حالةُ الفرز.. ودائرةُ الصراع
الهدهد / مقالات
سند الصيادي
حالة الفرز الحاصلة تمثل ظاهرةً صحيةً وإيجابيةً وفق مفهوم السيد القائد عبدالملك الحوثي، وَهي قناعة يتشاركها معه السيد حسن نصر الله، ومن خلفهم كُـلّ المفكرين والنخب والأحرار في شعب المقاومة؛ باعتبَارها خطوة إلى الأمام في مضمار المواجهة مع أعداء الدين وَالأمة.
وبقدر ما تمثل هذه الحالة دفعةً نحوَ ارتفاعٍ في مستوى الوعي والفهم الصحيح والجمعي للأُمَّـة لطبيعة ما يجري في المنطقة، وَتبيان العدوّ من الصديق، فَـإنَّها تزيدُ من نقاء الصف المقاوم من كُـلّ العوالق والأثقال التي كانت توقف وَتبطئ مسيرة التحَرّك نحو استعادة الحق العربي والإسلامي المغتصب، وَأبعد من هذا كانت تفرخ وتدجن العقل الشعبي لتقبل الغازي والمحتلّ بصيغ وأساليب مختلفة من الضخ الديني والسياسي والإعلامي.
وَمن محاسنِ هذا الفرز الذي حدث هو أن المعركةَ باتت واضحةَ المعالم وبين معسكرين، معسكر لأمة تواجه خطر يستهدفها من معسكر عناوينه أمريكا وإسرائيل، وفي تفاصيل الأول شعوبٌ مستضعفة وَأرضٌ محتلّة وَقضية وَحق مسلوب ومصادر، وَفي الثاني أنظمةٌ عميلةٌ فاسدةٌ تابعة وَطابورٌ من مرتزِقة يبيعون ويشترون باسم الدين وَالفكر وَالسياسة.
ومثلما كان ولا يزال الصراعُ الأزليُّ على وجه هذه البسيطة متلحفاً برسالات ونهج الأنبياء أَو متلبساً بنزغات وَكيد الشياطين، فَـإنَّ هذا هو واقعه اليوم، ولكل معسكر جنودُه على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وَأوطانهم، وَمن يخوض المعركة لوحده خارج دائرتها الإنسانية العريضة في وجه هذا التحالف الشيطاني الكوني، انهزم بتفريطه لموجبات الانتصار بها وَالمنصوصة بـ”ولا تفرقوا”؛ لذا يحرص السيد القائد في كُـلّ ظهور أن يعيدنا إلى محيطها الواسع بحديثه عن “الأُمَّــة”.
وفي خطابه بذكرى أسبوع الشهيد، لم يُوَاسِ القائدُ حزنَنا بعبارات مستهلكة لما كنا نعتقد أنه أصابنا من موجة تطبيع، وَإنما أحال هذا الشعور الأليم لدينا كشعوب تقودها العاطفة إلى احتفالية ومدعاة للسرور، حين قال بالحرف: “إن التطبيع سيعزز سلطة كيان العدوّ على المطبعين، أما الشعوب المقاومة فلديها المنعة لمواجهة السيطرة عليها”، وَمع هذه الحقائق التي كان يسردها القائد، توارد في الذهن قول الله “وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلأَعلَونَ إِن كُنتُم مُّؤمِنِينَ” صدق الله العلي العظيم.