الذكرى السنوية لمجزرة حي الرقاص
الهدهد / مقالات
عبدالفتاح علي البنوس
في 11رمضان من العام 1440هـ الموافق 16مايو 2019م وبعد خلود سكان حي الرقاص في العاصمة صنعاء للنوم عقب أداء صلاة الفجر ، كانت طائرات آل سعود تحوم في سماء العاصمة منتظرة وصول المعلومات الواردة من جواسيسها على الأرض والتي كانت ترصد عودة الإعلامي عبدالله علي صبري رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين إلى منزله ، بعد أن قامت بتحديد الشقة التي يسكن فيها مع زوجته وأولاده ووالدته ، وما إن تأكد لهم تواجد صبري في شقته الكائنة بإحدى العمارات السكنية في حي الرقاص ، حتى باشرت بشن غاراتها الإجرامية الهمجية الغادرة التي استهدفت شقة صبري بشكل مباشر .
حالة من الذعر والقلق خيمت على حي الرقاص في صبيحة يوم رمضاني ملطخ بالدماء ، سبعة شهداء وعدد من الجرحى بينهم الأستاذ عبدالله صبري المستهدف من وراء هذه الجريمة البشعة ، والذي كتب الله له السلامة ، لينجو بفضل الله عز وجل فيما سقط ولداه حسن ولؤي شهداء ، وأصيبت والدته إصابة بليغة لترتقي بعد أيام شهيدة ليرتفع عدد شهداء أسرة آل داوود إلى ثلاثة شهداء ، فيما سقط أربعة شهداء من جيرانهم بينهم أحد المعاقين حركيا ، لتضاف هذه الجريمة إلى سلسلة جرائم آل سعود في حق أبناء شعبنا اليمني التي لن تسقط بالتقادم ولا يمكن نسيانها على الإطلاق .
القصف ألحق الكثير من الأضرار بالمنازل المجاورة ، وما تزال شواهد هذه الجريمة في ذكراها السنوية الأولى ماثلة للعيان ولا يزال أهالي حي الرقاص يتذكرون تلكم اللحظات العصيبة التي عاشوها عقب تنفيذ المجزرة البشعة ونداءات الاستغاثة وطلب النجدة التي كان يطلقها المصابون من تحت الركام ، صلف ووحشية يهودية سعودية تذهب بهم لاستهداف حي سكني مكتظ بالسكان الأبرياء الذين لم يقترفوا ذنبا ولم يرتكبوا جريرة حتى يعاقبوا بالإبادة الجماعية بتلكم الطريقة الوحشية .
يجندون الجواسيس والعملاء لاستهداف صحفي سلاحه قلمه ، وضميره الوطني اليقظ الذي لم يتاجر به ، ويبيعه في سوق العمالة والخيانة والارتزاق ، يمتلكون إمبراطورية إعلامية ، وجندوا آلاف الكتَّاب والصحفيين والناشطين والحقوقيين والإعلاميين لشرعنة عدوانهم والدفاع عن جرائمهم ومجازرهم الوحشية وتقديم المبررات لها ، والعمل على تلميع وتحسين صورتهم وسمعتهم أمام الرأي العام ، وضاقوا ذرعا من “عبدالله علي صبري” صاحب القلم الحر والخلق الرفيع ، لأنه لم يهتف بالحياة لملك الزهايمر سلمان ولم يرفع شعار (شكراً سلمان) ولم يقف في صف العدوان ، ولم يعلن الولاء للشرعية الدنبوعية المزعومة ، ووقف إلى جانب وطنه وأبناء شعبه ، وسخَّر قلمه لفضح العدوان وجرائمه ، وإطلاع العالم على مظلومية الشعب اليمني ومعاناته جرَّاء العدوان والحصار ، فكانت كتاباته لسان حال المستضعفين ، التي كان لها وقعها على قوى العدوان ومرتزقتهم ، مما دفع بهم إلى استهداف منزله بغية الخلاص منه ، ولكن الله سلم ، وكتب له الحياة ، ليواصل مقارعته للعدوان بعزيمة أمضى وإرادة لن تلين .
بالمختصر المفيد مجزرة حي الرقاص شاهد عيان على مدى التأثير الذي يلعبه أصحاب الأقلام الحرة ، والضمائر الحية من الكتَّاب والإعلاميين الوطنيين الذين تجندوا للدفاع عن هذا الوطن المعطاء ، بعد أن رفضوا كافة الإغراءات المالية التي قدمها العدوان ومرتزقته لهم مقابل شراء أقلامهم وضمائرهم ، وفضَّلوا البقاء في وطنهم ، والدفاع عنه بأقلامهم التي يصل تأثير بعضها كتأثير الرصاص في المعركة ، رغم ظروفهم الصعبة ، ومعاناتهم الكبيرة ، إلا أنهم سجلوا مواقف خالدة تشرئب لها الأعناق وفي مقدمتهم الأستاذ القدير “عبدالله علي صبري” الشهيد الحي الذي أرعب الأعداء بقلمه البالستي اليمني الذي كان وما يزال وسيظل مفخرة لنا جميعا .
صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً وعملاً متقبلاً وإفطاراً شهياً وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .