يا ليتَها قالت (الرياض)!
الهدهد / مقالات
عبد المنان السنبلي
وكما أني لستُ أشفقُ اليومَ إلا على ضاحي الخلفان وفهد الشليمي، هذين الأحمقين الذين كانا يتوّعدان من وراء الشاشات عاصمة الصمود وقلعة الأسود – صنعاء باجتياحٍ واقتحام قريب!
كيف سيخرجان وأقرانهما من محاربي ومنظّري عالم ما وراء الشاشات على الناس، وقد علموا جميعاً وأدركوا يقيناً أن حلمَ دخول صنعاء لم يكن سوى ضربٍ من ضروب الخيال أَو الجنون؟!
فَـإنَّني كذلك لستُ أشفقُ إلا على تلك الفتاةِ التي نذرت نفسَها زوجاً لأول مقاتلٍ تطأُ قدمُه أرضَ (صنعاء)!
سِتُّ سنواتٍ وهي تنتظرُ فارسَ أحلامها ذلك المجهول الذي لم ولن يأتيَ على الإطلاق!
كيف ستوفي بنذرها هذا يا ترى وقد علمت وأدركت اليومَ يقيناً أنه لم ولن يأتيَ؟!
رعى اللهُ أَيَّـامَ عسيري، أَيَّـام كانوا يزبدون ويرعدون ويحذّرون ويتوعدون ويستصغرون ويستهزئون ويستكثرون على رجال الرجال صمودَهم وإباءَهم وكبرياءَهم وثباتَهم على أرضهم وحقهم في الدفاع عنها والذود عن حياضها.
أما اليوم ماذا هم صانعون وقد أنطق الحقُّ أخيرًا ناطقَهم وناعقهم الرسمي بما هم يكرهون؟!
ماذا عساهم قائلين والحديث اليومَ لم يعد يدور عن صنعاء ولا ما حول أَو حول حول صنعاء؟!
الحديثُ كُلُّه اليومَ يدورُ عن مأرب وما حول مأرب وما بعد وبعد بعد مأرب، وُصُـولاً إلى ما لم يكونوا يتخيلونه أَو يخطر لهم على بالٍ!
بنبرة المتعربد، خرج ناطقُ أكبر وأعتى تحالُفٍ عرفته المنطقةُ اليومَ يتوسل أبطال اليمن أن لا يدخلوا مدينةَ مأرب!
أيُّ صغارٍ وضَعفٍ وهوانٍ وعجزٍ هذا الذي وصل إليه مثل هؤلاء؟!
ماذا سيحكيه عنهم التاريخ؟!
ماذا ستخبر عنهم تلك الفتاةُ وهي ترى قِطارَ العمر يمُــــرُّ من أمامها دونَ لقاء فارس أحلامها؟!
ماذا ستخبر عنهم وهي تشهدُ عمليةَ وأدِهم ودفنِهم لذلك الحلم المولود ميتاً أصلاً؟!
ليتها لم تقل (صنعاء)!
ليتها قالت (الرياض) مثلاً أَو (أبو ظبي).
ليتها نذرت نفسَها زوجاً لأول فارسٍ يمني تطأ قدماه هناك أَو هناك!
رُبَّما كانت ستلتقي به يوماً هناك أَو هناك!
ربما كانت ستلتقي به لو أنها راهنت على أحدٍ من رجال الرجال لا عبيدَ أرباب العباءات والعقال!
من يدري؟!
أما (صنعاءُ) فالعقلُ والمنطقُ والتاريخُ جميعُها تجزمُ أنها ما طلبت سوى المستحيل.
هارد لك.. فتاة ذلك الحلم الموءود.