رسائل نارية لسوريا وحلفائها في مختلفة الاتجاهات.. والأميركي يدفّع السعودي الثمن
مع دخول الحرب الكونية الاستعمارية – الصهيونية – الرجعية العربية على سورية عامها الثامن، تتكشف الكثير من الوقائع والتفاصيل عن التخطيط والتحضير لهذه الحرب، إذ لم يعد سراً ما كشفه وزير خارجية فرنسا الأسبق رولان دوما قبل أيام؛ بأن “فكرة” الحرب على سورية هي وليدة حلف شمال الأطلسي “الناتو” في سياق حرب تاريخية على روسيا وعلى حلفاء روسيا، مشيراً إلى أنه كان في لندن نهاية عام 2010، “ودعاني أشخاص لا أعرفهم يقومون بالإعداد لتشكيل جيش لتحرير سورية، وبعد ثلاثة أشهر من هذا اللقاء انطلقت فعلاً الحرب على سورية”.
ووجّه دوما رسالة لكل الذين يقامرون على ثبات سورية وموقف روسيا بأنهم سيخسرون، ولن يتخلى السوريون عن أرضهم، ولن يتخلى الروس عن مواقفهم.
هذه الشهادة من رجل خبير وكان أحد أبرز الوزراء الذين مرّوا على الـ “دي كورسيه” تؤكد الآن أن صمود الدولة الوطنية السورية في هذه الحرب التي استعملت فيها أحدث وسائل القتل والدمار، مع إمكانيات مالية وقدرات إعلامية غير مسبوقة، فرضت تحوُّلاً في ميزان القوى العسكرية، حيث استطاع الجيش العربي السوري مع حلفائه تحطيم أذرع هذه الحرب بالوكالة، فحطّم أسطورة “داعش” و”القاعدة” وكل قوى التكفير والإرهاب المتعددة الأشكال والمسميات، وبالتالي بات الحضور المباشر لدول العدوان أمراً مُلحّاً، لأن انتصار سورية وحلفاءها يعني انتقال الأزمات والحروب والإرهاب إليها بأشكال مختلفة، وبالتالي كان التدخُّل التركي والأميركي و”الإسرائيلي” بأشكال مستترة تارة، وعلنية طوراً، كما هو الحال اليوم.
الدولة الوطنية السورية بدأت تحقق الانتصارات المتتالية، وهاهي على أبواب النصر النهائي والحاسم في الغوطة الشرقية، التي كانت تشكل سكّيناً في الخاصرة الدمشقية.
الوقائع الميدانية التي تشير إلى الانتصارات النوعية للدولة الوطنية السورية حرّكت حلف أعداء دمشق، فتركيا تحرّكت عبر جيشها والمرتزقة من فلول ما يسمى “الجيش الحر” والعصابات التكفيرية نحو عفرين، في وقت تُطرح عشرات علامات الاستفهام حول إدارة المعركة مما يسمى “قوات سورية الديمقراطية” الكردية، وحول كيفية الانسحاب أمام التوغُّل التركي الذي استمرّ نحو شهرين.
اللافت أمام هذه التطورات ما كشفته مصادر أوروبية عن زيارة صهر الرئيس الأميركي وكبير مستشاريه كوشنير أكثر من مرة إلى المنطقة بشكل سرّي، ودون الإعلان عن أي زيارة، وثمة معلومات أوروبية، وتحديداً فرنسية، تحدثت عن أن قراراً أميركياً كان قد اتُّخذ لضرب دمشق، وحدّد له ساعة الصفر، بالتزامن مع رمي العاصمة السورية بوابل من القذائف الصاروخية والمدفعية من قبل الجماعات الإرهابية المتحصنة في منطقة الغوطة.
ووفقاً لهذه المعلومات فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ هذا الأمر إلى عدد من أتباعه من الحكام العرب، وبدأ التحضير له بإقالة وزير خارجيته تيلرسون، وتعيين أحد أكره صقور الصهيونية بديلاً له، وألحقها أيضاً بإقالة مستشاره للأمن القومي، وتعيين العنصري والصهيوني جون بولتون مكانه.
ورغم التحضير الأميركي للأجواء السياسية للتصرف الأرعن، إلاَّ أن التهديدات الاميركية لم تحصل، لأن الاستخبارات العسكرية في البنتاغون وصلت إليها المعلومات المؤكدة بأن سورية وحلفاءها من دمشق إلى طهران إلى موسكو إلى لبنان لن يقفوا مكتوفي اليدين، فثمة لغة حمراء وحمراء جداً استعملها الحلفاء بأشكال مختلفة؛ بالاستعداد لكل الاحتمالات، فالنار بالنار تُطفأ، وقواعد الأميركي المنتشرة في بلدان الكاز العربي والأساطيل الاميركية في البحرين المتوسط والأحمر لن تنجو من النيران القوية والصاعقة، وبالتالي لم يتجاوب كبار عسكريي البنتاغون، وأولهم وزير الدفاع، مع الدعوات المجنونة، في وقت واصل الجيش العربي السوري عملياته في الغوطة الشرقية وبات مسيطراً على أكثر من 80% من مساحتها، فيما ما بقي من إرهابيين في المساحة المتبقية أخذوا يفاوضون بأشكال مختلفة على كيفية استسلامهم وخروجهم إلى إدلب، للالتحاق بمن سبقهم من مسلحين وإرهابيين.
ووفق هذه المعلومات، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان توجّه إلى واشنطن ليكون شريكاً مضارباً في “نصر مزعوم”، وهو أمر اكتشف أنه بعيد عن المنال، لا بل إن زيارته الأميركية ترافقت مع تطور يمني نوعي وميداني بامطار الرياض وعدد من المناطق السعودية؛ بصواريخ الجيش واللجان الشعبية اليمنية، ولأن الأميركي يجيد اللعب برؤوس أتباعه، ولأنه يعرف أن الضيف السعودي ليس لديه الحساسية الاستراتيجية ولا يعرف قراءة الأمور برؤية بعيدة النظر، فإن الدوائر الاميركية استقبلت قبل زيارة بن سلمان وخلالها سراً أو علناً، عدداً من أمراء العائلة الحاكمة، وقد رضخ بن سلمان لكل الشروط الاميركية، ومنها “أن السعودية دولة ثرية وعليها أن تدفع للسيد الأميركي”، وإن كان ترامب قد أبلغه لحفظ ماء وجه “الضيف الكبير” عن الاستعداد لتقويض الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية في إيران، لكن ذلك مقابل شروط مالية واستثمارية أبرزها:
وضع أسهم “أرامكو” في بورصة نيويورك، وبيع السعودية مفاعلات نووية، وإقامة أو إنشاء “لاس فيغاس” في السعودية.. مع مزيد من ضخ المال السعودي في الأوردة الأميركية، وهو ما سيضع الخزينة السعودية في حالة عجز خطير، وحينها “لات ساعة مندم”.
ببساطة، أمام الخطة الأميركية التي أشرنا إليها للعدوان على سورية، كان الرد الحاسم من حلفاء دمشق أن الرد على العدوان سيكون مزلزلاً، فهم الأميركي جيداً فحوى هذه الرسالة، لكن بائع الكاز العربي الكبير لم يستوعب، فقرر وضع كل زيته في سلة ترامب… وعلى الباغي تدور الدوائر.
أحمد زين الدين / اوقات الشام