اساطير ومعتقدات ما زالت تدور حول القمر
باريس (أ ف ب) – شكل القمر منذ الاف السنين مصدرا للمعتقدات الخرافية والاساطير التي ما زال البعض منها منتشرا الى الآن، رغم ان الانسان تمكن قبل نصف قرن من ان يضع قدميه على سطح هذا الجرم الوحيد الذي يدور حول كوكبنا.
والاثنين، كان الشغوفون بمراقبة السماء في مختلف ارجاء العالم على موعد مع ظاهرة “القمر العملاق” التي اثارت اهتماما اعلاميا واسعا في كل مكان.
فقد كان القمر على مسافة دنيا من الارض تبلغ 356 الفا و509 كيلومترات، علما ان المسافة المتوسطة تبلغ 384 الفا و400 كيلومتر، وهو لم يقترب الى هذا الحد من الارض منذ سبعين عاما.
ويقول برنار ملغان منسق علوم الفلك في جامعة نانت لوكالة فرانس برس “القمر يغذي خيال الانسان ويدفعه الى عالم الغموض والالغاز”.
والقمر مسؤول عن عدد من الظواهر التي تشهدها الارض، مثل حركة المد، كما انه يجعل محور الارض ثابتا، وينعكس ذلك استقرارا في المناخ.
لكنه ايضا مسؤول عن ايقاظ الخوف في نفوس الكثيرين، ولاسيما حين يكتمل في منتصف الشهر القمري.
وتقول آن مارشان المتخصصة في القصص الاسطورية “الانسان كائن نهاري، والقمر مرتبط بالليل الذي يخيف الانسان، وحين يكتمل يتولد انطباع انه اشتد قوة”.
يختلف شكل القمر في مراحل دورته الكاملة حول الارض، اي الشهر القمري الذي يستغرق 29 يوما ونصف اليوم، فيبدأ صغيرا ثم يكبر الى ان يكتمل ثم يصغر الى ان يختفي، لتتكرر الدورة مجددا.
ويقول برنار ملغان “يشكل القمر مصدرا للمعتقدات القديمة حول الموت والبعث” وخصوصا في مصر القديمة، فالاله اوزيريس على غرار القمر هو اول ميت يبعث حيا”.
في الاساطير الدينية اليونانية القديمة يتخذ القمر ملامح الالهة ارتيميس، اما في الاساطير السومرية فان القمر مذكر وهو يؤدي دورا هاما للبشر، وفي مصر القديمة يوكل الاهتمام بالقمر الى الاله تحوت.
وفي الحكايات الشعبية، تزداد قوة السحرة مع اكتمال القمر في السماء، وله الفضل ايضا في ابداع الخيال البشري لفكرة الرجل الذي يتحول الى ذئب حين يكون القمر بدرا.
ويسود اعتقاد ان منتصف الشهر القمري يثير الاضطرابات العقلية، بحسب برنار ملغان الذي يقول “في القرن التاسع عشر كان المجانين يتعرضون للضرب في المصحات قبل اكتمال القمر واثناءه وبعده لتهدئتهم”.
ولأن القمر يكبر بعد ولادته في اول الشهر القمري، “صار مرتبطا بالخصوبة وما يزرع وما ينمو”.
ولأن الشهر القمري يعادل الدورة الشهرية للنساء تقريبا، ظهرت تكهنات كثيرة حول ارتباط هذا بذاك، لكن العلماء يؤكدون انها ليست سوى مصادفة.
ويقول ملغان “لا يولد اطفال اكثر من العادة عند انتصاف القمر”، ولا شيء من الاحصاءات يؤيد هذا الاعتقاد، لكنه ما زال سائدا.
ومن الخرافات التي ما زالت سائدة ان الشعر والاظافر تنمو حين يكون القمر في طور النمو ليصبح بدرا، لذا يفضل ان يذهب المرء الى الحلاق في النصف الثاني من الشهر القمري، حين يكون القمر في مرحلة الانحسار.
ويسود اعتقاد ايضا ان لمراحل القمر تأثيرا على الزراعة، وان كل مرحلة من الشهر القمري تناسب زرع نوع معين من النبات.
في المقابل، يتوقع برنار ملغان ان يتوصل العلم يوما الى تأثيرات حقيقية للقمر على الانسان، ويقول “مثلا، زوجتي لا تقدر ان تنام حين يكون القمر بدرا، وهناك اشخاص اكثر حساسية من غيرهم على هذا الامر”.
باسكلال مولار