سفير اليمن بدمشق يتحدث عن ثورة 21 سبتمبر”تفاصيل”
الهدهد_متابعات
اجرت صحيفة النهضة السوريه حوار خاص مع سفير اليمن بدمشق الاستاذ نايف القانص حول الحرب الظالمة التي يتعرض لها اليمن من قبل مجموعة قوى معادية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية ، حيث تسببت هذه الحرب بوقوع أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف المدنيين خاصة الأطفال ، إضافة إلى تدمير الكثير من البنى التحتية في محاولة لخنق الشعب اليمني والضغط عليه اقتصاديا كي يستسلم لقوى الشر والظلام ، لكن ذلك لم يكن ممكنا بفضل تضحيات الجيش اليمني البطل وصمود الشعب إلى جانبه حيث تمكن من دحر قوى العدوان ونقل المعارك إلى داخل الأراضي السعودية ، لتتغير المعادلة منذ اللحظات الأولى للحرب التي توقع الأعداء أنهم سيحسمونها لصالحها خلال شهر ، لكنهم تفاجؤوا بالصمود الكبير والانتصارات التي حققها الجيش اليمني عندما تمكن من قبل المعادلات .. هنا لقاء مع سعادة السفير اليمني بدمشق نايف القانص في إطلالة على مختلف تفاصيل الوضع في اليمن :
-في البداية هل يمكن أن تضعنا في صورة الوضع الميداني للحرب في اليمن بالإضافة إلى المبادرات والاتصالات السياسية وما حققه الجيش اليمني على الأرض خلال المعارك ؟
الحرب لم تكن وليدة اللحظة أو كما روج الإعلام المعادي عندما تحدث حول ما سماه إعادة الشرعية ، فما يحدث في اليمن ممنهج ويندرج ضمن خطة طرحت منذ ما قبل عام 2011م أو بالمعنى الأصح ، عندما تحدث أحد المستشارين في الخارجية الأمريكية حول التوجه لإعادة رسم الخريطة السياسية في اليمن وكان ذلك عام 2004م .. أيضا الأطماع السعودية الإماراتية كانت سببا جوهريا خاصة بعد أن قام اليمن بإلغاء عقد الإمارات للميناء في الاستثمار بميناء عدن جراء تعطيل الإمارات للميناء لأجل المحافظة على وتيرة العمل القوية في ميناء دبي .. ويمكن أن نضيف أيضا ما سمي بالربيع العربي الذي كان عبارة عن حلقة في المخطط التدميري للحرب على المنطقة ككل .. المبادرة الخليجية التي تبنتها السعودية حيال اليمن عملت على إجهاض أية مبادرة سياسية رغم أن الاتفاقات كانت تقول أن الفترة الانتقالية تمتد عامين ويتم إعادة صياغة الدستور وإجراء حوار وطني ومن ثم انتخابات ، لكن السعودية عملت على إجهاض أية مبادرة معتمدة في ذلك على الإخوان المسلمين وعن طريق هادي المعروف بضعف شخصيته وارتباطه مع الغرب ودول الخليج .
في عام 2014م انتهت المرحلة الانتقالية ونظرا لعدم انجاز أي اتفاق ، مدد له لعام آخر من أجل الحوار وفشل التمديد وحصلت الثورة الحقيقية حينها للشعب اليمني في عام 2014م وأفشلت الأذرع السعودية ووصل الشعب اليمني إلى إتفاق السلم والشراكة الوطنية فشعرت السعودية ودول الخليج أن الوصاية قد سقطت من أيديهم.
قبل ذلك الوقت كان اليمن يحكم بالوصاية ، وعلى ضوء الاتفاق شكلت حكومة برئاسة بحاح وكان الاتفاق مع القوى السياسية بأن هذه الحكومة ستكون جديدة تماما لكن عبده منصور هادي أخل بالاتفاق وأبقى على حقائب الإخوان المسلمين إضافة إلى استبعاد بعض القوى السياسية وكان الاتفاق أن تكون الحكومة تكنوقراط ، هذا أحدث إشكالية جديدة خصوصا بعد أن تمكن الشعب اليمني من وضع حد للأدوات السعودية التي كانت حاضرة منذ الستينات.
كانت المحاولات تجري من أجل إعادة اليمن للمبادرة الخليجية ، وكان المخطط تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم يتبع كل واحد منها إلى إحدى الدول الخليجية الست ايضا ! .
فاجتمعنا مع هادي لمعرفة كيفية التعامل مع هذا الموضوع وتداعت الأحزاب والتقت وتم الاتفاق على أساس تشكيل مجلس رئاسي من خمسة أعضاء واتفقت القوى على هذا الحل ولكن تم تهريب هادي إلى عدن ثم حصل العدوان مباشرة في 26/3/2015م.
-الدور الخليجي في اليمن يبدوا مشبوها منذ أمد بعيد ما الذي تريده دول الخليج وعلى رأسها السعودية من اليمن ولماذا هذه الحرب الشعواء ضده؟
دول الخليج دول وظيفية تم تأسيسها بعد صدور وعد بلفور عام 1917م فقد تأسست السعودية عام 1918م وقام عبدالعزيز بالتنازل عن فلسطين لليهود بعد أن عجزت بريطانيا عن إقناع السلطان عبدالحميد بالتنازل ، تاريخهم واضح ومشبوه في كافة المراحل ، هذه الدول الوظيفية حاضنة ومنفذة لمشاريع بريطانيا عندما كانت الوصاية بيدها ، ثم لاحقا الولايات المتحدة عندما بدأت تحل مكان بريطانيا .. الخليجيون ليسوا من سلالة العرب الأقحاح بل هم هجين لا شرعي امتزجوا مع اليهود في مراحل مختلفة وعملوا على إفشال أية نهضة عربية لأنها ستعني نهايتهم .. حتى على صعيد الجامعة العربية التي كانت مبادرة بريطانية ، لم يتركوها تعمل وفق الأصول فكان الميثاق يمنع الوحدة رغم الاتجاهات الحقيقية التي كانت تحاول أن تتبنى هذا المشروع ، لكن من عطل كل أمل في مشروع عربي حقيقي هي السعودية!.
جاء ما يسمى بالثورات العربية وكان هناك اتجاه للتآمر على سورية ومصر وتلاحقت الأحداث بشكل يفضح التآمر الذي حدث اليوم وصولا إلى التخلص من الجيش العراقي وكان المخطط الدخول إلى سورية مباشرة لكن ذلك لم ينجح فأتوا عن طريق الفوضى الخلاقة والإخوان المسلمين.
المناهج حملت الأفكار الوهابية وترك لها الأنشطة داخل الجوامع والمعاهد وكانت أمريكا وبريطانيا تتحدث من مصدر قوة لأنها تعلم ماذا زرعت .. لقد استطاعوا أن يتخلصوا من النظام في تونس ومن ثم الاتجاه إلى ليبيا ومصر ومن ثم سورية وهي الهدف الحقيقي وراء هذه الأحداث .. ففشلوا في سورية وفي اليمن أيضا قامت ثورة حقيقية في 21 سبتمبر لا تندرج في الفوضى الخلاقة وليست انقلابا لأن الرئيس الذي كان موجودا انتهت ولايته ومدد له سنة وانتهى ..
منذ عام 1948م لم يقم أي تحالف عربي من أجل تحرير فلسطين بل تحالف العرب ضد اليمن وسورية.
حتى بالنسبة لمصر كان هناك من يوهمها أن باب المندب سيشكل خطرا عليها إذا نجحت الثورة في اليمن .. ذهبنا إلى مصر وطرحنا عليهم أن تكون إدارة باب المندب مناصفة .. فما نراه أن ما يهدد أمن مصر هو التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير ، كما أن إسرائيل التي تعمل على إنشاء قناة أخرى تحل مكان قناة السويس هي الخطر الحقيقي بالنسبة للمصريين .. هذا كله يهدد الأمن المصري الذي ننصح بأن ينتبهوا له أما من اليمن فلن يهددهم بشيء .
-الواقع العربي ملئ بالطوائف والقبائل فكيف يمكن التغلب على ذلك وكيف يمكن التعامل معه سياسيا حسب التجربة اليمنية ؟.
لقد عملوا على إيجاد صراع قبلي وطائفي في اليمن لكن ما حدث هو العكس ، السعودية دائما لا تريد الخير للشعب اليمني ، لقد حث تقارب بين جميع القبائل وكان عملية فرز لقوى سياسية ارتهنت للخارج وذهبت إلى الرياض ، المؤتمر الشعبي العام أثبت أنه حزب وطني ، والشيء نفسه بالنسبة لأحزاب أخرى مثل الناصريين الذين ذهب جزء منهم ومن الحزب الاشتراكي إلى الرياض وحزب البعث العربي الاشتراكي لم يذهب منه أي شخص إلى الرياض وكان في هذا يمثل قمة المواقف الوطنية.
الشعب اليمني شعب قومي ، ولديه شعور بخطورة الوضع الذي يهدد الوطن العربي ولديه ثقافة متجذرة لدى الشعب بأن العدو الأساسي هو إسرائيل ، واليمنيون يناصرون فلسطين حتى وهم تحت القصف وفي شدة الحرب التي تشن ضدهم ، فهم يتظاهرون عند كل مناسبة من أجل فلسطين ولم تؤثر الظروف الصعبة التي تعصف بهم على التزامهم القومي.
45 حزبا يمنيا لم يذهب منهم إلى الرياض سوى الأخوان المسلمين ، حتى السلفيون ذهب جزء منهم فقط والناصريون وهم بالمجمل سبعة أحزاب ذهب بعضهم إلى الرياض وكانت تلك بمثابة عملية تصفية للتخلص من أولئك أصحاب الأجندات..
-الوضع الميداني اليوم بحالة انتصار وتقدم كبير للجيش اليمني وقد راينا صور الجنود اليمنيين وهم يخوضون المعارك داخل الحدود السعودية فكيف تصف الوضع؟.
راهنت دول العدوان أن المعركة لن تتجاوز عشرين يوما أو شهر حتى يحصل انهيار اليمن لكننا اليوم وصلنا إلى عامين وسبعة أشهر ولم يحققوا أهدافهم بل تمكن الجيش من نقل المعركة من الداخل اليمني إلى الداخل السعودي ، صحيح أن هناك تفوقا بالطيران لكن التضحية وتطوع الشباب بقوة جعلهم يفشلون في تحقيق مآربهم .
بعد فشلهم الكامل برا وبحرا وجوا ، استطاع المكون الوطني للجنة الثورية العليا أن تتابع عملها وتصرف الرواتب وشعر المعسكر المعادي وعلى رأسه السعودية والإمارات يعملون على الانتقام فاتخذوا قرارا بنقل البنك المركزي إلى عدن لتعطيل الحياة في اليمن لكن الحياة استمرت وفشلوا..
حاولوا أن يخنقوا اليمن بشكل كامل عبر السيطرة على ميناء الحديدة كما حاولوا السيطرة على الشريط الساحلي من عدن إلى المدن الأخرى ، تحت مبرر أن القوى الوطنية تأخذ ضرائب الميناء ولا تصرف الرواتب .. استخدموا المال السعودي لتعطيل كل الاتفاقات التي من شأنها إيقاف نزيف الدم اليمني ونتيجة الحصار انتشرت الكوليرا .. في هذا المشهد كله أصبح العالم مقتنعا بالحل السياسي لكن إصرار المرتزقة في الرياض على القول بالمبادرة الخليجية وإلغاء الأخر وتجاوز اتفاق السلم والشراكة ما زال يعوق كل شيء.. إذا أرادوا أن تمشي القضايا فلا بد من العودة إلى اتفاق السلم والشراكة .. الأمم المتحدة اقتنعت أن الطرف الآخر هو المعطل بسبب المال السعودي الذي يتدخل في كل لحظة ، وبان كيمون وضع السعودية في خانة الاتهام في موضوع قصف الأطفال في اليمن ، وحاولت السعودية دفع المال للخلاص من ذلك ، أيضا استخدموا أسلحة محرمة وهي العنقودية والجرثومية وهي مأخوذة من أمريكا وبريطانيا… الحرب لن تستمر كثيرا ، الاضطرابات داخل النظام السعودي إضافة إلى الخلافات مع قطر وبعض دول الخليج ، أكدت أنهم يعادون بفجور وبلا أخلاق … الإمارات لها أطماع كبيرة في الشريط الساحلي وتدخل في صراع مع الأطماع السعودية التي تريد الوصول إلى حضرموت ، وأيضا ضمن السيناريو المطروح يمكننا تلمس أكثر من بعد للعدوان على اليمن : الأول هو السيطرة على باب المندب وإقامة قاعدة عسكرية إرضاء لإسرائيل من الناحية الأمنية وغيرها .. أيضا الحوض النفطي الكبير الذي يمتد من باب المندب إلى الربع الخالي ، والشريط الساحلي الذي يحوي الكثير من الغاز ، والإستيلاء على ميناء عدن لأنه يشكل تهديدا للموانئ الإماراتية.
الغاز اليمني يشكل أيضا منافسا قويا للغاز القطري الطامع لمنافسة الغاز الروسي ، أيضا فإن الكثافة البشرية في اليمن يعتبرها الخليج خطرا عليه ، فاليمن إذا نهض يستطيع أن يحتوي شبه الجزيرة العربية بدلا من أن تكون الجزيرة مسيطرة ومانعة لعملية تحرير فلسطين لذلك يحاولون التخلص من اليمن .
بعد هزيمة مشروعهم في سورية يحاولون تحقيق شيئ في اليمن لكن كل العوامل تؤكد هزيمة مشروعهم.
-من الواضح أن الهجمة العدوانية التي تتعرض لها سورية واليمن تتقاطع في أكثر من مكان خاصة من جهة المعسكر المعادي الذي تكالب على هذه المنطقة ، كيف يمكن التنسيق بين سورية واليمن من أجل زيادة المقاومة وتأكيد الانتصار؟.
التنسيق ضروري جدا لا بد من أن يطال عدة جوانب ، فسورية حققت الانتصار الكبير واليمن حقق الانتصار أيضا ، والآن لا بد من التنسيق في عملية إعادة الإعمار والتبادل التجاري والخبرات فيما اكتسبه الجيش السوري واليمن ليكون هناك جيش رادع لأي تآمر مستقبلي على محور المقاومة الذي يشكل حزب الله جناحه بين اليمن والشام.
اليوم نحن نعمل على توحيد الانتماء العروبي لأن بناء الأجيال هو أساس الأمن والاستقرار وتبادل الخبرات في مجال التعليم والإعلام والصحة وكل القطاعات الأخرى وعلى رأسها عملية إعادة الإعمار ومن هي الشركات التي ستعمل في استخراج الثروات الباطنية مع الشركاء الصادقين من روسيا والصين ليحلوا مكان الأمريكيين لأنهم تحت هيمنة الصهيونية إضافة إلى الدول التي ظهرت في إعادة التوازن إلى النظام الدولي واسقاط القضية الواحدة : الهند وإيران والبرازيل وجنوب افريقيا وألمانيا التي بدأت تخرج من هيمنة أمريكا .. فلا بد أن يكون هناك تنسيق مع هذه الدول المهمة في أوروبا .. هذه الأمور مجتمعة بالإضافة إلى التعاون مع دول البريكس التي تنقل العالم من القطبية والواحدة إلى التعددية القطبية ، فالولايات المتحدة لم تعد اليوم مستفردة بالقرار الدولي .. أرى أن القطبية الواحدة انتهت والاقتصاد الصيني أصبح ينافس الاقتصاد الأمريكي وبروز الهند وما يسمى في المثلث الأسيوي وحضور إيران في المشهد الدولي ، كل هذا من شأنه أن يحدث توازنا لصالح محور المقاومة.
علينا أن نستفيد من الانتصارات مجتمعة ، الشعوب قامت من الأنقاض واليوم أرى المنطقة ستقوم قوية وتنظم الكثير من الدول للمشروع العروبي ولا يمكن أن يساهم بالإعمار من ساهم بالدمار.
صحيفة النهضة