قراءة في المسار العسكري للجيش واللجان الشعبية في ظل العدوان على اليمن
الهدهد/ تقارير
شهدت التطورات الميدانية في اليمن خلال الأيام الأخيرة وقوع عدد من الأحداث العسكرية المهمة، بدءاً من إصابة مقاتلة سعودية من طراز إف 15 بواسطة صاروخ تابع للدفاع الجوي اليمني وإنتهاءً باصطياد غواصة تجسسية تابعة لائتلاف العدوان السعودي.
عدة سنوات مضت منذ بدأت تلك الحرب الغير متكافئة في شبه الجزيرة العربية حيث يرزح اليمن، البلد الفقير ماديًّا و القوي من حيث المصادر والموقع الجيوسياسي، تحت أشد الهجمات الجوية والبرية. اليوم وبعد مرور عدة سنوات ما يزال اليمن، صامداً بوجه المعتدين السعوديين، ومدافعاً عن الثورة التي قام بها أبناء شعبه وانتصروا فيها.
إن ظروف المواجهة العسكرية مع الجيش السعودي خلقت حاجة لليمنيين، والتي إذا لم يتم التغلب عليها، فإن ظروف الحرب والقتال الميداني ستواجه مشاكل خطيرة؛ بمعنى أنه وإذا ما أراد الجيش واللجان الشعبية اليمنية الوصول إلى تحقيق الإستراتيجيات الدفاعية بما في ذلك الدفاع عن المدن والمناطق الأخرى، وكذلك إستهداف الأراضي السعودية فإنهم بحاجة إلى معدات وأدوات كبيرة، لكن وصول المعدات والأدوات العسكرية إلى بلد يخضع لعقوبات من قبل الأمم المتحدة، ومن جانب آخر يواجه تفوقاً عسكرياً جوياً مطلقاً من قبل العدوان السعودي وحظراً جوياً مفروض عليه، يعد أمراً غير ممكن وصعب للغاية.
وعلى هذا الأساس شرع اليمنيون خلال الأشهر الماضية بالعمل على إنتاج أنواع المعدات العسكرية، ووفقاً للحاجة الملحة للوحدة الصاروخية التابعة للجيش واللجان الشعبية ، فقد تم أولاً البدء بإنتاج أنواع القذائف والصواريخ بإعتبار هذا الأمر أولوية قصوى، وبعد عدة أشهر جرت إزاحة الستار عن أول النماذج الصاروخية التي تمت صناعتها بأيدي الخبراء اليمنيين حيث حملت أسماء زلزال، وقاهر، وقاهر ام 2، وبركان، وبركان 2H.. الخ كما أطلقت في بعض العمليات العسكرية بإتجاه الأراضي السعودية.
لكن الحكاية لم تكن كذلك، حيث أن اليمنيين وبالإتكال على قدراتهم المحلية نجحوا في إنتاج أنواع الطائرات المسيرة، مثل طائرتي قاصف، وراصد وعدد من الطائرات المسيرة الأخرى التي تم الكشف عنها تباعاً، وقد نجحوا بعد ذلك بمهاجمة فرقاطة تابعة للقوات البحرية السعودية حملت إسم “المدينة” بواسطة زورق مفخخ .
لم تقف المنتجات الدفاعية والكشف عن الإنجازات الجديدة في اليمن عند هذا الحد وحسب، بل تم الكشف خلال الأيام الأخيرة عن عدد من المنجزات الأخرى التي ربما يعد أهمها صاروخ دفاعي غير معروف والذي نجح اليمنيون من خلاله في إستهداف مقاتلة إف 15 سعودية من طراز (إيغل).
السعودية
إضافة إلى هذا الصاروخ التي لم تُنشر عنه معلومات ، يتضح أن اليمنيين إستطاعوا الوصول إلى الكاميرات الحرارية الأمريكية أيضاً من خلال المشاهد الموجودة في الفيديو الذي عرضته قناة المسيرة للحظة إصابة الصاروخ لمقاتلة الإف 15 السعودية. فالكاميرا التي كشف اليمنيون اللثام عنها هي صناعة أمريكية وتابعة لشركة بإسم FLIR Systems.
يقع المقر الرئيسي لهذه الشركة في ولاية أوريغان الأمريكية حيث تحتوي قائمة منتجات هذه الشركة على العديد من أنواع الكاميرات الحرارية والمرئية (العسكرية وغير العسكرية). وقد حملت النسخة من منتجات هذه الشركة والتي كشف اليمنيون اللثام عنها إسم FLIR Ultra 8500 وتتمتع بوضعيتين للرؤية إحداهما نهارية وأخرى حرارية، حيث أنه ومن خلال هذه الكاميرا تم تسجيل لحظة إصابة الصاروخ الدفاعي لمقاتلة الإف 15 السعودية.
إصطياد غواصة تجسسية
كما ونجحت القوات اليمنية في بداية شهر يناير الجاري من إصطياد إحدى الغواصات التجسسية التابعة للعدوان السعودي في المياه القريبة من حدود اليمن. ولم يتضح حتى الآن كيف تمكن اليمنيون من اصطياد هذه الغواصة.
الغواصة المستهدفة هي من طراز REMUS 600 نرويجية الصّنع وإنتاج شركة كونغسبرغ (kongsberg) للصناعات البحرية. هذه الغواصة مزودة بنظام لتحديد الأصوات الصوتية دوبلر، لقياس الأعماق وتحديد المواقع بما يمكّنها من أداء المهمات الموكلة اليها.
هذه الغواصة مزودة كذلك بنظام ملاحة بالقصور الذاتي ونظام تحديد المواقع ويمكنها إرسال ونقل المعلومات عبر منظومة اتصال بالأقمار الصناعية مصنّعة من قبل شركة إيروديوم ومثبتة على الغواصة.
ويمكن الإشارة هنا، إلى أنه من أهم المهمات التي يمكن لهذه الغواصة القيام بها هي: التجسس، والتعرف وتحديد الأهداف العائمة على سطح الماء، ورسم الخرائط لسطح البحر، وكشف الألغام، والتصوير.
يصل قطر هذه الغواصة إلى 32.4 سانتي متر فيما يقارب طولها الـ2.7 متر. أما الوزن الثابت للغواصة ريميوس فهو 220 كيلوغرام، مع إمكانيّة أن يرتفع الى 385 كيلوغرام في حال تم تزويدها بمعدات جانبية.
الغواصة REMUS 600 يمكنها الغوص في أفضل حالاتها حتى عمق 600 متر تحت سطح والعودة ثانية إلى السطح، غير ان الشركة المصنعة أعلنت سابقا أن الغواصة يمكنها الغوص حتى عمق 1500 متر. الغواصة مزودة ببطارية ليثيوم بظرفية إجمالية تبلغ 5.4 كيلوواط لتتمكن من القيام بمهمتها على مدار 24 ساعة بشكل مستمر وبسرعة أقصاها 4.5 عقدة بحرية.
وقد أعلن نائب المتحدث بإسم الجيش اليمني عزيز راشد، عن بعض من المعلومات التي كانت مخزنة في الذاكرة الداخلية لهذه الغواصة حيث تم فك الشيفرة الخاصة بها، التي كشفت عن الخرائط، والإحداثيات الإقليمية التي تخضع لمراقبة الغواصة وإشرافها.
ولفت راشد إلى أن المهمة الأساسية لهذه الغواصة التجسسية هي “تحديد الألغام البحرية وكشفها”.
• الألغام والأفخاخ المتفجرة
في الأسابيع الأخيرة، كثَّف اليمنيون من عملية إستهداف العسكريين السعوديين المعتدين داخل اليمن أو داخل الأراضي السعودية بسبب الهجمات الجوية الواسعة للمقاتلات السعودية ضد المواقع المدنية وحالات القتل والإصابات في صفوف الآلاف من المدنيين من أبناء الشعب اليمني.
إن واحدة من أهم وأنجح الأساليب التي نجح اليمنيون في إستخدامها، وتمكنوا من خلالها من قتل عدد كبير من العسكريين السعوديين، هي إستخدامهم للألغام المضادة للأفراد، والمضادة للدروع، والأفخاخ المتفجرة.
هذه العمليات جرى القيام بها في مناطق مختلفة من اليمن من بينها الجوف، ونجران، وجيزان، والبقع..الخ حيث استطاعت قوات الجيش واللجان الشعبية منع القوافل العسكرية التابعة للقوات السعودية والقوى المتحالفة معها من خلال إستخدام هذه الألغام والأفخاخ المتفجرة.
إن السعوديين عادة يتكتمون على أعداد من يقتل منهم في المواجهات البرية، لكن كانت هناك عدة مشاهد نشرها الاعلام اليمني و التي أظهرت عدداً كبيراً من العمليات العسكرية التي جرى تنفيذها حتى الان ضد القوافل والعربات الناقلة للعسكريين السعوديين.
كانت هذه عدد من الأحداث المهمة التي وقعت خلال الأيام الأخيرة في جبهات المواجهة بين اليمنيين وقوات العدوان السعودي، لكن هناك أحداثاً مهمة أخرى كانت قد حدثت قبل ذلك، حيث يمكن الإشارة في المجال العسكري إلى استخدام اليمنيين لـ صواريخ كروز البرية وصاروخ بركان اج 2 الباليستي غير المجنح الذي سعى الأمريكيون كثيراً إلى تعريفه على أنه إيراني الصنع وإيصال الأمر إلى مجلس الأمن.
وفي موازاة التقدم العسكري، هناك إجراءات كبيرة يجري القيام بها من قبل اليمنيين على الصعيد الإستخباراتي، ومنها التعرف الدقيق على المواقع السعودية لإستهدافها بواسطة الصواريخ، والتعرف ورصد التنقلات البحرية للعوامات التابعة للتحالف السعودي، والتعرف على مواقع العسكريين السعوديين في داخل الأراضي اليمنية والتي تعتبر جميعها من أهم الإجراءات الإستخباراتية للجيش واللجان الشعبية، لكن يمكن إعتبار أن أهم إجراء أمني وإستخباراتي في اليمن هو المحافظة على حياة قادة الثورة اليمنية بمن فيهم السيد عبد الملك الحوثي، حيث أنه ولحد الآن ورغم وجود عمليات القصف الكبيرة ضد المواقع المدنية والعسكرية اليمنية من قبل السعودية، إلا أن الأخيرة لم تتمكن من اغتيال أي من قادة الثورة اليمنية.