ناقة صالح …. وبقرة عيال سعود
عرفات الرميمة
بين ناقة نبي الله صالح وبقرة عيال سعود تشابه واضح في الشكل والمضمون، كلاهما حيوان لا يعقل من أمره شيئا وكلاهما شكل اختبارا للإنسان العاقل حول كيفية استغلال نعم الله دون إفراط أو تفريط . فناقة طالح كانت سببا في هلاك قوم ثمود في حضرموت ، عندما قتلوها – ظلما وعدوانا – وهي تدر عليهم حليبها ، أما بقرة عيال سعود ، فهي البقرة الحلوب التي استفاد الغرب – أمريكا على وجه الخصوص – من حليبها وأعطتهم كل خيراتها مقابل حماية حياتها ولم يستفد منها أهلها سوى رفسا ونطحا في كل الأماكن والأوقاف.
لم يكن وصفنا للسعودية بالبقرة الحلوب من نسج خيالنا وإنما هو وصف ذكره الأمريكي جون بيركنزمؤلف كتاب اعترفات قرصان اقتصادي – وهو الكتاب الذي أثار ضجة في أمريكا والعالم عام صدوره في 2007م – وقد قال فيه : إن السعودية هي البقرة التي يمكن أن نحلبها حتى بلوغنا سن التقاعد.
وإذا تتبعنا تأريخية العلاقة بين البقرة الحلوب والراعي الامريكي نلاحظ انها علاقات قديمة بدأت في عام 1943م عندما قام الاميران فيصل بن عبدالعزيز وأخيه خالد بزيارة واشنطن- ولقائهما بالرئيس فرانكلين رزفلت – تم خلال ذاك اللقاء الاتفاق على تحالف استراتيجي بين البقرة الحلوب والراعي الأمريكي تسمح فيه البقرة السعودية للراعي الأمريكي باستغلال حليب نفطها بحرية مطلقة – متى شاء وأنى شاء – مقابل حماية الراعي لأمن البقرة من ثيران الداخل والخارج إلا بإذن الراعي وبموجب موافقته بما يضمن مصالح الراعي، وجرى التصديق على ذلك الاتفاق أثناء القمة التي جرت بين الملك عبدالعزيز بن سعود – في أول خروج له خارج مزرعته – والرئيس الأمريكي روزفلت على ظهر المدمرة الأمريكية وسكنسن في قناة السويس عام 1945م. لقد قام ذلك التحالف بين البقرة الحلوب والراعي الأمريكي على ثلاثة أعمدة رئيسية وهي : محاربة الشيوعية ومحاربة القومية العربية المتطرفة التي تعطي الألوية في توجهاتها لمحاربة إسرائيل و استغلال النفط السعودي وضمان تدفقه للشركات الأمريكية تحت كل الظروف وكان هناك شرط وهو أن تضع السعودية دخلها من البترول تحت يد الحكومة الأمريكية مقابل حماية أمنها.
وإذا تأملنا جيدا نلاحظ أن كل تلك الأهداف الاستراتيجية التي وضعها الراعي الأمريكي قبل ثمانين عاما قد تحققت ، فلا وجود لخطر الشيوعية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام1989م ولا وجود للقومية العربية التي تنادي بمحاربة إسرائيل لأن السعودية جعلت منها صديقة وإيران هي العدو وأيضا لم يعد لنفط السعودية أي أهمية نظرا لوفرة المعروض في الأسواق العالمية وكذلك بسبب اكتشاف النفط الصخري الذي سيجعل من أمريكا المنتج الأول له بحلول العام 2020م .
وبناء على البرجماتية الأمريكية التي لا يوجد في قاموسها السياسي وتوجهاتها الواقعية أصدقاء دائمون وأعداء دائمون وإنما مصالح دائمة ، أصبحت البقرة السعودية تشكل عبئا إضافيا وحمالة زائدة – وكما وصفهم أوباما في مقابلته المطولة مع مجلة ذي اتلانتك الراكبون بالمجان – على الراعي الأمريكي يجب التخلص منه في أقرب فرصة وهذا ما حصل بعد صدور قانون جاستا الذي بموجبه يحد الراعي سكاكينه وشفراته وقريبا جدا سوف يقوم الراعي بذبح البقرة وسلخ جلدها كي يستخدم في صنع أحذية إيطالية فاخرة .
أما فضلات تلك البقرة وروثها من دعاة الفكر الوهابي التكفيري الداعشي المتطرف فقد تم إستخدامه كسماد تستفيد منه الأراضي الصالحة لزراعة الإرهاب في افغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن ويستفيد منه الراعي الأمريكي لتبرير تواجدها في المناطق المتفق تواجد القاعدة وداعش فيها كي يضمن بيع أسلحة شركاته في كل المناطق .
فهل من مدكر ؟