النباء اليقين

الحرب المقبلة.. الاستعدادات والساحات.. مع مَنْ؟

ليس قابلاً للنقاش أن الاستعدادات لحرب مقبلة بين الكيان الصهيوني ومحور المقاومة مستمرة بوتيرة ربما أكثر بكثير مما يفكّر به حتى بعض الاستراتيجيين، خصوصاً إذا أُخذت التصريحات “الإسرائيلية” المتضاربة بعين الاعتبار، وكذلك توقيع اتفاقية أميركية-“إسرائيلية” تحت عنوان “البرنامج الاستراتيجي لمواجهة إيران”.

من الطبيعي أن تبادر تل أبيب إلى شنّ الحرب إذا توافرت لها ثلاث أمور أساسية هي:

1- القدرة على تماسُك الجبهة “الإسرائيلية” الداخلية، وهو ما يقلق القادة العسكريين والأمنيين أكثر من القيادات السياسية، بما فيها المتطرفة، مع اعتقاد – ليس يقيناً –بأن الجيش “الإسرائيلي” بتفوقه العددي والتسليحي، قد يفوز في الحرب إذا كانت خاطفة.

2- توفير الدعم الدولي، إلى جانب الدعم الأميركي المنقطع النظير، وهذا ليس محسوماً حتى الآن.

3- تأمين المزيد من الخضوع بين الدول العربية للرغبة “الإسرائيلية”، إلى جانب السعودية ودولة الإمارات، اللتين حسمتا أمرهما بالتحالف مع “إسرائيل” تحت عنوان “العداء المشترك لإيران”، وبالتالي محور المقاومة.

الكيان الصهيوني يشعر الآن أن الظروف الموضوعية لشنّ حرب تكون في صالحه باتت مكتملة، لاسيما بعد قراءة ردّ الفعل العربي الصوتي على قرار الرئيس الأميركي بشأن القدس، وأن المواقف العربية “تحت السيطرة”، وفقاً لإعلان الإدارة الأميركية، ولذلك تُواصل ”إسرائيل” تصعيد قراراتها؛ سواء لجهة إقرار تشريع بمنع أي حكومة مقبلة ببحث وضع القدس أو أي جزء من القدس، أو لجهة توسيع المستوطنات في الضفة الغربية، واستحداث مستوطنات جديدة، وسط صمت عربي غير مسبوق، ما يزيد الاعتقاد ”الإسرائيلي”بأن الظروف لشنّ عدوان دون صدور رد فعل مناوئ باتت مختمرة.

ووفقا ًللاتفاق الأميركي- “الاسرائيلي”الذي تمّ التوصُّل إليه بين وفد ”إسرائيلي” يمثّل “القطاع الدفاعي” برئاسة المستشار في الأمن القومي مايربنشابات، والوفد الأميركي من الاختصاص الدفاعي والاستخبارتي، برئاسة غيربيرت ماكماستر، فهنا كبند يقضي بتشكيل أربع فرق مختصة بالقضايا المتعلّقة ببرنامج إيران النووي والصاروخي، إلى جانب الاستعداد لمواجهة تصعيد كل من إيران وحزب الله، وتوريدات السلاح إلى المنطقة.

بلاشك، يعمل ”الإسرائيليون” ليل نهار لمعرفة القدرات التي يتمتع بها محور المقاومة، لاسيما حزب الله، مع فهمهم ا لعميق للتبدُّل الحاصل في موازين القوى، وكذلك فإن المحور،خصوصاً حزب الله، يعمل على مدار الساعة أيضاً على رصد كل شيء لدى العدو، حتى الأنفاس ”الإسرائيلية”، إلى جانب دراسة مكامن القوة والضعف لدى العدو، حيث إن استراتيجية إدارة القدرة والمقدرات التي تعتمدها قيادة المقاومة تتغلب على الاستراتيجيات التقليدية التي يعتمدها الجيش” الإسرائيلي”، وهو ما كان ألمح إليه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة، مع تأكيده أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو يدفعان المنطقة إلى الحرب، وأن المقاومة يجب أن تستعدّ لها، “فلتكن الحرب المقبلة التي ستفرض علينا فرصة لتحرير القدس”، مشيراً إلى وجود قدرات في العالم العربي “بدأت تتجمع وتؤمن بهذ ا الخيار”.

في الواقع، يعتقد الاستراتيجيون الصهاينة أن حزب الله سيكون العمود الفقري لأي قوى ستخوض الحرب بمواجهة العدوان الذي يُعدّون له، ويعتقدون أيضاً أن الحرب ستقتصر على الجبهة الشمالية؛ من جنوب لبنان إلى جنوب سوريا، لذلك جُنّ جنونهم من تحرير “بيت جن” من يد الإرهابيين الذين كانوا يتلقون الدعم “الإسرائيلي”، باعتبارهم يؤمّنون شريطاً دفاعياً عن الجولان المحتل، لكنهم استشعروا خطراً جديداً في البحر، وقد عبّروا عن ذلك عبر المؤسسة الأمنية التي جزمت أن “تهديد حزب الله بضرب حقول الغاز ليس كلاماً فقط”، فلدى الحزب قدرة كامنة في المنطقة البحرية، وقد أعلن قائد سلاح البحرية الصهيوني؛ اللواء آلي شربيط، أن حزب الله امتلك أخطر سفينة؛ لايمكن إغراقها ضمن “تشكيل هجومي استراتيجي بكل ما للكلمة من معنى، وعمل أيضاً لبناء تشكيل صواريخ هجومية وجوهرية، وأنشأ عملياً سفينة صواريخ من الأفضل في العالم، أي لديها لكثير من الصواريخ التي لا تغرق”، وعليه قامت “إسرائيل” بتزويد سفينة “ساعر 5 ” بمنظومة القبة الحديدية، وتلك القبة، بحسب الخبراء، ليست بالفاعلية المتوخاة.

ربما لا يغيب عن قادة الكيان الصهيوني أن أي حرب يمكن أن تتدحرج خلافاً لما هو مخطّط لها، فالميدان يستوجب أحياناً كثيرة خارج نطاق منطقة العمليات المؤطّرة، فلـ”إسرائيل” قواعد في البحر الأحمر، ومخاوفها من هناك ليست أقل مما سيكون على الجبهة الشمالية، رغم التحالف مع السعودية؛ كأحد حُراس المصالح”الإسرائيلية” هناك.

يونس عودة/ الثبات