توجـيــهـاتٌ ثَــوريـّة.. وانْـطِــلاقـاتٌ مُجـتمَــعيّة
سيف الدين المجدر
في ظل ماتمر به البلد من تحدياتٍ كبيرة نتيجةً لهذه الحرب الشعواء التي تشن علينا من قبل أعداء الأمة، والتي كان للمجتمع فيها الدور الكبير في عملية الصمود والثبات في الجبهة العسكرية من حيث حشد المقاتلين ومن حيث العطاء السخي لهذا الشعب الكريم من أجل حماية الأرض والعرض من جحافل الغزاة والمرتزقة ،كذلك بدأت في الجبهة التنموية تظهر على الساحة منهجية تنموية مجتمعية ذات أبعاد مختلفة وهي تجسد المثل الشعبي “من صابره طل له ” سياسةٌ يمانيةٌ أصيلة، ومثلٌ تتوارثه الأجيال ومعناه “أقم الشيء من بعضه” نعم إنها فلسفةٌ تجسد الإرادة القوية، وتدعو للبناء واستغلال كل ماهو متاح في سبيل نجاح العمل، وتحث على عدم الاستسلام لشحة الإمكانيات.
ونحن الآن أشد احتياجاً لهذه المنهجية، في مسار المشاركة المجتمعية في التنمية حيث أننا نشاهد اليوم ثورةٌ من المبادرات المجتمعية في أنحاء البلاد، ثورةٌ تنموية تجسد عظمة وشموخ هذا الشعب العزيز، في مجال الطرقات والسدود وصيانة الأراضي الزراعية وفي جانب الاستجابة الطارئة، وارتقت المبادرات حتى أصبحت ذات أبعاد مختلفة تحمل دلالة الوعي المجتمعي الكبير، ففي تهامة هناك ثورةٌ مبادراتية عظيمة في مكافحة الأوبئة وردم المستنقعات التي يتكاثر فيها البعوض،انطلقوا ولم ينتظروا “منظمات الوهم ” وهناك أثر صحي إيجابي نتج عن هذا التحرك المُبارك فقد انخفضت مؤشرات الإصابة “بحمى الضنك” وغيرها من الأمراض التي ينقلها البعوض والتي كانت تفتك بأرواح العديد من الأطفال والكبار، وكان المرض يفاقم المعاناة، وتكاليف شراء الأدوية باهضةٌ جداً، ولنا أن نتصور كم أنقذت تلك المبادرة من أرواح وكذلك أنقذت المجتمع من فاتورة الأدوية التي تزيد من المعاناة.
هنا نرى أسلوب جديد وواعي ينتهجه المجتمع لم تنتهجه “المنظمات” من قبل، فقد كانت تكتفي بتقديم القليل من الأدوية و”الناموسيات” تاركةً أسباب المشكلة دون حلول، بل وكأنها بذلك الفعل متضامنةً مع البعوض، والمرض، والمعاناة،والألم، وهي غير جادة أبداً في القضاء على الوباء بشكل تام، كما شاهدنا مبادرات مجتمعية تجلت بها أصالة الإنسان اليمني ، في مجال ترميم الأماكن الأثرية والحفاظ عليها وكذلك ترميم أضرحة الأولياء، في أكثر من منطقة في البلاد، وكان هناك تدخل فني من قبل الحكومة هنا وهناك في بعض الأشياء التي لا يستطع المجتمع أن يوفرها أو يقوم بها، وهنا!!! يتجسد مفهوم منهجية ” من صابره طل له” نعم فالحكومة هي من تطل للمجتمع من صابره(إمكانياته) ولكن بطريقة صحيحة لاتؤثر على مبادراته ولا تسلبه بل تعينه على تنمية الموارد المتوفرة لديه، وكذلك تضمن للعمل الذي قام به المجتمع الاستدامة، وعلى هذا يقاس “إبداع وكفاءة” الجانب الرسمي.
فالمشاركة المجتمعية هي أمر ضروري للنهوض بالبلد وهو ليس أمراً جديداً على الساحة بل إنه شيءٌ رئيسي في معظم الدول المتقدمة، وهو يعكس رغبة المجتمع في المساهمة الفاعلة الحقيقية في التنمية، والمشاركة المجتمعية لا تلغي دور الدولة أو تحجمه!!، بل هي مساندة وداعمة ،وتتيح للدولة التخطيط لما هو أعظم وأهم، فالأمور لن تكون كما كانت عليها، نحن نريد بلد قوي ومتطور في كل الجوانب ولن نقبل بأن نظل على هذا الوضع ولن نألو جهداً ولن نوفر شيءً قد يساعد على النهوض بالبلد، وعلى جميع المسؤولين أن يعوا ذلك جيداً وليعلموا أن الثورة مازالت مستمرة!!! والمعركةُ قائمة، والشعب كل الشعب هو رهن إشارة القيادة الثورية، ولدينا عدو ولدينا عدة جبهات وعدة معارك، ومعركة الجبهة التنموية هي من أشرس المعارك القائمة والقادمة، فلا وقت لدينا للإقناع أو المرونة، نحن في سباقٍ مع عقارب الساعة، ولايوجد أي عذر لأي أحد لأن الشواهد والحقائق “جلية”، والشعب يسلم التسليم المُطلق لتوجيهات “السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي” حفظه الله، والتي كانت واضحةً صريحةً في خطابته وكانت معززةً أيضاً لدور المجتمع في التنمية، وكلُ من “يتوانى” في تنفيذها يعتبر “عدو”!!! نعم إنه عدو لهذا الشعب اليمني العظيم وعدو لمصالحه، وهو غير آبهٍ بكل تلك التضحيات التي قدمت في سبيل الله وفي سبيل العزة والكرامة ومن أجل إقامة بلدٍ قويٍ وعزيز، ودور الحكومة لابد من وجوده لكنه ذلك الوجود الذي يعزز الصمود ويعين على تنفيذ كل مايخدم هذا الشعب والأمة، وليس ذلك الوجود الذي يعرقل عجلة التنمية بحجة المسؤولية و(المركزية!!)،.
ما الضير في أن يتم إسناد المجتمع إذا كان المجتمع هو من يريد أن يبني البلد بتعاونه وبإمكانياته!!!؟، هذا المجتمع العظيم الذي أثبت تميزه وقوته أثناء هذه المرحلة، وما الضير في أن نعمل بجدٍ شعباً ودولة، وأن نفكر “خارج الصندوق!!” ونبتعد عن النهج السابق الذي أثبت فشله!!!؟، إذاً فالمسؤولية باقية ولن يُعفى أي أحدٍ من تحملها ولاكن في مستوى راقي وعظيم وفي إطار استراتيجة تنموية مقاومة، والميدان واسع!!! “جداً جداً”، والشكر لكل الجهات الرسمية التي قدمت التسهيلات وساندت المجتمع في تلك المبادرات بطريقةٍ سليمةٍ تنمي شعور المشاركة المجتمعية في نفوس أفراد المجتمع، وكلُ التحايا للمؤمنين الذين استجابوا لتوجيهات القيادة الثورية والقيادة السياسية، وإن دل ذلك على شيءٍ فإنما يدل على إيمانهم القوي والراسخ، “وقُدُماً قُدُماً “إلى تحقيق النصر العظيم بإذن الله وقوته،
قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).