معوقات الإنتاج الداخلي (1)
الهجرة الكبيرة من الأرياف إلى المدن
على ضوء قول الله تعالى من سورة الأنعام {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}، يواصل السـيد القـائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في محاضراته الرمضانية الحديث عن الجانب الاقتصادي، وذلك من منطلق ايماني قرآني بغية استغلال نعم الله سبحانه وتعالى، واستثمارها بالشكل الصحيح والسليم، بما يسهم في التخفيف من حالة الفقر، وما يعود على الإنسان بالخير، إذ تطرق السيد القائد في المحاضرة الرمضانية الحادية والعشرون إلى الحديث عن مواضيع هامة لها علاقة أساسية بمعيشة الإنسان وتحقيق التنمية الاقتصادية، ومن أهم تلك المواضيع: كيفية الانتفاع بنعم الله بعيداً عن الفساد والطمع وتنميتها واستثمارها واستغلالها، وكذلك التركيز على الإنتاج الداخلي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وبين أهم الاعتبارات في ذلك، بالإضافة إلى توضيح أهم معوقات الإنتاج المحلي.
خطأ فاحش استراتيجي:
يؤكد السـيد القائد أن من أكبر ما يهدد عملية الإنتاج الداخلي هو النزوح والهجرة الداخلية من الأرياف الى المدن، إذ ن ذلك يؤثر بشكلٍ كبير على تعطيل عملية الإنتاج الزراعي، وعدم تنمية الثروة الزراعية والحيوانية، حيث يقول:
“عندما نأتي إلى معوقات الإنتاج، يمكن أن نستعرض بعضاً منها، للحديث أيضاً عن معالجاتها، من أكبر ما يهدد عملية الإنتاج الداخلي، سواءً على مستوى القطاع الزراعي، أو الثروة الحيوانية، هو النزوح والهجرة الكبيرة من الأرياف إلى المدن، وهذه مشكلة خطيرة جداً، وكثيرٌ من الأسر التي تنزح وتهاجر من الريف إلى المدينة ليست بحاجة إلى ذلك، هناك البعض لهم ظروف استثنائية، مثلاً: في ظل العدوان هناك أسر اضطرت بسبب ما يحصل في مناطقها، أو سيطرة الأعداء على مناطقها، أو مشاكل وخطر يهدد حياتها، أو نحواً من ذلك، أو بعضهم لهم ظروف عملية، أو ظروف صحية فرضت عليهم ذلك، لكن الكثير من الأسر نزحت من غير ضرورة؛ إنما بهدف الراحة في المدينة، والحصول على فرصة التعليم والخدمات؛ لأنها متوفرة بأكثر من الريف”.
ويؤكد السيد القائد أنه:
“من الخطأ الفاحش الاستراتيجي التوجه نحو التكدس في المدن، هذا يسبب الكثير من المشاكل الاقتصادية، والمشاكل الصحية، والمشاكل الاجتماعية، والمشاكل الأخلاقية، ويترتب عليه مفاسد كبيرة جداً، هذا التكدس الهائل في صنعاء وفي مختلف المدن أمر سلبي جداً، يعطل- إلى حدٍ كبير- عملية الإنتاج الزراعي، الكثير يتكدسون في شقق، لم يعد باستطاعتهم أن ينتجوا على المستوى الزراعي، تركوا مزارعهم، وتركوا أيضاً ما كان لديهم سابقاً من المواشي، كان بإمكان الإنسان في الريف أن يزرع، بإمكانه أن يربي الثروة الحيوانية، بإمكانه أن ينتج، وهذا يفيده، ولاحظوا بمجرد أن تصل أسرة إلى المدينة وتستأجر في شقة تواجه أعباء كبيرة اقتصادية: كلفة الإيجار، متطلبات المعيشة اليومية التي تضغط بشكلٍ كبير، حق الماء، حق الكهرباء، أشياء وتكاليف إضافية تمثل عبءً عليها، وفي مقابل موارد للدخل محدودة، موارد محدودة للدخل.
فالهجرة من الريف إلى المدن من أكبر الأخطاء، مسألة سلبية جداً، لها آثار سلبية جداً، حتى على المستوى الأخلاقي والديني الفساد ينتشر في المدن، وكثيرٌ من الظواهر السلبية، وكثيرٌ من القيم تتضاءل وتتلاشى في المدن، فالبقاء في الأرياف، وحتى عند الضرورة الهجرة من الريف إلى ريفٍ أحسن، هذه مسألة مهمة جداً، مع الاتجاه بالعناية بالخدمات في الأرياف لمساعدة الناس على البقاء فيها.
هذه مسألة يجب أن تستمر فيها التوعية، أن تأخذ الاهتمام اللازم في المناهج التعليمية، في الأنشطة الإعلامية، وأن يكون هناك اهتمام بها من الجميع”.