أرواح بريئة في مهب الريح.. الطفولة في اليمن تدفع الفاتورة الباهضة للحرب
الهدهد / متابعات
ألقت الحرب بظلالها على قطاع واسع من شرائح المجتمع التي تأثرت بصورة كبيرة نتيجة عوامل ناجمة عن سياسة الحصار التي دأبت عليها قوى التحالف.
ملف الطفولة كان ولا يزال في صدارة المشهد من خلال الأرقام الصادمة للأرواح البريئة التي ذهبت نتيجة الصراع الدائر منذ مارس 2015 سواء الضحايا الذين طالهم القصف في مساكنهم، وكذلك من فقدوا حياتهم نتيجة انعدام الدواء والغذاء، أو أولئك الذين تقطعت بهم السبل هرباً من أماكن القتال واضطروا للحياة في ظروف قاسية حينما افترشوا الأرض والتحفوا السماء، تلفحهم الشمس نهارا ويصليهم البرد القارس ليلاً لتكون المحصلة جملة من الأمراض التي استعصى التغلب عليها نتيجة اتساع الرقعة الجغرافية ولجوء أعداد كبيرة من النازحين لأماكن بعيدة لا تتوفر فيها خدمات الرعاية الصحية المطلوبة.
ووفقاً لتصريحات الدكتور يوسف الحاضري ناطق وزارة الصحة في حكومة صنعاء، فإن أكثر من 27 طفلا من أصل 1000 مولود يتوفون سنوياً، وهو ما يكشف حجم الكارثة التي تتهدد جيل المستقبل الذين يدفعون الفاتورة الباهضة للحرب التي فرضتها دول التحالف على اليمن.
الشاب واثق أحمد، أحد المواطنين القاطنين بمدينة ذمار نقل زوجته الحامل إلى المستشفى العام بالمدينة، وأبلغه كادر التمريض أن مولوده يعاني من أمراض في الجهاز التنفسي ويحتاج لنقله إلى قسم الأطفال الخدج حتى تستقر حالته.
لم تمض سوى ثلاثة أيام حتى كان الموت مصير الطفل كما هو الحال بآلاف الحالات المماثلة التي فقدت حياتها بعد وصول المنظومة الصحية إلى مرحلة الخطر وعدم قدراتها على تقديم خدماتها على الوجه الأنسب بعد نفاد مخزونها الطبي.
ومع استمرار الحصار ومنع تدفق المستلزمات الأساسية مثل الغذاء والدواء بصورة منتظمة، يظل مستقبل أطفال اليمن في مهب الريح لا سيما وأنهم لا يحصلون على حقهم في الرعاية الصحية والحصول على الجرعات الروتينية من التحصين بالإضافة إلى الاشكالات الناجمة عن دخول شحنات من الأغذية الفاسدة أو اللقاحات المنتهية ، ونقص الكميات الكافية من المحاليل الخاصة بمرضى الفشل الكلوي والسكر والكبد وغيرها من الأمراض المزمنة.
وبالرغم من تعالي الأصوات التي تحذر من كارثة وشيكة للطفولة في اليمن، إلا أن المنظمات الدولية لم تحرك ساكنا ، بل إنها دأبت على استخدام ملف الطفولة لغرض المزايدة في حين الواقع يكشف زيف إدعاءاتها حيث لا يصل إلا جزء يسير جداً من متطلبات الرعاية الصحية والذي لا يلبي الحد الأدنى من خدمات الرعاية للأمومة والطفولة في مختلف المرافق الطبية المنتشرة على امتداد خارطة اليمن، والتي باتت تفتقر لأبسط الامكانات لا سيما الحاضنات الخاصة بالأطفال الخدج الذين يولدون في ظل ظروف صعبة والبعض منهم يعاني من تشوهات خلقية جراء الأسلحة المحرمة التي تم استخدامها في مناطق متفرقة آهلة بالسكان ، بالإضافة إلى بعض أمراض الأطفال الناتجة عن مراحل الحمل في ظل ظروف سيئة وما نتج عنها من سوء تغذية حاد يتهدد حياتهم.
ومما يفاقم الوضع استمرار انقطاع مرتبات موظفي الدولة بعد قيام “حكومة هادي” بنقل البنك المركزي من صنعاء في خطوة غير مدروسة أحدثت انهياراً كلياً للاقتصاد الوطني وتسببت في فقدان شريحة واسعة لمصدر دخلها وترتب عليها تداعيات سلبية على من يعولونهم وعجزهم عن تقديم الرعاية الصحية والمعيشية لذويهم.