إخلاء جزيرة ميون بباب المندب من سكانها وتحويلِها لقاعدة عسكرية مغلقة لقوات خاصة (أمريكية وفرنسية)
الهدهدنت/متابعات
هل تواجدت إسرائيل عسكرياً في جزر يمنية جنوبَ البحر الأَحْمَر قبل حرب عام 1973م؟
الاحتلال والاستغلال
باسم المساعدات والاستثمارات: أبوظبي تهيّء سقطرى لإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية
تتحكّمُ اليمنُ بمضيق باب المندب وتشرف جُزُرُها على الممرات المائية، ما جعلها هدفاً للاحْتلَال الخارجي
تصارعت فرنسا وإيطاليا وبريطانيا على احْتلَال كمران وفشل العثمانيون والبرتغال في البقاء بميون
صدى المسيرة – عبدالله بن عامر
بعد سقطرى ذات الأَهميّةِ الاسْترَاتيجية والطبيعة الخلّابة، ها هي جزيرة ميون القريبة من باب المندب تخضَعُ للتواجد العسكري الأجنبي، بل ويترافَقُ هذا التواجد مع ممارسات وضغوطات يتعرَّضُ لها سكانُ الجزيرة؛ بهدف إخلائها ونقلهم إلى أماكنَ أُخْــرَى؛ وذلك لبناء قاعدة عسكرية أجنبية.
وكانت قياداتٌ عسكرية موالية للعدوان قد انتقلت قبل أشهر إلى الجزيرة، حيث طالبت الأهالي بسُرعة إخلاء الجزيرة ونقلهم إلى عدن وتوفير مساكنَ بديلة لهم، غير أن هذه المطالبَ قوبلت بالرفض، ما دفع تلك القيادات إلى محاولة الضغط على الأهالي لتنفيذ الإخلاء في إطار مشروع تحويل الجزيرة إلى منطقة عسكرية مغلقة.
وسائلُ إعلامية نشرت قبل أيام مناشداتٍ أطلقها أهالي الجزيرة تطالب سُرعة التدخل لإيقاف تهجيرهم القسري من جزيرته،م وجاءت هذه المناشدات مع أنباء تتحدث عن وصول ضباط من جنسيات مختلفة إلى الجزيرة لتحديدِ مواقع إنشاء القاعدة العسكرية.
وتحدثت وسائل إعلامية عن قبول هادي بطلبٍ سعودي تضمَّنَ تأجير الجزيرة للسعودية بعد أن كان قد وافق على تأجير جزيرة سقطرى للإمارات.
وتسعى دول غربية إلى التواجد العسكري في باب المندب تحتَ لافتة التحالُف العربي، حيث أشارت معلوماتٌ متداولة عن تواجد قوات خاصة فرنسية وأميركية ستتولى مهامَّ حماية المنطقة العسكرية المغلقة في الجزيرة، لا سيما بعد أن استهدف الجيش واللجان الشعبية غرف عمليات وتجمعات العدوان في باب المندب نهاية العام الماضي.
يُذكر أن أَمريكا وفرنسا سبق وأن عرضت على صنعاءَ خلال العقود الماضية السماح لها بالتواجد العسكري في الجزيرة، غير أن السلطات اليمنية كانت ترفضُ ذلك خشية التداعيات الشعبية الرافضة للتواجد الخارجي في بلادنا، وأبرز تلك الدول التي طالبت بالتواجد العسكري في الجزيرة وجزر يمنية أُخْــرَى هي الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا.
الجزرُ اليمنية والأَهميّة الاسْترَاتيجية:
تكمُنُ الأَهميّةُ الاسْترَاتيجية لليمن من خلال موقعه الجغرافي وإشرافه على مضيق باب المندب وطول سواحله الممتدة على البحر الأَحْمَر والبحر العربي، ولعل امتلاك اليمن عشرات الجزر في البحرين العربي والأَحْمَر ضاعف من تلك الأَهميّة، الأمر الذي جعل تلك الجزر تحديداً واليمن عموماً محل أطماع القوى الكبرى وعلى رأسها أَمريكا وإسرائيل.
وكانت الجزر اليمنية هدفاً عسكرياً للعدوان الأَمريكي السعودي حيث تعرضت الجزر اليمنية في البحر الأَحْمَر لاعتدَاءات متكررة تمثّلت في شن غارات جوية عنيفة قبل أن تخضع الكثير منها للاحْتلَال العسكري المباشر وأبرزها أرخبيل جزر حنيش.
وفي ظلّ الفشل العسكري للعدوان في التقدم نحو العاصمة وانكساراته المستمرة في جبهات القتال داخل اليمن سارع إلى تنفيذ مُخَطّطه المتمثل في التواجد العسكري والسيطرة على باب المندب وخليج عدن مستغلاً سيطرته على الجزر اليمنية ليبدأ وبمساعدة من “حكومة هادي” في تعزيز تواجده العسكري تحت لافتات ومبرّرات متعددة.
العدوان وتواجُدُه العسكري:
تعرضت الجزر اليمنية للاعتدَاءات المتكررة عبر الطيران وعبر البوارج الحربية المنتشرة في البحرين العربي والأَحْمَر، ومنذ اللحظات الأولى للعدوان كانت تحركات البوارج الحربية المتعددة الجنسيات (أميركية – سعودية – مصرية – بريطانية) تقتربُ من المياه الإقْليْمية اليمنية لتشارك في قصف المدن والقرى اليمنية، إضافة إلى فرض حصار مطبق على كُلّ ما يصل إلى الموانئ اليمنية من مواد غذائية وسلع تجارية وغيره وقبل أن تتطور المعركة باحْتلَال جزر يمنية خالية من السكان على طول الساحل من باب المندب جنوباً حتى ميدي شمالاً بعد تعرض معظمها للقصف الجوي والبحري في الوقت الذي نقلت فيه مجاميع المرتزقة إلى جزر أرخبيل حنيش في البحر الأَحْمَر.
أرخبيل سقطرى في البحر العربي كان هدفاً للعدوان لكن ليس بالغارات والقصف، وإنما باسْتغلَال البُعد الجغرافي للجزيرة عن الساحل اليمني، فقد هدفت سعت أَمريكا بالسيطرة على هذه الجزيرة بإيعازها للإمارات بمحاولة إخضاع سكانها تمهيداً لاحْتلَالها وانشاء قواعد عسكرية فيها بتوزيع مساعدات غذائية وانشاء مراكز طبية، وتعزيز تواجدها في الجزيرة ابتداءً بالفرق الاستكشافية والتي تضم خبراء أجانب والاطلاع على تنوعها الخلاب وثرواتها الطبيعية، وعقد صفقة مع الفار عبدربه منصور هادي تتضمن تأجير الجزيرة.
ورغم أن الصفقةَ ظلت محاطة بالسرية التامة إلا أن تفاصيلها سَرعانَ من أَصْبَحت حديث الشارع اليمني، فدورُ الإمارات التي تلعب دورَ الساتر جاء تلبيةً للرغبات الأميركية، حيث تسعى واشنطن للتواجد العسكري في الجزيرة إنما بحيلة أن حليفتها الإمارات تعتزم إقامة مشاريع استثمارية تجارية كبيرة، الأمر الذي قد يخدم أَبْنَاء الجزيرة، حسب ما يقوله الإعلام الإماراتي الذي رافق الفرق الطبية والهندسية بل وحتى العسكرية في زيارتها للجزيرة.
عسكرياً.. تعتبر سقطرى ذات موقع اسْترَاتيجي مهم للغاية كونها تقعُ في بوابة خليج عدن وتشرف على البحر العربي والمحيط الهندي.
أرخبيل حنيش:
تعرضت جزُرُ أرخبيل حنيش للاحْتلَال العسكري المباشر نهاية العام 1995من قبل القوات الإرتيرية، غير أن تفاصيل تلك الأزمة يؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، أن الكيان الصهيوني وبعضَ الدول في المنطقة يقفُ وراء دفع إرتيريا إلى اسْتفزَاز اليمن واحْتلَال جزره، إضافة إلى إرادتها بجر صنعاء إلى مواجهة عسكرية محسومة سلفاً لصالح إرتيريا بحُكم ضعف القوات البحرية اليمنية وكذلك كون اليمن وقتها خرجت من حرب صيف 1994م وجميع قواتها العسكرية منهكة.
استطاع اليمن تجاوُزَ الأزمة واسْتعَادة الجزر بالتحكيم الدولي، غير أن محاولات القوى الكبرى -متمثلة بأَمريكا وفرنسا- الحصول على امتيازات عسكرية من نظام صنعاء في تلك الجزر استمرت وبطرق وأساليبَ مختلفة ضمن خيارات الترغيب والترهيب.
الكيانُ الصهيوني والجُزُرُ اليمنية:
تحدثت مصادرُ تأريخيةٌ مصرية وأُخْــرَى صهيونية عن المحاولات الإسرائيلية للتواجد العسكري في المنطقة الجنوبية للبحر الأَحْمَر، بحكم أهميتها الاسْترَاتيجية بالنسبة للكيان الصهيوني وللعالم؛ ولهذا شهدت فترة الستينيات صراعاً خفياً بين مصر والكيان الصهيوني في باب المندب وجنوب البحر الأَحْمَر، وعملت العلاقة الوطيدة بين أديس أبابا وتل أبيب في تلك الفترة إلى تمكُّن العدو الصهيوني من التواجد العسكري في المنطقة الغربية جنوب البحر الأَحْمَر وهي المنطقة المقابلة للجزر وللمياه الإقْليْمية اليمنية.
غير أن تواجُدَ العدو في جزر دهلك واسْتمرَاره فيها حتى اليوم بحكم العلاقة مع النظام الإرتيري (استقلت إرتيريا من أثيوبيا مطلع تسعينيات القرن الماضي)، لم ينه محاولات الكيان الصهيوني في تعزيز تواجده العسكري جنوب البحر الأَحْمَر ومحاولة الوصول إلى الجزر اليمنية؛ نظراً لأهميتها في التحكم بباب المندب.
وسجّلت أحداثُ سبعينيات القرن الماضي تواجداً إسرائيلياً في جزر يمنية غير مأهولة بالسكان، وتمثل هذا التواجد الذي لم يدُم طويلاً بقيام كتيبة استطلاعية إسرائيلية تمكنت من بلوغ جزر كجبل الطير وأُخْــرَى من أرخبيل حنيش وذلك قبل حرب 1973م.
وبحسب دراسات عسكرية مصرية فإن إسرائيل تسعى لإحكام السيطرة على جنوب البحر الأَحْمَر من خلال قواعدها العسكرية المتواجدة في دهلك وكذلك نشاطها الاسْتخبَاري الكبير الذي تضاعف بعد تركيب أجهزة ورادارات ومحطات في تلك الجزر، ناهيك عن إقلاع طائرات إسرائيلية تجسُّسية فوق دول عربية منها السودان واليمن.
ورغم نُدرة المعلومات الموثّقة حول التواجد الإسرائيلي في جنوب البحر الأَحْمَر إلا أن الجانبَ الرسمي اليمني سبق أن احتج لدى الأمم المتحدة نهاية سبعينيات القرن الماضي؛ بسبب طلعات جوية لطيران العدو الإسرائيلي في المناطق الغربية لليمن، وعلى ما يبدو أن الطائرات الإسرائيلية كانت تقلع من قاعدة دهلك في الجهة المقابلة للساحل اليمني، حيث أنه من المستبعد أن تتمكن طائرات حربية وقتها من البقاء في الجو لفترة تتمكن خلالها من اجتياز مسافة من فلسطين المحتلة إلى غرب اليمن.
جزيرةُ كمران:
يسعى العدوانُ الأَمريكي السعودي من خلال استهدافه المستمر لجزيرة كمران إلى احْتلَالها بحكم مساحتها وموقعها الجغرافي المهم حيث تسمى “سقطرى البحر الأَحْمَر” وسبق أن تعرضت الجزيرةُ للاحْتلَال البريطاني الذي استمر فيها حتى 1967م، وكانت الجزيرة محل صراع كبير بين بريطانيا من جهة وفرنسا وإيطاليا من جهة أُخْــرَى، حيث كانت بريطانيا تعمل على البحث عن النفط في الجزيرة، إضافة إلى قربها من مناطق الصليف ورأس عيسى.