المَراكز الحُقوقية والمَوقف الدّولي مِن توثِيق جَرائم العُدوَان
الهدهد / مقالات
مطهر يحيى شرف الدين
لا يخفى على أحد من المهتمين والمعنيين بتوثيق ورصد جرائم العدوان الدور المهم والبارز للمراكز والمنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية في رصد وتوثيق الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها تحالف العدوان السعودي الأمريكي بحق الشعب اليمني ومقدراته وبنيته التحتية وقيامها بإدانة مرتكبي الجرائم وتحميل قادة دول العدوان المسؤولية القانونية والأخلاقية عن ارتكاب تلك الجرائم، ومطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بضرورة تشكيل لجنة دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في الجرائم والانتهاكات المرتكبة والتي تم توصيف كثير منها على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي الإنساني من قبل منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وغيرها من الكيانات الأممية..
ومنذ بداية العدوان على اليمن ومع كل جريمةٍ يتم ارتكابها لا تألو تلك المراكز والمنظمات غير الحكومية جهداً في التحرك الفوري والانتقال إلى واقعة الجريمة وقيامها بتصوير الدمار وآثار القصف وإثبات الوقائع وحالة الأشخاص المستهدفين والدمار ورصد وتدوين البيانات وسماع أقوال الشهود والضحايا كمعيار دولي وأساسي لإثبات واقعة الجرائم، والخروج بعد ذلك بملفات حقوقية ليس في محتواها وبياناتها أدنى مبالغةٍ أو شكوك، وبالتالي العمل على فضح الانتهاكات وكشف الجرائم مترجمةً إلى اللغة الإنجليزية لجميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة في الداخل والخارج وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ومحاولة إبرازها للعالم الخارجي بما يضمن كشف المجرمين وإظهار حجم وكمية الجرائم والانتهاكات إلى المجتمع الدولي والمنظمات الدولية السياسية والحقوقية والإنسانية..
وذلك بهدف لفت انتباه العالم شعوباً وأنظمة بمدى وحشية دول العدوان الظالم والسافر وإجرامه غير المبرر على اليمن ومدى انتهاك التحالف العسكري العالمي للقوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية التي أهمها اتفاقيات جنيف الأربع، وكذلك مخالفة العهود الخاصة بحقوق الإنسان والمواثيق الدولية وأبرزها م يثاق الأمم المتحدة، وكل ذلك على أمل أن يقوم مجلس الأمن الدولي بإحالة الملف اليمني إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية للبدء في التحقيق..
كانت المراكز والمنظمات المحلية المعنية بالرصد والتوثيق بمثابة عوامل أساسية ومرجعية مهمة في تحقيق التكامل بينها وبين الجهات الرسمية المعنية بالتوثيق القانوني والمتمثلة في أجهزة الضبط القضائي والأدلة الجنائية والنيابة العامة والمحاكم والتي يناط بها مسؤوليات ذات طابعٍ قانوني يصل بالتوثيق الجنائي والقضائي للجرائم إلى حفظ حقوق الضحايا المدنية والشخصية وضمانة المساءلة الجنائية لمرتكبي الجرائم ومقاضاتهم أمام المحاكم الوطنية وفق القوانين اليمنية وأمام المحاكم الدولية كدور مكمل للقضاء الوطني في حال عجز الأخير أو فشله في التعقب والمساءلة والمحاكمة وعدم الإفلات من العقاب..
وإن كان على عاتق الجهات الرسمية تقع المسؤوليات والواجبات المشار إليها في القوانين الوطنية إلا أن قيامها بمهامها في بداية العدوان لم يكن مواكباً وحاضراً مع كل جريمةٍ ترتكب ، لكن يقال أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي..
وإزاء الموقف الدولي السلبي من عدالة القضية اليمنية والمتواطئ مع دول العدوان ولا يزال يحول دون مقاضاة مرتكبي الجرائم والمجازر ومنتهكي قوانين الحرب والعهود والمواثيق الدولية والذين يتحملون المسؤولية الجنائية الشخصية يبقى أن نراهن أولاً : على التمسك بالقضية العادلة والدفاع عنها والثبات على الحق المشروع الذي نقاتل من أجله.
وثانياً : على إعداد وتجهيز ملفات جنائية موثقة ومدعمة بالمقاطع الصوتية لشهادات الضحايا وجمع الأدلة وتحريزها وتحرير محاضر الاستدلالات والتحقيقات وأدلة الإثبات والتقارير الفنية والطبية وكل ذلك يمثل مستندات قانونية وحُجة دامغة لا يستطيع مجلس الأمن والقضاء الدولي إنكارها.
وثالثاً : العمل على تحشيد رأي عالمي مساند للقضية اليمنية العادلة عبر كل وسيلة اتصال متاحة لمطالبة الأمم المتحدة بمساءلة الجناة ومعاونيهم ومحاكمتهم، ولا ننسى ما قام به أحرار برلمانيون وتونسيون وناشطون بريطانيون وجزائريون وموريتانيون في مظاهرات احتجاجية لوقف الحرب الظالمة على اليمن ووضع حد للممارسات الإجرامية العدوانية، وكذلك ما أصدرته منظمات دوليه منها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية التي اتهمت في بياناتها مرات عديدة قادة دول التحالف بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ودعت إلى التحقيق معهم كأشخاص طبيعيين..
وكان ثمة مشروع هولندي قد تقدم بطلب تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة وتم على إثر ذلك دفن المشروع بسبب قيام أرباب المال الخليجي بشراء ولاءات الأنظمة العالمية والمنظمات الدولية والتي وإن طال تعاطفها مع الجلاد وصمتها عن آلاف الجرائم والمجازر والفظائع بحق الشعب اليمني فلن يستمر الضرع الخليجي بضخ اللبن، وسيأتي اليوم الذي تتغير فيه المواقف، فلا بد لليل أن ينجلي، ولا بد للحرب أن تنتهي، وللبغي، أن يفنى وللظالم أن ينحني..
سوفَ تدري دولُ الظلمِ غداً.. أننا بالذّودِ أقوى انتقاما
* المستشار القانوني لمنظمة رائدات العدالة للتنمية والحقوق .