تخطئ حماس مرة أخرى
…
كمال خلف
:
تقول حركة حماس رداً على منتقديها ومنتقدي سياسياتها بأنها لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى، كررت ذلك مرارا تبريرا لمراهناتها وخياراتها وتقديراتها الخاطئة لمسار الأحداث ومآلاتها في سوريا ومصر واليمن، رغم النصائح التي تلقتها من اقرانها في الساحة الفلسطنية او من محبيها من شخصيات سياسية واعلامية عربية . أتبعت الحركة خلال الفترة المنصرمة سياسية الأنكفاء والصمت والابتعاد عن التعليق او التصريح فيما يخص قضايا المنطقة بينما كان قادتها والمتحدثون باسمها يقبلون الظهور على وسائل الإعلام في القضايا التي تتعلق بالشأن الفلسطيني فقط .دفعت الحركة ثمنا كبيرا لدعمها الرئيس محمد مرسي وإظهار عدائها لما جرى في الثلاثين من يونيو .
هنا لم تنطلق حماس من كون ما جرى انقلابا عسكريا وهي تقف في صف الديمقراطية بل لأن محمد مرسي ينتمي إلى حركة الإخوان المسلمين ، متجاهلة حالة النقمة الشعبية أيضا على حكم الإخوان في مصر وما ارتكبه الرئيس محمد مرسي من أخطاء في الداخل والخارج ، وكان هذا معيارها كذلك في موقفها من الاحداث في سوريا حيث خرجت من دمشق على أساس وعد قدمه وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم لها بأنها ستعود اليها بعد سقوط النظام وكانت تقديراتهم حينها تؤكد أن النظام في سوريا سيسقط خلال أسابيع .تجهد الحركة اليوم لإصلاح تلك الأخطاء التي جاءت بسبب تدخلها في أزمات الإقليم واتخذها مواقف انطلاقا من انتمائها الايدلوجي أو المذهبي ولصالح طرف على حساب آخر من أبناء الوطن الواحد ، دون أن تأخذ بالاعتبار المصلحة العليا للشعب الفلسطيني المحاصر في الداخل والتائه في الخارج والقضية المغيبة عربيا ودوليا التي يجب أن تنكب كل الخيارات لدعمها .أعترف نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق بتلك الأخطاء علنا أمام قادة الفصائل الفلسطينية في اخر اجتماع لهم في بيروت .
وحاول التقرب من إيران بالاعتراف بأنها الدولة الأكثر دعما للفلسطينيين بعد أن وصفها بالكاذبة في اتصال مسرب كان يجريه مع السيد الزهار في غزة التقطه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وسربته لإحدى أجهزة الاستخبارات العربية التي قامت بدورها بإعطاءه للإعلام على ذمة الراوي .
ولكن هل توقفت حماس عن ارتكاب الأخطاء. ؟؟
أظهرت الحركة مؤخرا ابتهاجا كبيرا بفشل الانقلاب العسكري في تركيا وأقامت مهرجانا احتفالية في غزة .
خرج المتحدث باسم الحركة مشيرالمصري وهو الرجل الذي احبه شخصيا واحترمه وطنيا ليقول بحماسة ( مستعدون لنبذل دماءنا على شواطيء تركيا ) اية دماء ومن أجل ماذا يريد المصري أن نبذلها وفي سبيل أية قضية؟؟ دماء الشعب الفلسطيني ؟ أم دماء أبناء حركة حماس ؟ وفداءا لأية قضية ؟
السيد اسماعيل هنية احتفل على طريقته بقالب حلوى كبير وضع عليه صورة جمعته بالرئيس اردوغان، وجلس متوسطا غابة من الأعلام التركية الحمراء، انتشرت الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، كان أكثر التعليقات التي لفتت انتباهي تلك التي كتبها صحفي فلسطيني من مخيم عين الحلوه ويقول فيها ما معناه (من حق السيدة هنية أن يحتفل بقالب حلوى كبير ويضع صوره على مواقع التواصل ولكن هل يملك أبناء غزة ثمن قطعة واحدة من هذا القالب الشهي ) .
السيد خالد مشعل خرج أخيرا من غيابه وادلى بدلوه كيف لا ؟ القضية هنا في صلب النضال الفلسطيني واولوية فلسطينية تستدعي كسر الصمت والانكفاء . !
مشعل اعتبر في حديث للقناة التركية انه لو نجح الانقلاب لكان الشعب الفلسطيني اول الخاسرين ؟ كيف ذلك يا أبا الوليد ؟؟
إذا كانت حركة حماس ستخسر جراء الانقلاب ربما، خيارات الحركة وتحالفاتها ضمن المشروع الإقليمي الكبير الذي انكسر طرفه في مصر وخابت حساباته في سوريا من هذا المنظور قد يكون؟ ولكن الشعب الفلسطيني ماذا سيخسر وماذا ربح أولا من هذه العلاقة مع حزب العدالة والتنمية.انحياز حركة حماس وتدخلها مرة أخرى في قضية داخليه لدولة إقليمية بدا لنا بعد محاولة الانقلاب وقبلها أنها تشهد انقساما وجدلا داخليا على خلفية سياسية تركيا الخارجية في المنطقة خطأ آخر براينا من أخطاء حماس.تسقط الحركة من حساباتها وهي تعلن احتفالها وتستعد لبذل دماء شعبنا على شواطيء تركيا ان الأخيرة لديها علاقة سيئة مع روسيا وسوريا والعراق وحزب الله ومصر المجاورة والكرد وغيرهم.تنسى الحركة التقارب الذي أجراه الرئيس أردوغان مع إسرائيل وفي جزئية منه على حساب موقف أنقرة من الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة؟ لا يهم، المهم أن الرئيس أردوغان وحزب العدالة يدعم الإخوان المسلمين . هذا هو المعيار . ماذا لو حدث انقلاب آخر في تركيا؟ ماذا لو تدحرجت الأحداث الراهنة بتركيا إلى انقسام وفوضى؟ هل ستترك حركة حماس القطاع وتذهب لنصرة الرئيس اردوغان؟ وهي التي جهدت وهي تنفي أنها فعلت ذلك لصالح الرئيس محمد مرسي؟ كيف سيصدق الحاقدون على الحركة في مصر بعد اليوم هذا النفي .نسجل تأييدنا المطلق لكتائب القسام وكل المقاومين في الحركة في وجه إسرائيل إسرائيل فقط .مسكين شعبنا الفلسطيني المبتلى بخيارات قادته جميعا لا استثنيي منهم أحدا.