زهراء العصر… شريكة في الصمود والتنمية (1)
ابراهيم الهمداني
استحقت المرأة اليمنية الفوز بلقب “زهراء العصر” عن جدارة، نظير سبقها في ميدان الاقتداء بنموذج الكمال البشري، (فاطمة الزهراء عليها السلام)، وفوزها الساحق في مضمار البذل والعطاء والتضحية، وتجسيدها أرقى مظاهر التضحية والصبر والثبات، ووقوفها إلى جانب شريكها الرجل، لتقاسمه الوجع، وتشاركه المسئولية، ثم تحملها عنه، إن هو ارتقى شهيدا، لتنفرد بكامل المسئولية، وإذا كانت قد ثكلت الرجل، وفجعت به من موقعها، سواء أكانت أمَّاً أو أختا أو بنتا أو زوجة، فإنها قد حملت إلى جانب الثكل، وألم الفراق، وغياب السند والعون والملاذ الآمن، مهمة القيام بدوره ومسئولية تنفيذ مهامه، ومواصلة مسيرته في الحياة، واقتفاء أثره الجهادي في سبيل الله، ولا نغالي إذا قلنا إن مسئولية حماية أيتامها الصغار من مخاطر الحاجة، وكمائن الانحراف ومسالك الضياع، إنما هي جزء بسيط من المسئولية الكبيرة، التي أثقلت كاهلها، وهي تسير وحيدة – بعد فقدها عائلها وشريكها وسندها – في دروب الحياة، لتكمل أداء مناسك الاستخلاف البشري، وتؤدي ما عليها من نذور وقرابين، تقربا إلى الله تعالى، تارة من موقعها النسوي، وتارة وهي تقضي فروض شريكها الرجل، فما أعظمها من مهمة، وما أخطرها وأثقل حملها.
يمكن القول إن المرأة اليمنية، وهي تقف إلى جانب شريكها الرجل، في مواجهة هذا العدوان البربري الغاشم، قد ضربت أروع الأمثلة، وسطرت أعظم المواقف، واجترحت أرقى البطولات، وحققت أبهى المعجزات، من خلال إيمانها الراسخ، بعدالة قضيتها، وضرورة تقديم التضحيات في سبيلها، ويقينها بعظمة دورها الجهادي، ومسئوليتها أمام الله تعالى، في مقام التكليف بمهام الاستخلاف بالتساوي مع شريكها الرجل، الذي قد يغادرها – في أي لحظة – مرتقيا إلى السماء، ممتطيا صهوة الشهادة، لتحمل بعده مسئولية كبيرة، تنوء بحملها الجبال، وحملا ثقيلا، لا تزيدها وطأته إلا صبرا وثباتا، ولا تثنيها فداحة الفقد، عن المسارعة في البذل، والسبق في العطاء، والعشق الدائم للتضحية، وتقديم الشهيد بعد الشهيد، في ثبات وصبر وصدق، وعزة وشموخ وتحدٍ، أذهل العالم، وإيمان وتصديق ويقين بوعد الله، ورضى بما عنده، وزكاء نفس وسمو روح، وطهارة قلب وإخلاص، منقطع النظير، تعجز عن وصفه الكلمات، وتقصر عن الإلمام بأدنى ذرة من ذراته، الأساطير والحكايات.
تلك هي المرأة اليمنية، التي تعثر الجود في مقام عطائها وسخائها، وعجز الوفاء في مقام إخلاصها، وتزلزلت الشم الرواسي الشاهقات أمام ثباتها وصمودها، وخرت النجوم بين يدي عظمتها وجلالها، وأناخت الأفلاك صلاة القداسة في مداراتها، ولهجت السماوات بتسبيحات ملائكتها إكراما لجلال مرتقاها، وطمعا بالانتماء إلى فيوضات إيمانها.