شهيد الوطن .. مدرسة خالدة في الحياة السياسية اليمنية
الهدهد/ مقالات
علي القحوم
من أين نبدأ ومن أين نتحدث عن شهيد بحجم وطن، وشعب يعشق الحرية والاستقلال، ويقدم التضحيات الجسيمة من أجل ذلك؟ وهو ذاك السياسي البارع، والعالم الفاضل، والمتحدث اللبق، صاحب النهج السياسي الوطني الناضج الذي خاض معارك مشهودة في الميدان السياسي بكل اقتدار، وكان له صولة وجولة في هذا المضمار والمعترك السياسي اليمني؛ هو ذاك القائد السياسي الفذ والماهر في دهاليز السياسة، والمحافظ على الثوابت الوطنية، والمهتم بالقضايا الكبرى والمتحرك بمسؤولية وطنية مطلقة في مواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بالبلد. هو الواقف بكل عزم ووطنية وشموخ وشجاعة في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، والذي بمواقفه هذه وُضع في قائمة المطلوبين ورصدت دول العدوان مبلغ عشرة ملايين دولار لمن يدلي عنه بأي معلومات تؤدي إلى استهدافه.
رغم إعلان العدوان وضعه في قائمة الاستهداف، كان يتحرك وينشط في مشاريع وأعمال سياسية وطنية جامعة بكل شجاعة وإقدام، لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه؛ وهذه من الصفات القيادية التي اتسم بها الشهيد حسن زيد رحمة الله تَغْشَاه، والتي من أجلها قدم حياته في سبيل الله والدين والوطن، والتي بسببها اغتالته دول العدوان لخوفها مما كان يقوم به ويعمل عليه بحرص وطني وبراعة سياسية منقطعة النظير في المصالحات الوطنية الداخلية، حيث يدرك العدو خطورة هذا المسار على مشاريعه الاستعمارية الهدامة، وسحب البساط من تحت قدميه وإفقاده التحرك بالعناوين الوطنية، وكشف وتعرية أهداف العدوان الاستعمارية مع تقريب المسافات بين كل القوى والمكونات السياسية والشخصيات اليمنية وفق الأطر والثوابت الوطنية الجامعة وتحت عنوان “الوطن يجمع الجميع” مع الوقوف أمام التحديات والمخاطر التي تستهدف البلد كل البلد ..
لعب الشهيد حسن زيد دوراً بارزاً في فريق المصالحة الوطنية وأسهم بجهود كبيرة في التواصلات واللقاءات بلغة ورؤية وطنية جامعة توضح المواقف الوطنية، وتقيم الحجة، وتصنع القناعات، وبأسلوب سياسي متميز ورائع فيه الإقناع والمنطق والحجة البالغة الجامعة برؤية سياسية مقبولة عند الجميع، وعلى قاعدة وطنية مشتركة أولوياتها: الاهتمام بالقضايا الكبرى، ومواجهة مشاريع الاحتلال والتقسيم والتجزئة، والمحافظة على الهوية الوطنية، ورفض ومواجهة كل المؤامرات التي تستهدف النسيج الاجتماعي وتضرب الهوية اليمنية، والمحافظة على الهوية والدين والوطن؛ وقد كان الشهيد رحمه الله من يتحرك بفاعلية في مسار المصالحة الوطنية والمجتمعية لتحقيق الأهداف الوطنية السامية التي تجمع كل الفرقاء السياسيين في صف الوطن لمواجهة هذه التحديات ..
كان الشهيد في المقابل يمثل دومًا أيقونة الوطن، وعنواناً للنصر المظفر، فقد رحل جسدًا لكنه بقي لنا فكرًا ننهل منه ونمضي بعزم ووفاء في القضية الذي تحرك فيها واستشهد من أجلها وتخلد بين الخالدين قدوة وأستاذًا لنا في المضمار السياسي ..
كان الشهيد حسن زيد منارة مضيئة تستضيءُ به الأمّة، ويفخر به الشعب والوطن، فمثَّل درعًا حاميًا وسياجًا قويًا وشجاعًا كريمًا لم يبخل بروحه ودمه للدفاع عن وطنه وشعبه..
وهنا نقدم التحية – كل التحية – لشهيد الوطن على الرعب الذي بثثته في نفوس العدو، فلا دام له استرخاء ولا نعم باستقرار فوق أرضنا ومهيمنًا على سيادة بلدنا .. نزف لكم التحية شهيدنا على كل ذرة رمل قبلتها، ووطأت عليها بقدميك، ثم سكن جثمانك فوقها .. لكم منا ألف تحية وإجلال وتعظيم، على ما بذلتموه من أجل الله والدين والوطن في معركة النفس الطويل ..
وفي الأخير أهدي سلامًا طأطأت حروفه رؤوسها خجلة، وتحيةً تملؤها المحبة والافتخار لقائد شهيد خسرناه وافتقدناه وقدم روحه ليحيا الوطن .. وهنا يقوم الوطن لينحني إجلالاً لأرواح شهدائه، وتغيب الشمس خجلاً من تلك الشموس.
المجد والخلود للشهداء، والشفاء للجرحى، والفرج والخلاص للأسرى .