اعلان الرئيس السابق صالح الحوار مع حكومة الفار هادي تكتيك أم تخبط .. قراءة تحليلية
الهدهدنت/متابعات
تباينت المواقف حيال اعلان الرئيس السابق رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام الزعيم علي عبدالله صالح حكومة امكان اجراء حوار ثنائي مع حكومة الفار المطلوب للعدالة عبد ربه هادي إذ رآها البعض تكتيكا ينبغي استخدامه لخلط الأوراق وتحقيق مكاسب سياسية توازي المكاسب العسكرية المحققة في الميدان، فيما رآه آخرون تخبطا ولا سيما وهو يأتي في ظل خطاب سياسي مناهض لحكومة عملاء الرياض واداء سياسي داخلي تمثل في البرلمان الذي نزع منها الشرعية بصورة نهائية.
واعلن صالح يوم امس لدى لقائه وجهاء واعيان وقيادات وأعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي من ابناء مديرية بني حشيش محافظة صنعاء، عن
امكان اجراء حوار مع “ما يسمى الحكومة القابعة في الرياض أو في عدن أو في أي مكان” مشيرا ” هؤلاء أبناؤنا وإخواننا سنتحاور معهم ونتفاهم وبينا احنا واياهم لغة مشتركة” داعيا في الوقت ذاته النظام السعودي ودول تحالف العدوان إلى الحوار مضيفا “نحن على استعداد للحوار فقط اوقفوا الحرب اوقفوا الغارات الجوية أنتم تزيدوا الشعب اليمني عتواً ونفوراً ضدكم لن تُخضعوه”.
وتزامنت مبادرة صالح مع دعوته المغرر بهم الذين يقاتلون في صفوف تحالف العدوان السعودي ومن سماهم ” المساكين ضحايا النظام السعودي الذي جندهم من 1500 سعودي لقتال اخوانهم ” إلى الاستفادة من قرار العفو العام والعودة إلى قراهم ومساكنهم آمنين.
في جانب منها بدت مبادرة صالح تكتيكا سياسيا مطلوبا في هذه المرحلة من المواجهة مع النظام السعودي الذي يلفظ انفاسه الأخيرة على الصعيد العسكري في ظل الانتصارات التي يسطرها ابطال الجيش واللجان الشعبية بإجهاض محاولات تحالف العدوان المحمومة لتسجيل انتصار عسكري ميداني يحفظ له ماء الوجه، في ظل فشل عملياته العسكرية عن تحقيق اهدافها مع دخول العدوان السعودي على اليمن عامه الثالث.
وبدا واضحا أن دعوة صالح إلى حوار مع حكومة عملاء الرياض سعت كذلك إلى قطع الطريق على الفار هادي ومشاريعه الخفية بفضل جنوب اليمن عن شماله، في ظل مؤشرات عن تخلي النظام السعودي عن الفار هادي وحكومته ومليشياته نتيجة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في السعودية من جهة ومن جهة أخرى سحب البساط من تحت النظام السعودي الذي يمعن في استخدام المبعوث الأممي ورقة لتمرير شروطه ومشاريعه في الجانب السياسي وخصوصا بعد الشوط الذي انجز في بعض ملفات التفاوض ولا سيما ملف الأسرى والذي صار على وشك الانتهاء بعيدا عن شروط وخطط المبعوث الأممي المتعثرة.
يدعم ذلك أن صالح بدا هذه المرة واثقا بهزيمة خصوم اليمن، عندما أعلن أن العام 2017 سيكون عام الانتصار السياسي والعسكري والاقتصادي على تحالف العدوان السعودي، فضلا عن تأكيده بأن الغارات التي يشنها تحالف العدوان السعودي الاماراتي لن تجدي نفعا واشارته إلى أن الطائرات “تضرب ولم تحقق الاهداف على الإطلاق بل تقتل الاطفال والنساء وتدمر المساكن والمزارع ومرافق البنية التحتية”.
أكثر من ذلك تجديده الدعوة للنظام السعودي للحوار المباشر مع اليمن فيما بدا أنها دعوة المنتصر بعد الغرق السعودي في المستنقع اليمني والذي بدا في أكثر صوره مأساوية في عجز النظام السعودي عن تحقيق أي انتصارات في الجبهات الداخلية رغم الحشود الهائلة والإمكانات المالية والتسليحية الكبيرة التي حشدها في الآونة الأخيرة لتسجيل انتصار ميداني يسبق جهود المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ لاستئناف مشاورات الحل السياسي.
من جانب آخر يصعب اغفال أن مبادرة صالح جاءت في احد جوانبها متخبطة خصوصا وهي ظهرت بصورة منفردة بعيدا عن قرار المؤسسات الحاكمة، ناهيك عن أنها جاءت متناقضة مع اعلاناته السابقة بشأن حكومة عملاء الرياض والتي وصفها في غير مرة بأنها غير شرعية، في خطاب تطابق تماما مع الموقف الذي طالما تبناه المجلس السياسي الأعلى وعمده مجلس النواب بقراراته المعترفة بشرعية المجلس السياسي سلطة شرعية والتي منحت حكومة الانقاذ الوطني الثقة، فضلا عن تعارضه مع برنامج الحكومة الذي حدد ضمن أبرز اهدافه السياسية تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية خلال العام الجاري 2017.
يضاف إلى ذلك تعارضها مع الخطاب الذي تتبناه سائر القوى السياسية في الداخل والتي سحبت بساط الشرعة من حكومة عملاء الرياض خصوصا بعد تشكيل المجلس السياسي حكومة الانقاذ الوطني والتي توصف بلغة القانون والسياسة بأنها الشرعية الوحيدة وما دونها زوائد طارئة.
يبقى القول أنه من الممكن قراءة المبادرة السياسية الجديدة لصالح من زاوية الحاجة إلى تقديم التنازلات لقطع الطريق أمام تداعيات خطيرة مع ما يبديه النظام السعودي من اصرار على استثمار المعادلة السياسية المنقسمة داخليا لمواصلة حربه العبثية في اليمن خصوصا وأن كل التقديرات تشير إلى أن محمد بن سلمان الطامح بوراثة عرش أبيه سيمضي بحربه الهستيرية على اليمن املا في تنتج معادلات جديدة تحفظ له طموحاته في العرش خصوصا وأن هزيمته في اليمن ستعني نهاية حلمة في وراثة العرش السعودي.
المستقبل