ليحق الحقَّ بكلماته
الهدهد / مقالات
ماجد جدبان
عندما نقرأ التاريخ وسيرة النبي -صلوات الله عليه وآله-، بداية من غزوة بدر الكبرى التي كانت أول غزوة يخوضها الرسول والذين معه من المؤمنين الصادقين مع المشركين وقريش، كانت هذه الغزوة تحمل بين طياتها دروساً وعبراً للأُمَّـة أجمع؛ لأَنَّها كانت تمثّل بداية ملحمة مع طواغيت قريش وكانت بين خيارين، إما الغزو والحرب أَو التقطع لقافلة قريش، لكن القرآن أخبر المؤمنين بالأولى وهي المواجهة بعد أن نصح بعضُ الصحابة الرسولَ -صلوات الله عليه وآله- بالتراجع عن قرار الحرب، ليأتي الحق يجعلهم في مرحلة صعبة وهي المواجهة، فكانت غربلة للمسلمين من أول يوم خرج فيه الإسلام بقيادة رسول الله لمواجهة قريش بقيادة أبي سفيان.
وكأن الأحداث تحكي لنا الصراع بين الحق والباطل ومعرفة القيادة الصحيحة لرسول الله وتلقي الأوامر من الله تعالى في خوض المعركة والتغلب على الأعداء في أول معركة فصلت بين الحق والباطل، في يوم سمّاه الله بيوم الفرقان، فرّق الله به بين الحق والباطل وبين الرسول -صلوات الله عليه وآله- وبين أبي سفيان، وبين معاوية والإمام علي -عليه السلام-، وبين يزيد الطاغية والإمام الحسين -عليه السلام-، وهكذا إلى أن يردا عليَّ الحوض كما رُوي في الحديث الشريف لن يفترقا.
لكن المؤسف أن أُولئك الذين خرجوا بقيادة رسول الله، شاهرين سيوفهم تحت راية الحق لمواجهة الباطل، ذات يوم وخلال فترة قصيرة رأيناهم شاهرين سيوفَهم للخروج على من قال عنه الرسولُ: “علي مع القرآن والقرآن مع علي”، وفي حديث آخر: “أنت مني بمنزلة هارون من موسى”، ليؤدي بهم الانحراف عن الرسالة إلى سقوط وصي رسول الله شهيداً في محراب مسجده وبسيف محسوب على أمته ورجل شقي يتبع من حَكَم الأُمَّــة وتسلط على رقابهم باسم أمير المؤمنين، بعد أن قتلوا وصي رسول رب العالمين، تجمع الشقاء والانحراف والظلم والزيغ والكفر والجرم والتولي لمن قال عنهم الرسول لوصيه وبعد أن سمعه أُولئك الأشقياء: “ستقتلك الفئة الباغية”.
نعم، سقط علي شهيداً وسقط أُولئك في مكر المضلين وبين مخالب المشركين، وقريش منهم من يفتي بعزل الإمام علي، وأحاديث رسول الله ومنهم من أقصى الإمام علياً وأُقصي القرآن معه، ومنهم من اعتزل، ومنهم من ارتد، ومنهم من سكت وظل ساكتاً على الظلم الذي لحق برسول الله وعلي وأهل بيته إلى اليوم، ومنهم من قاتل وقُتل في سبيل معاوية ويزيد وعمرو بن العاص باسم التحكيم المخادع آنذاك.
لنا الدروسُ والعبر في كُـلّ ما جرى حتى لا نكون مثلهم ونحن نعيش في مكر اليهود والنصارى، وهم أشد مكراً من أُولئك، وهم أشد نفاقاً وبغضاً للإسلام والنبي والرسالة، وحقدهم على الرسول وأهل بيته يجعلهم يتحَرّكون أكثر مما تحَرّك أُولئك لإضلالنا وإبعادنا عن الرسالة وعن محمد -صلوات الله عليه وآله-، وعن أهل بيته وإقصائنا عن ولايته كما أقصوه عن القرآن، يتحَرّكون وبشتى الوسائل وأنواع المكر والخداع لجعلنا مخدوعين، ونقاتل تحت راية الباطل بدلاً عن أن نقاتل ونستشهد تحت راية محمد وأهل بيته، وللأسف لقد جنّدوا الآلاف من العرب لقتال راية محمد وتحت راية اليهود والنصارى ووقوفهم مع الباطل ضد شعوبهم وإخوتهم وتجنيدهم كجنود مجندة لأمريكا وإسرائيل، وباسم دين محمد -صلوات الله عليه وآله- يوجهون بنادقهم وآلياتهم وطيرانهم ومدافعهم على أُمَّـة محمد، والذين يدينون دين الحق كما شهر ابن ملجم وأُولئك الأشقياء سيوفهم في محراب الكوفة والنهروان وصفين.