نص محاضرة الحساب والجزاء (5) – المحاضرة الرمضانية السابعة للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 1439هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الأخوة والأخوات..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
حديثنا مستمر عن يوم القيامة، عن ذلك النبأ العظيم، والحدث المُهيب والمَهيل، الآتي والقادم لا محالة، يوم الحساب، يوم الفصل بين العباد، اليوم الذي هو البداية لعالم الآخرة وللحياة في الأخرى، الحياة الأخرى، الحياة الأبدية حياة الجزاء، وكما قلنا في حديثنا السابق فنُذُر الله سبحانه وتعالى لنا في القرآن الكريم ومنها الإنذار بالآخرة، الإنذار بالحساب والجزاء، الإنذار بالعقوبة في الآخرة الهدف منها الدفع لنا إلى الاستقامة هنا في الدينا، إلى الانتباه هنا في الدنيا، إلى إدراك حجم المسؤولية وما يترتب عليها هنا في الدنيا، فعظم أحداث القيامة وهولها الكبير وكذلك عظم الجزاء يدل على مستوى أهمية المسؤولية، أهمية هذه الحياة، أهمية الدور الذي يقوم به الإنسان في هذه الحياة الدنيا، فالهدف أن نستفيد، أن نأخذ العبرة، أن نتعظ قبل أن يصل الإنسان إلى تلك المقامات إلى دار الجزاء، إلى دار الحساب والجزاء ثم يكون غير مستعد غير جاهز، هناك لا يمكن أن يستعيض أبدا بفرصة جديدة فرصة أخرى ليعوض خسارته ويعوض ما فاته من الحياة الدنيا، فرصتنا هي اليوم، هي هذه الحياة التي لا نعلم متى تنتهي، فلذلك يفترض بالإنسان أن يحرص على المبادرة على المسارعة مع الاستعانة بالله سبحانه وتعالى.
تقدم لنا في محاضرة الأمس بعضا من الآيات القرآنية التي تحدثنا على ضوئها عن أهوال القيامة وعن أحداث القيامة بدءا من الزلزال العظيم، زلزلة الساعة، وما يتبعها من أحداث هائلة جدا تفضي إلى دمار هذا العالم وخرابه وإعادة تسوية هذه الأرض من جديد للحساب عليها لتكون ساحة مهيأة معدة لاجتماع البشرية واجتماع الخلائق عليها لعملية الحساب كما قال الله عنها: (فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا)، بالإضافة إلى آيات قرآنية أخرى تؤكد هذا النوع.
نتحدث اليوم عن مرحلة الحساب، تأتي النصوص القرآنية لتؤكد أن النفخة الثانية في الصور والصيحة الثانية التي هي لإحياء الخلق، لإحياء الأموات، لإحياء الناس بعد أن هلكوا وماتوا وفنوا، تأتي هذه النفخة الأخرى لتكون هي الخطوة الأولى في عملية البعث والحساب وفيها يعيد الله سبحانه وتعالى الحياة إلى الخلائق، ويخرجهم من حالة الموت إلى حالة الحياة، الواقع الذي يكون البشر قد وصلوا إليه هو بعد النفخة الأولى التي مات فيها من بقي من البشر أجمعين في ساحة الأرض وهلكوا بكلهم، والله أعلم كم هو الزمن الفاصل بين النفخة الأولى في الصور التي هلك فيها بقية الخلائق وبين النفخة الثانية، توحي الآيات القرآنية ويفهم منها أن المدة الزمنية طويلة، وأنها كبيرة بالذات قياسا إلى حياة البشر، قياسا إلى الزمن، زمن الحياة في الدنيا، ثم تأتي النفخة الثانية، ويتحدث القرآن الكريم عن إحياء البشر وإخراجهم من الأرض، فيقول سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ۚ ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ)، يقول أيضا: (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ)، يقول أيضا: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ)، فخروجهم من الأرض ثم عودة الحياة فيهم الله أعلم ما إذا كانت عملية الخروج مترافقة مع النفخة الثانية أم أنها ضمن النفخة الأولى التي أخرجوا من الأرض كتراب، ثم أعيدت إليهم الحياة في النفخة الثانية، فالآية يفهم منها في قوله تعالى: (تشقق الأرض عنهم سراعا)، خروجهم من الأرض وعودة الحياة إليهم ونشرهم من بين أطباق الثرى فتعود إليهم الحياة فيخرجون بشكل سريع، هذه عبارة سراعا، توحي بخروجهم بشكل سريع، قوله تعالى: (فإذا هم قيام ينظرون) كذلك توحي بعودة الحياة إليهم بشكل عجيب، بقدرة الله الذي هو على كل شيء قدير، تعود إليهم الحياة فيخرجون وتعود إليهم حياتهم فإذا بهم في حالة القيام، قد نهضوا، تعود إليهم الحياة في ذلك الحال الذي ما إن تعود إليهم حتى نهضوا وقاموا، فإذا هم قيام ينظرون، ينظرون إلى ساحة الحشر، إلى ذلك الواقع العجيب الذي يشاهدونه واقعا جديدا قد تغيرت فيه معالم الحياة ومعالم الأرض بشكل تام، والجميع أو الكل، كل فرد ما إن ينهض ويقوم ويرى البشرية من حوله بأعدادها الهائلة وقد بعثت جميعا، مشهد رهيب، واجتماع كبير جدا في ساحة الحشر، الهدف من عملية الحساب في ترتيباتها كلها بعد عودة الحياة وتجميع البشرية، الهدف منها تجلي العدل الإلهي، هذا هدف أساسي في عملية الحشر والحساب، وإلا فالله سبحانه وتعالى يعلم واقع كل إنسان، كل أعماله، يحيط علما وخبرا بأعمال البشرية بكلها، بأعمال كل إنسان، كل شخص، رجل أو امرأة، ولكن تأتي عملية الحساب لإثبات وكشف هذه الأعمال وإثباتها وإصدار الحكم المترتب عليها بناء على ما قد سبق به الإنذار والبلاغ في الدنيا، حتى تتم حجة الله سبحانه وتعالى على عباده وتتجلى عدالة الله سبحانه وتعالى، هذا بالنسبة للأعمال كأعمال، ثم فيما يتعلق بالنزاعات والخلافات والصراعات، تأتي فيها أيضا عملية الفصل المحاسبة المحاكمة، والفصل بين العباد، كل هذا يتجلى فيه العدل الإلهي لأنه سيكون هو الأساس الذي بنيت عليه عملية الحساب، الحساب على الأعمال، والحساب فيما يتعلق بالنزاعات والخصومات والاختلافات، عملية النشر والبعث وعودة الحياة كأول خطوة في يوم القيامة في مرحلة البعث بعد النفخة الثانية، بعد الصيحة الثانية، فإذا هم قيام ينظرون، تعود الحياة إلى الإنسان، يدرك هذه المرحلة الجديدة، يرى نفسه حيا في ساحة القيامة، يرى الجميع من حوله كل البشرية، بل في يوم القيامة أكثر من ذلك، يعاين الإنسان المخلوقات الأخرى، ويشاهدها، تلك التي لم يكن يشاهدها في الدنيا، يشاهد الملائكة وهم بأعداد هائلة جدا ينزلون إلى ساحة المحشر، ولهم أدوار كبيرة ومهمة وأساسية في ذلك اليوم، ويرى أيضا الجان والشياطين، والمخلوقات والكائنات الأخرى، يراها أيضا يشاهدها ويدركها والجميع حضروا إلى ساحة الحساب، وهناك في عملية الحساب، هناك واقع مشترك بين الإنس والجن، واقع مشترك في عملية الحساب ستأتي بعض الآيات القرآنية التي تحدثت عن ذلك، حينما يعيد الله الحياة إلى الخليقة، إلى البشر الكائنات الأخرى التي لها علاقة بمسألة الحساب والجزاء، ويرى الإنسان نفسه في ذلك الجمع الكبير والهائل، الكل ما إن يتم حشرهم وبعثهم وإعادة الحياة إليهم، إلا واتجهوا بكل استجابة بكل خضوع، بكل خشوع منقادين لكل الترتيبات التي ستنضم من خلالها عملية الحساب، عملية التجميع والتنظيم للبشر، على الواقع البشري مثلا، الكل يتجه منقادين خاضعين، ما هناك أحد يمكن أن يتلكأ، وما هناك أحد لا بمستوى شخصي، ملك زعيم، أمير، قائد، بأي صفة كان في الدنيا، ولا بصفة كيان، أمة جماعة، دولة، جيش، فئة، أي صفة معينة أو مستوى معين مما كان يعبر عن تجمعات بشرية معينة يمكنه في ذلك اليوم أن يظهر في حالة من التمنع والتلكؤ أو حالة الاستقواء، لا، الكل في حالة من الخضوع التام، والاستجابة المطلقة، والكل يتجه منقادا ضمن تلك الترتيبات والإجراءات، بكل استسلام، بكل خضوع، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (مهطعين إلى الداع)، يقول أيضا: (كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ)، يقول جل شأنه: (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا) ،تظنون آنذاك أنكم لم تلبثوا من بعد وفاتكم إلى حين بعثكم إلا مدة زمنية بسيطة، في بعض الآيات القرآنية يحكي عن بعض التقديرات بساعة، وبعضهم بأكثر وبضعهم بحسب يوم بعضهم بعشرة أيام إلى آخره.
يقول جل شأنه: (يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له)، حينما توجه إليهم النداءات في عمليات التجميع والتنظيم والحشر، والترتيبات للحساب في ساحة القيامة، الكل يتبعون، وينقادون، ويلتزمون بتلك التعليمات، لا أحد يجرؤ أن يخالفها، خلاص، ما عاد أحد باي ينخط ولا يتعيسر، ولا يعمل له آراء وتحركات مزاجية، حالة من الاستسلام التام والانقياد التام، يتبعون الداعي الذي يدير عملية التنظيم والتجميع في ساحة المحشر، لا عوج له، ومع كثرة البشرية وقد اجتمعت بكلها منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة، أعداد هائلة جدا جدا، الله أعلم كم ستكون أعداد البشر بكلهم منذ آدم إلى آخر مولود من بني آدم، الكل اجتمعوا في ذلك اليوم عادت إليهم الحياة، والكل في حالة من الخشوع والخضوع والهدوء، حتى على مستوى الضجيج عادة في الاجتماعات الكبيرة والتجمعات الكبيرة للبشر، يكون هناك ضجيج، الكل يتحدث فتجتمع أصواتهم فتشكل حالة من الضجة الهائلة، أما في ذلك اليوم وبالرغم من كثرتهم مع كثرة الكائنات الأخرى ومنها الجن مثلا لكن الحالة السائدة في أوساطهم جميعا هي الهدوء، هي الخشوع، هي الصمت، جلال الله سبحانه وتعالى وهيبة الموقف تجعل الكل في حالة من الهدوء، هادئين، خلاص ما عاد ذاك العسارة والنخيط والضجيج (وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا) خشوع حتى الأصوات الإنسان خشع قلبه وخشعت جوارحه وهدأ صوته وخشع صوته كل شيء خشوع خلاص حتى حالة الإنسان في نظره في تعامله في شكله حالة الخشوع هي الحالة السائدة آنذاك حتى الذين كانت قلوبهم في الدنيا قاسية وكانوا يظهرون في حالة من التعزز والاستكبار والتعالي والغطرسة وأصواتهم مرتفعة جدا على الناس وعيونهم مفتحة بشدة مبهررين على عباد الله في الدنيا ومنخطين وقاسيين وجلفين وفضين وغلظين ومتغطرسين خلاص يوم القيامة انتهى كل ذلك ما عاد به تلك العسارة كلها انتهت وتلاشت وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا إذا أحد تحدث إلى أحد إنما يهمس إليه بصوت منخفض جدا قال في آية أخرى (يتخافتون بينهم) كذلك ما أحد يتحدث بصوت رفيع وعالي ومزعج ولا أحد يظهر حالة من القسوة على الآخرين، لا، خلاص الكل مواطنين متواضعين وهادئين وخاشعين وخاضعين ومنقادين ومستسلمين (يتخافتون بينهم) إذا أحد تحدث إلى أحد لا يجرؤ على أن يرفع صوته أبدا خلاص قد الأصوات مخفض من الأساس حالة الخشوع التي عليها الجميع والخضوع والانقياد بسرعة اتزنت معها أصوات الناس، وغير ذلك (فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا).
يعبر القرآن الكريم عن هذه الحالة من الخشوع والخضوع والمهابة والانقياد لجلال الله سبحانه وتعالى والاستشعار لعظمته وقربه بعبارات مهمة وعظيمة قال جل شأنه في كتابه الكريم (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) عنت الوجوه ذلت خشعت خضعت كل إنسان في وجهه في شكله في واقعه في تصرفاته في صوته ما يعبر عن هذا الواقع من التذلل لله والخضوع لله والخشوع لله سبحانه وتعالى مقام عظيم مقام مهيب جداً، يقول حتى عن أولئك المتكبرين في الدنيا المتغطرسين الذين رفضوا الحق رفضوا هدى الله سبحانه وتعالى انطلقوا في هذه الدنيا بحسب هوى أنفسهم كانوا فريسة للشيطان فاستغلهم وخدعهم وأظلهم وانطلقوا في شهوات أنفسهم وأهواء أنفسهم ومزاج أنفسهم ورفضوا الحق وتعنتوا عليه يقول عنهم في ذلك اليوم (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) حتى الأبصار بعضهم كانوا في الدنيا مبهررين بشدة على عباد الله وعلى المساكين وعلى المستضعفين آنذاك لا والبعض كان عندما يذكر بآيات الله ما يخشع أبدا يبهرر يشتد يظهر حالة شديدة من التمنع من الرفض للهدى من الصد عن الحق من الامتناع عن قبول الحق وعن قبول الهدى وعن قبول توجيهات الله وأوامر الله سبحانه وتعالى، أما في ذلك اليوم فلا أبصارهم تلك التي بهرروا بها في الدنيا بحسب تعبيرنا المحلي عندما ذكروا آنذاك لا في يوم القيامة (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) وتبدو عليهم حالة الذلة في محياهم يعني في وجوههم في أشكالهم حالة من الذلة الرهيبة جدا (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) الخيبة والندم والحسرة والأسف والحزن الشديد والشعور العميق جدا بالخسارة لمن حمل في ذلك اليوم آتى وهو يحمل الظلم رصيده من هذه الحياة سعيه عمله هو الظلم الظلم ظلم نفسه بالمعصية وظلم غيره بالمعاملة فيأتي ذلك اليوم وهو في حالة من الخيبة والندم والتحسر والشعور العميق بالخسارة، (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا) يتحدث القرآن الكريم عن الجلال وعظم المقام الإلهي آنذاك الهيبة والمهابة لذلك اليوم في محضر الله سبحانه وتعالى حتى فيما يتعلق بالملائكة عليهم السلام (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ) يصطفون وهم كذلك في ساحة المحشر في محضر الله سبحانه وتعالى لا يتكلمون، صامتون لا يجرؤون على أن يتكلمون (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا) فكل تلك الترتيبات والإجراءات التي يتنظم بها جمع البشر وقد أتوا بكلهم (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا) والملائكة والجن الكل قد انتظموا في ساحة المحشر كل الكائنات انتظمت آنذاك لتبدأ عملية الحساب.
الحساب الأمر العظيم، ولاحظوا هول أحداث يوم القيامة مع عظم دمار هذا العالم ثم إعادة تشكيل هذا العالم وهول تلك الأحداث وعظمها هو بكله إنما كان مقدمة لهذه الترتيبات والإجراءات لعملية الحساب عملية الحساب عملية مهمة جدا عملية كبيرة عملية خطيرة جدا على الإنسان إذا لم يكن عمل في هذه الدنيا الأعمال الصالحة في عملية الحساب تنكشف أعمال الإنسان وتتضح أعمال الإنسان ليست الأعمال فحسب بل وآثار أعمال الإنسان وقد تفوق آثار أعمال الإنسان تفوق الأعمال نفسها بعض الأعمال آثاره هي أخطر منه هي التي جعلت منه عظيم الخطر وكبير الجزاء الله جل شأنه قال في القرآن الكريم: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) حان أثر عمل معين هو أخطر من العمل بنفسه مثلا أثر عمل من تنصلوا عن مسؤولياتهم في هذه الحياة من سكتوا وداهنوا وأسهموا بهذا بتمكين الطغاة وتمكين الظالمين من جرائمهم من ظلمهم من إفسادهم من سيطرتهم من استحواذهم في هذه الحياة لاحظوا عملهم كان هو الصمت والسكوت والجمود والقعود أما الأثر فهو المساهمة الفعلية فيما حصل من جرائم يشتركون فيها تلك الجرائم جرائم ومظالم رهيبة جدا يشتركون في قتل يشتركون العمل هو كان قعود سكوت جمود ليس مباشرة للقتل بأيديهم بأفعالهم ولكنهم أسهموا لأن قعودهم صمتهم جمودهم كان عاملا رئيسيا في تمكين أولئك مما تمكنوا منه من ارتكاب لجرائم فضيعة جدا واعتداءات جسيمة إلى آخره وهذا لوحظ مثلا في النصوص القرآنية والنصوص عن رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، جاء مثلا في تعبير عن الرسول صلوات الله عليه وعلى آله يفيد هذا المعنى (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن عليكم الله شراركم ثم يدعوا خياركم فلا يستجاب لكم) لماذا التسليط جعلت علمية التعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جعلت جريمة يستحق الإنسان عليها أن يسلط عليه الأشرار لماذا يسلطون عليه لأنها كانت جريمة ساعدت في تمكينهم فسلطوا عليه لأنه أسهم معهم في أن يتمكنوا وهذا بديهي بديهي وواضح كان لو يتحرك الناس لو يستجيبوا الجميع لمسؤولياتهم هل سيتمكن الطغاة والظالمون أن يفعلوا ما فعلوا أن يصلوا ما وصلوا إليه من تمكن لا بديهيا بأبسط تأمل بأدنى تأمل يتضح هذا، فالآثار آنذاك ستكون محسوبة مع الأعمال الأعمال وآثار الأعمال (ونكتب ما قدموا) كما قال الله سبحانه وتعالى (وآثارهم) آثار أعمالهم محسوبة ومحسوبة في الخير فعلا بعض الأعمال الخيرة امتداداتها تأثيراتها ما يترتب عليها يتعاظم به الفضل والأجر والمنزلة عند الله سبحانه وتعالى وفي الشر كذلك المسالة خطيرة جدا خطيرة جدا.
في عملية الحساب يقول الله سبحانه وتعالى (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا) نور العدالة نور تجلي العدل الإلهي الناس قد اجتمعوا هناك يفرق الله بين المحسن والمسيء بين المطيع والعاصي كلٌ ينال جزاءه هناك يقضي الله وينصف بين عباده في مظالمهم في نزاعاتهم، لا ضحوا كم حصل في هذه الدنيا من مظالم مظالم للشعوب بأكملها مظالم لفئات بأجمعها مظالم لأشخاص، كثير من الناس عانوا بشدة من الظلم في هذه الحياة عانوا معاناة كبيرة مظالمهم كبيرة معاناتهم كبيرة هناك يأتي الإنصاف الإلهي، بنور ربها نور العدالة نور الرحمة نور الحكمة نور الفصل بين العباد بالحق والقضاء بالحق والحكم بالحق، (وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) في عملية الحساب والجزاء عملية الحساب الحديث عنها في ساحة المحشر تأتي عملية الحساب الجماعي وعملية الحساب الشخصي فالإنسان في هذه الدينا الإنسان هو مخلوق اجتماعي كان ضمن جماعة ضمن شعب ضمن كيان ضمن دولة ضمن حزب ضمن مذهب ضمن اتجاه معين في هذه الحياة، فالناس يوم القيامة يلحظوا يعني في عملية الحساب الفصل بينهم والحساب بينهم ضمن الواقع الجماعي بالنسبة لهم فيؤتى بهم جماعات كيانات أمم وأيضا على المستوى الشخصي الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على هذا المستوى الجماعي (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً) هول يوم القيامة هول عظيم في الأخير تجثي الأمم يجلسون على ركبهم في حالة من الخضوع والخنوع والاستسلام والخشوع كل امة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون (هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يقول أيضا (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) فكل أمة لها إمامها ولها كتابها ضمن اتجاهها الجماعي ضمن ما هي عليه في موقفها الجامع لها في اتجاهها الجامع لها في منهجا الذي تحركت على أساسه في قيادتها في إمامها التي ائتمت به واتبعته والتزمت بتعليماته واقتدت به يوم ندعو كل أمة بإمامها أئمة هدى وأئمة ضلال الذين اتبعوا في هذه الدنيا كانت البشرية تتبعهم تأتم بهم تلتزم بهم تتجه في اتجاههم تحذوا حذوهم.
أيضاً على مستوى الكتاب كتاب الحساب إما أنه هنا اسم جنس بمعنى أن لكل شخص كتاب ضمن الحالة الجماعية ضمن هذا المسار الجماعي الذي يجمعه بتلك الأمة في مواقفها التي اشترك فيها واتجه فيها، أو كتاب للأعمال الجماعية والمواقف الجماعية والتوجهات الجماعية غير الكتاب الذي فيه ما يخص كل شخص بشكل عام يجمع كل تفاصيل عمله.
هذا على المستوى العام ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) ( كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا ) والله سبحانه وتعالى يفصل بين العباد يوم القيامة في الحساب الجماعي على مستوى الاختلافات، الاختلافات الثقافية والفكرية والدينية التي ابتنى عليها في واقع الحال مواقف وابتنى عليها ولاءات وعداوات واتجاهات ومشاكل وو إلى آخره..
يقول الله سبحانه وتعالى وهو يذكر ذلك (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) يفصل بين الجميع في اتجاهاتهم في اختلافاتهم في ما ترتب على ذلك ترتب على ذلك أشياء كثيرة في واقع حياتهم من مشاكل من نزاعات من من إلى آخره.. انقسامات تباينات، الاختلافات البشرية كانت أساساً لكثير من المشاكل والنزاعات.
على مستوى الفصل بين أيضاً الاتجاه الإيماني في هذه الحياة اتجاه الخير والإيمان والطاعة لله والاستجابة لله، أتباع الرسل والمؤمنين الصادقين الذين نهجوا نهج الحق في هذه الدنيا، والآخرين من الظالمين والمستكبرين وقوى الطاغوت التي استكبرت عن نهج الله سبحانه وتعالى واتجهت اتجاهاً شيطانيا بالشر والظلم والإفساد والطغيان في هذه الحياة، والفصل الإلهي آنذاك سيترتب عليه أكبر عملية انتصار الذين نهجوا نهج الحق من الرسل والأنبياء وأتباعهم والمؤمنين في هذه الحياة الدنيا واتجهوا في هذه الحياة استجابةً لله سبحانه وتعالى، تركوا آراءهم وأهوائهم، وإلا كان بإمكانهم أن يفعلوا كما فعل بقية البشر، يشوف الإنسان آراءه شهواته رغباته ميوله هوى النفس ويتجه بناءً على ذلك، لكن لا، آثروا رضا الله وطاعة الله ومنهج الله والاستجابة لله فوق كل الاعتبارات الشخصية والنفسية والكثير منهم أيضاً في هذا السبيل عانى وضحى وقدّم وأعطى وصبر وصابر، يوم القيامة يحضون بنصرٍ إلهي عظيم ورعايةٍ إلهية كبيرة.
قال الله جل شأنه في عملية الحساب والجزاء والفصل يوم القيامة ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) نصر عاجل في الدنيا بانتصار قضيتهم بتأييد الله لهم (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ) نصر كبير وعظيم ودائم وأبدي في يوم القيامة يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم تحججاتهم في الدنيا، مثلاً كانوا يستخدمون التبريرات والأكاذيب والتضليل الإعلامي والعناوين الزائفة والتبريرات السخيفة والافتراءات وو إلى آخرة.
لكن يوم القيامة لا يمكن أن يستفيدوا شيئاً من ذلك أن ينظّموا حملة إعلامية أن يرفعوا عناوين لتبرير مافعلوا ويفعلون، لا، ما بالإمكان أن يستفيدوا شيئاً من ذلك كل تلك التبريرات والعناوين الزائفة والكاذبة والخادعة لا يمكن أن تنطلي على الله سبحانه وتعالى ( يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) لأن الله سيفصل ويحاسب ويجازي هناك يوم القيامة في عملية الحساب والفصل هناك التوثيق لأعمال هذا الإنسان الذي يثبت أعمال هذا الإنسان كواحدة من الوسائل التي ستحضر يوم القيامة بشكلٍ كبير ولها دورها الحاسم في الحكم الإلهي على الإنسان أو للإنسان هناك الشهود من الملائكة هناك الشهود من البشر هناك الاعترافات التي ستأتي من داخل الإنسان حتى من جوارحه وأعضاءه.
الوسيلة الأولى هي الكتاب الكتاب اسم جنس هنا يعني عبارة عن نسخ كثيرة كل شخص سيحصل له نسخة كتاب له، وهذا الكتاب يتضمن العملية التوثيقية لكل أعمال الإنسان التي تُحسب في الخير أو في الشر، وهذه العملية التوثيقية – يتضح كما أشرنا في محاضرات كثيرة تحدثنا عنها – يتضح من خلال نصوص قرآنية أخرى أنها عملية توثيقية حية، بمعنى أن أعمال الإنسان فيها تتجلى واضحة تُشاهد وتُرى ذكرنا في محاضرة أخرى قول الله سبحانه وتعالى في سورة النجم ( وَأَنَّ سَعْيَهُ) يعني الإنسان ( سَوْفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ) قلنا أن هذه الآية تشهد أو تدل وتفيد على الرؤية للعمل على تجلي هذا العمل ووضوحه بشكلٍ مرئي غير عملية الجزاء، لأن البعض من المفسرين يقول الرؤية يعني يرى جزاؤه سوف تأتي عملية الجزاء حتماً، شاهدنا مثلاً في زمننا هذا كيف توثق أعمال الإنسان وتصرفاته بالفيديو بالفيديو فتطلع مشاهدة ومرئية وهذا الاتجاه الذي ذكرناه ذهب إليه كثير من كبار العلماء وأجلاء المفسرين خصوصاً في هذا الزمن بعد أن شوهدت هذه العمليات التوثيقية للإنسان وهو يتحدث أو يعمل عملاً معيناً أو يتصرف تصرفات معينة بل أصبحت جزءاً روتيناً في حياتنا نوثق بها الكثير من الأعمال من الفعاليات من الأنشطة أصبحت توثق بفيديو في هذا الزمن هذا الزمن زمن التوثيق بالفيديو يعني أكثر الأشياء باتتتوثق فالله أعلم أن الإنسان سوف يشاهد نفسه في ذلك الكتاب ويشاهد أعماله التي أحصيت بشكلٍ تام، ما من عملٍ عمله من الخير إلا وهو موثق وعمله من الشر إلا وهو موثق، تجد الكثير من الناس الذين غفلوا في هذه الحياة فرطوا في هذه الحياة تهاونوا لم يكونوا مبالين كان عندهم الجرأة لعمل الشر وعمل الفسق وعمل الفجور كان عندهم الجرأة لمعصية الله سبحانه وتعالى ومخالفة توجيهاته وأوامره إما في أقوالهم أو في تصرفاتهم في الجانب أي جانب من جوانب الحياة أو من شؤون الحياة ومجالات الحياة، ذلك اليوم عندما يوضع الكتاب يقول الله سبحان وتعالى ( وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا ) منزعجين بشكل كبير جداً لأنهم يلحظون أن كل أعمالهم كل تصرفاتهم من الإجرام من الأعمال السيئة من المعاصي موثقة في ذلك الكتاب وسيحاسبون عليها ليست فقط عملية توثيق للإرشيف،لا، توثيق لإثبات المعصية لإثبات العمل بناءً على ذلك الجزاء يترتب على ذلك الجزاء وهذه النقطة التي جعلتهم يخافون إلى تلك الدرجة إلى ذلك المستوى.
هذا الكتاب الذي يُحصي أعمال الإنسان وتصرفاته يوزع يوزع على كل إنسان، مثلما قرأنا قول الله سبحانه وتعالى في المحاضرة السابقة ( وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)، كل إنسان تسلم له صحيفة أعماله، كتاب أعماله، تسمى صحف وإذا الصحف نشرت تسمى كتاب، ويؤتى هذا الكتاب إما من وراء ظهره ويستلمه بيساره بشماله، وإما من أمامه ويستلمه بيمينه، هذه العملية بنفسها تكون واحدة من العلامات الرئيسية على أن هذا الكتاب كتاب خير، ولربما من حين عملية البعث تتابع المؤشرات والعلامات التي توضح أو تدل على مصير الإنسان بحسب ما كان عليه في هذه الدنيا من اتجاه، مثلا الإيمان والتقوى يترتب عليه أن يحظى الإنسان من حين بعثه بالطمأنة من ملائكة الله، بالتهدئة من روعه وفزعه وكذلك تتابع الأعمال أو الكثير من المؤشرات والدلالات التي تزيده اطمئنانا وتقدم له البشارات تلو البشارات إذا سُلم إلى الإنسان كتاب عمله من أمامه أتى إليه الملائكة، الملائكة سيقومون بعملية التوزيع هذه، فأتوا إليه بصحيفة أعماله قد يكون كما قلنا، فنحن في هذا الزمن عرفنا الكتاب الإلكتروني والله أعلم كيف ستكون تلك الكتب وتلك الصحف هذا في علم الله لكنها أحصت أعمال الإنسان وتضمنتها إذا أتى إليك الملائكة من أمامك وأعطوك لتستلم بيمينك فهذه علامة من علامات الخير من البشارات التي بشر بها الإنسان آنذاك يقول الله سبحانه وتعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا) فعملية توزيع هذه الكتب ليرى الإنسان فيها توثيقا مثبتا لتصرفاته وأعماله.
الإنسان إذا أؤتي كتابه بيمينه كما ذكر القرآن الكريم في سورة الحاقة: (فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) يستبشر يرتاح، أيضا يشاهد تلك الأعمال الصالحة التي عملها في هذه الدنيا أثمن شيء وأعظم شيء وأهم شيء آنذاك هو العمل، والعمل الصالح، حينذاك يتجلى أهمية العمل، هذه الأهمية التي لا ندركها بالشكل المطلوب في هذه الحياة، كثيرة الأعمال، مسألة عادية، أعمال خير مسالة عادية لا يدرك قيمتها أهميتها، ما يترتب عليها، أو أعمال الشر، أعمال الفسق، أعمال الفجور، أعمال عادية يتهاون بها، لا يدرك كم هو ثمنها باهظ وخطير جدا، آنذاك لا، أهم شيء هو العمل، فالعمل الصالح عمل الخير، الطاعة والتقوى في هذه الدنيا والإيمان والالتزام والاستقامة والتوبة والرجوع إلى الله والمبادرة في الأعمال التي أمر بها الله والنهوض بالمسؤوليات التي أمرنا بها الله، يرى الإنسان آنذاك في ذلك اليوم في ذلك الموقف، في ذلك المقام عظمة تلك الأعمال، يُسر بها، يبتهج بها، يفرح بها لأنه يرى فيها أعمالا فيها نجاته فيها فوزه، بها سلامته، يترتب عليها مع رحمة الله فوزه ودخوله الجنة، فيرى فيها أعمال تبيض وجهه، لا يرى فيها ما يخجله ما يخزيه، لا يرى فيها ما يهينه، لا، حتى أنه يذهب إلى الآخرين فيقول هاؤم، تفضلوا كتابي، شوفوا أعمالي مبتهجا ومسرورا ومرتاحا، هاؤم اقروا كتابيه، لأن فيه الأعمال الصالحة، أنا كنت أحسب حساب هذا اليوم، (إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ)، كنت أحسب هذا اليوم وأستشعره في حياتي، كان يدفعني ذلك إلى أن أعمل الأعمال التي أمر بها الله وهي قربة إلى الله سبحانه وتعالى، عملية استلام الكتب عملية مهمة جدا في عملية الحساب وإثبات الأعمال.
نكتفي بهذا القدر في يومنا هذا ونكمل إن شاء الله في محاضرة قادمة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه مرضاته وأن يختم لنا ولكم بالحسنى، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال، أن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا وأن يفرج عن أسرانا وأن ينصرنا بنصره إنه سميع الدعاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛