليها في إطار الأسر والأحياء والحارات والتجمعات السكانية وخصوصا خلال شهر رمضان المبارك ، فالكل معنيون بتلمس أوضاع بعضهم بعضا وطرق الأبواب المغلقة على أصحابها ، أبواب الأسر المتعففة التي لا تمد يديها للناس ، والتي هي الأكثر استحقاقا للعون والمساعدة من غيرها ، فمن خلال التكافل الاجتماعي سنحل مشاكل الكثير من الأسر ونحد كثيرا من السلبيات التي يعاني منها المجتمع ، وستحيط بنا الخيرات والبركات من كل جانب ، فلن تتنزل علينا رحمات السماء ، ما لم نتراحم نحن فيما بيننا ، فالراحمون يرحمهم الرحمن ، فلو تراحمنا فيما بيننا لما احتجنا للمنظمات ومساعداتها ، وسنجني ثمار ذلك في حياتنا ، وعندما نتحدث عن التكافل الاجتماعي فإننا نخص الميسورين ومن يمتلكون الاستطاعة المادية والمعنوية لتقديم العون والمساعدة انطلاقا من الآية الكريمة (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا).
بالمختصر المفيد :العناية بالزكاة وتعزيز التكافل الاجتماعي ، من شأنها أن تعزز في أوساطنا روح الصمود والثبات ، وتدفعنا نحو تجاوز العثرات والإخطاء وتعزيز الاستقرار وتهيئة الأوضاع للشروع في بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة ، ونشعر من خلالها بأننا نشكل جميعا كتلة واحدة كالبنان أو البنيان يشد بعضنا بعضا ، وصدقوني لو أننا جميعا التزمنا بإخراج الزكاة المفروضة دونما تحايل أو (لف ودوران) لما احتجنا إلى مساعدات ومنظمات ، وسنجد أنفسنا في حالة متقدمة من الاكتفاء الذاتي ، والأمر ذاته ينطبق على التكافل الاجتماعي ، فالله الله في الزكاة ، الله الله في التكافل والتعاطف والتراحم ، وسيبارك الله لنا في أرزاقنا وأنفسنا وأموالنا وأولادنا ، وسيجنبنا الله كورونا وكل الأمراض والأوبئة.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.