الكويت .. مؤشرات مسار إجباري
مختار الشرفي
الأمم المتحدة و عبر مبعوثها الخاص إلى اليمن تذهب في اتجاه فرض رؤية للحل السياسي في اليمن تقوم بتجهيزها بالتنسيق مع سفراء دول العدوان و ستقوم بتقديمها على أساس أنه تم صياغتها بناء على مقترحات أطراف الحوار و مطالبهم و بما يتماشا مع المرجعيات السياسية للحوار مثل القرار الأممي 2216 و المبادرة الخليجية و مخرجات مؤتمر الحوار .. و قد بدأت وسائل الاعلام التابعة للعدوان منذ أيام الترويج لقرب التوصل إلى اتفاق، و قالت إنه سيعلن قريبا رغم أن الوفود بالكويت لم تقل بذلك أو تدلي بأي معلومات تفيد بحدوث هذا التقدم أو الاتفاقات أو التقارب بل و تنفي حدوثه، و آخرها ما قاله محمد عبد السلام رئيس وفد أنصار الله الذي نفى أي تقدم أو توصل لأي تفاهمات من هذا النوع و قال في تغريدة له ليلة السبت ” لا صحة لما تناولته بعض وسائل الإعلام عن وجود توافقات متقدمة يمكن أن تمثل أرضية مشتركة لصياغة أي خطة حل خلال الأيام القادمة ” .
و من المثير للريبة، التصريحات للمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ التي تخالف ما قاله محمد السلام ، و ذهاب هذه التصريحات بعيدا للحديث عن تقدمات و تفاهمات تسير باتجاه المخطط الذي يريد أن يجعل الرؤية التي تعد من قبل السفراء و فريق ولد الشيخ، مسارا إجباريا يجب أن يسلكه الوفد الوطني، و في حال رفض ذلك سيتهم بالعرقلة و سيتم تحميله مسؤولية فشل المفاوضات و ما قد يعقب هذا الفشل من تصعيد عسكري، و أيضا لتحقيق مكسب أممي جديد لدول العدوان يعقد الأوضاع في اليمن خاصة إذا ما قرروا الذهاب لإصدار قرار أممي جديد يحمل مضامين و أهداف هذه الرؤية التي تطبخ و يروج لها حاليا ..
و لجعل هذه الرؤية متماسكة و صالحة لتحقيق أهدافها سيتم تضمينها بعضا من المطالب التي يعلن عنها الوفد الوطني و قد تصل الى حد القبول بالتضحية بهادي الذي يعتبر ورقة ساقطة منذ بداية العدوان ..
هادي و حكومته كأشخاص لا يعنون لأحد أي شيء حتى لدول العدوان التي تهتم فقط بأن تكون التسوية القادمة ضامنة لبقاء هيمنتها على القرار السياسي و السيادي و استمرار مكاسبها و مصالحها الاقتصادية المجحفة و الغير شرعية ، و بقاء ادوات مشاريعها المدمرة لامن و استقرار البلاد ، و ذلك عبر فرض شروط هذه الهيمنة في أي تسوية مقبلة ..
الوفد الوطني الآن مطالب باتخاذ الخيارات التي لا تجعله مضطرا لسلوك المسارات الإجبارية للطبخة السفرائية الأممية ، عبر رفع السقف للمطالب ، و التوقف عن الدبلماسية المفرطة في التعامل مع السفراء الذين يتعاملون بانتهازية مع الشفافية و الرغبة الصادقة من قبل الوفد الوطني لاحلال السلام على انها ثغرات ممكن الاستفادة منها لإنفاذ مشروع التسوية الناقصة ، التي لن تفعل شيء غير انها ستديم الصراعات و تعقد فرص الحل أكثر مستقبلا ، لما قد تحتويه من ثغرات تعيدنا إلى فشل مسار المبادرة الخليجية التي أجبر عليها طرفا الحكم و الصراع في 2011 ، و التي كانت نتائجها كارثية على البلاد ، و لم تحقق اي استقرار سياسي أو أمني أو اقتصادي ، و عطلت الدستور و كل المؤسسات التشريعية و التنفيذية ، و ألحقت البلاد بشكل اكبر بالتاج السعودي الذي كان حينها أكثر حكمة و معافا من الأمراض العقلية و من الزهايمر و ورطة الإيغال في دماء اليمنيين ..