معادلات الألف يوم !
الهدهد/مقالات
بقلم / عبدالحميد الغرباني
قادم مشترك بين مؤسسات الدولة والمجتمع بقواه ونخبه ومبدعيه ومفكريه، حس وجهد ومواقف عملياتية مشتركة يجب أن تدور عجلتها ويصب ريعها ودون توقف في مخزون طاقة الشعب وصموده والأولوية لكل ما يديم الثبات بوجه العدوان وآثاره التي لحقت الطبقات المسحوقة ! هذا جانب مهم من جوانب خارطة طريق اليمن بعد 1000 يوم من عمر العدوان التي ألقى الضوء عليها ورسم مسارها خطاب قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي على رأس الألفية الثانية من المواجهة مع العدو.
التحدي مصيري يرى فيه قائد الثورة فرصة عظيمة وتقول كل تجارب الثورات العالمية إنسانية الأبعاد والأهداف أن أقوى الحضارات قامت من محض غصص ومحن أجاد القادة تحويلها إلى فرص، على أن المهمة هي المعالجة أولا ولكن على طريق البناء والنهضة.
ذلك أن البلد قبيل العدوان لم يشهد ذلك ولم يشيد القائمون عليه ما يؤهله لخوض معركة كهذه، وقد آن الأوان يقول السيد لخوض المعركتين، وهو هنا يذكر أن إرث الماضي ثقيل فلا اقتصاد وطني ولا حتى مستشفى واحد قادر على وقف نزيف المرضى ونزف جيوبهم إلى خارج بنك الدولة.
لم تكن المشكلة يوما انعدام الموارد بل هي انعدام الإرادات وتغييب الكفاءات وعزل ومحاصرة الأدمغة والأفكار الخلاقة والارتهان للخارج، أما العدوان بشراسته وضراوته إنما استكمل ما بدأته قواه عبر وصايتها على البلاد، وقد أعاد السيد القائد مؤشرات التراجع والتردي وللأزمات وتناسلها إلى فترة الثمانينات ..
ومثلما أوصل العدوان الوضع في اليمن إلى انهياره الواسع، يمد سيد الثورة جسور الأمل بسقوفاتها العالية وطموحها المتشعب ..
وعلى قيادة الدولة ومؤسساتها وأدمغتها أن تغتنم الفرصة وتلتقط المبادرة وتشرع في التنفيذ وبين يديها رصيد تجارب ناجعة وطموحة لعل أقربها في الوعي والزمن تجربة التعاونيات في زمن الراحل ابراهيم الحمدي …
يعرف سيد الثورة الشعب اليمني جيداً.. لقد أتى منه ومر بكل معاناته وعايش كل مآسيه، فهو شديد الثقة بطاقاته ولا يشك في قدراته وحذاري أن تنحو الحكومة والمسؤولون منحى إماتة المبادرات الصاعدة من الشعب وهو ما أسهب قائد الثورة في طرحه وتفصيله في سياق تصفية المرحلة التي جعلت من اليمني مستهلكاً تابعا مرتهنا والخ..
هذه معادلة تؤكد ضرورة خلق قوة جديدة في الوجدان قاهرة للوجع نفسه تناطح المستحيل من أرضية الإمكانات المتاحة ! بل إن خلق الإمكانات وابتكار الحلول هو ما يجب فعله والسعي إليه، والقوة الصاروخية مثال وقدوة يقدمها السيد عبدالملك الحوثي، ومؤسسات الدولة بماهي عليه مذ ثلاثة عقود باتت صحراء والصحراء لا تنمو مشكلة النسبة الكبيرة من كادر الدولة العميقة أو من قد يرتبطون بهم هي أنهم لم يعودوا يحسون بأنهم ينتمون إلى المجتمع ! هم محبوسون في منطقة ذي “تخطيطات” ورؤى لا تشكل رافعة جيدة للشعب اليمني والرئيس الصماد وحده لا يكفي في صحراء لا يمكن أن تنمو إلا حين تلامسها المعجزات وتضخ فيها الدماء الجديدة والعقول النظيفة والأيادي النزيهة وتوضع كل فكرة في سياقها التنفيذي.
قائد الثورة لا يطلب المستحيل بقدر ما يرسم خارطة تتفهم وضع مؤسسات الدولة وإيمانا منه بأنها وحيدة لن تستطيع فعل شيء، يلقي بالمسؤولية والمهمة على كل أصحاب التأثير الاجتماعي القبلي، السياسي، العلماء، المفكرون، البصراء، والمطلعون، والكرة الآن في ملعبهم والعار سيلحق كل من جبن أو تخاذل أو تراجع وأدار ظهره للأغلبية الساحقة من الشعب التي تعيش البؤس المتشكل مع العدوان ولا يخفف من وطأته إلا ملحمة المقاومة من أجل حياة كريمة تحفظ في البدء الكرامة .
في خطاب القائد معادلة كبرى تضع عواصم العدوان مقابل عاصمة العواصم صنعاء وهي معادلة ألف يوم من الصمود ومواصلة لإدارة المعركة بحكمة وحنكة ودهاء، توجت بضربة بالستية نسفت قرار ترامب من جذوره حيث غرزت في يمامة قصر الرياض ويعيد اعتبار خمسين نظاما إسلاميا وصفها ترامب أنها (إرهابية).
وصاروخ اليمنيين وهو يضرب كل هذه الأهداف هو أقوى وأبلغ وأصدق موقف عربي ينتصر للقدس! ويكرس معادلات الألف يوم من الصمود في وجه العدوان وهي بمحصلتها ونتائجها انعكاساً إيجابا لكل شعوب المنطقة ولها أن تنهل منها ..
في هذا السياق يمكن أن تنسحب رسائل قائد الثورة لليائسين والمحبطين في الداخل اليمني على الشارع العربي ويكفي لداخل اليمني مقارنة بسيطة _تظهر عواقب الانهزام واليأس _ لصنعاء بعدن تظهر إلى أي حد غدت الأخيرة منكوبة في كرامتها !حيث لا يمكنها الحياة مع الاحتلال وأدواته إلا مستلبة وذليلة مهانة .
وبرسم الشارع العربي يضع السيد نتائج مسار التنازلات والاستسلام للعدو الصهيوني وإلى أين أوصلت أمة قدرها أن تكون رائدة.
ولن تكون كذلك إلا حين تنتمي إلى زمن المعادلات الكبرى وعلى قاعدة أن نكون أو لا نكون، والأمم تشيد حضارتها حين تؤمن شعوبها بالقدرة على التغيير غير مفرطة بثوابتها.. تتمسك بثوابتها ولا متنازلة عن تاريخها وإرثها..