رمضان في ظل العدوان ،ومحطة الريف اليمنية
الهدهد / متابعات
جفاف مادة “الغاز” وتوقف حركة الإقتصاد تزامنًا مع قدوم شهر رمضان المبارك يُجبر الألأف من الأُسر، على مغادرة مُعظم المدن اليمنية والهُجرة إلى مسقط الرأس بـ ( المديريات والقرئ)، لقضاء شهر مقبولًا وذنبًا مغفورًا.
لم تعد” الكراتين “والأخشاب “ومخلفات القمامة” تسد الشيئ اليسير من عملية صنُع الطعام في منازل سُكان المُدن، ولإنهيار الاقتصاد وقلة فرص العمل مع طوال أمد الحرب والحصار المفروض على اليمن ما يجعل الرحيل هو الحل الوحيد امام تكاليف رمضان ومصاريفه الهائلة.
* الريف الملاذ الآمن*
“هايل حمران” جُندي يعمل في إحدى نقاط مداخل العاصمة صنعاء يقول : (منذُ منتصف شهر شعبان وأنا أشاهد معظم الناس مُغادرين “صنعاء “حاملين “العفش “وإدوات المنازل” على سيارتهم وعند سؤالي لـ أحد المارة عن ماهي الأسباب التي جعلتهُ يُغادر المدينة ..؟ أجابني قائلًا بالمثل الشعبي ” بلاد القبيلي تعزه ولو تجرع وباها” وأردف قائلاً ” البلاد نرمض عند الوالد ، مابش غاز ولا فلوس” )
فهي لم تكن رحلة للراحة والإستجمام على طبيعة الريف الخلابة ، ولا لـ أستقبال هذا الشهر بفرحة غامرةٍ مع الإهل والإحباب ، بقدر ماكانت حجم المعاناة التي يتكبدها الأب اليمني ، عند فقدانهِ لأبسط مقومات العيش .
شهر الغفران في صّد العدوان
في الوقت الذي يعيشه الريف اليمني عامة والشعب اليمني خاصة أسوء صعوبات الحياة ، إلا أن وجود الأحطاب والخيرات الزراعية والحيوانية وما أنعمُه الله علينا من أمطارٍ في فصل الصيف هذا ، قد أسهمت بشكل إيجابي على معظم الناس لـ تفادي شهر رمضان وعيد الفُطر المُبارك.
على غرار ذلك “فاطمة محمد” امرأة ريفية من مديرية “مغرب عنس” بمحافظة ذمار تقول ?? أعيش هُنا أنا وزوجي ونعمل في مجال الزراعة ونأكلُ مُنها ، ولدي ثلاثةُ أُبناء يعملون بمحافظة” أب ” ويسكنون مع عائلتهم بنفس المحافظة ، وعلى مدار الأعوام السابقة لا يأتون باعائلتهم ،إلا في الأعياد والمُناسبات ، أما هذا العام كان وصولهم مُبكرًا ،وقبل شهر رمضان
وحين أستفسرت أبني “مجاهد ” لماذا أستعجل هذه المرة ؟ ، قال :” يا أمي مابش عمل ، ولا به غاز ولا حتى حق الزبادي ، لذلك اضطررنا أن نأوي إليك فننعم من خير الباري”).
المرأة بين الماضي والحاضر
“معاناة المرأة الريفية ” هذا العنوان الذي لطالما أُقيمت لأجلهِ المُنتديات ، والحفلات ، وتغنت فيهِ سائر المنُظمات والشركات والمؤسسات ، وأثار حفيظته معُظم وسائل الإعلام ، وبلا فائدة تُذكر غير حصد الأرباح من وراءها ، ومفاقمة وضعها ومعاناتها على مدار الإعوام السابقة .
اليوم وبعد طوال أمد الحرب ودخولها العام الرابع، وعلى دخول شهر التوبة والغفران نرى المرأة اليمنية ترسانة الصمود، وفخر الإعتزاز، فهي مصنع الرجال، ومحطة الغاز والمياة، ومُنتجت الثروات الزراعية والحيوانية، وربًة البيت والأم التي تحمل في أحشائها كل بصيص الأمل لغدٍ مُشرق ومستقبلٍ حافلٍ بالعطاء، فتحشد كُل إمكانيتها في سبيل البقاء في عزة وكرامة أمام عربدة العدوان وعنجهية المُتغطرسين.
الضــرورة تبـيح المحظـورة
في المُقابل ، رصدت وزارة البيئة أن نسبة التصحر في اليمن – خصوصًا المناطق الريفية – بلغت نسبة 95% جراء التحطيب الجائر وقلع الإشجار ، من قبل سُكان الريف، وذلك ما يهُدد الطبيعة والبئية اليمنية حد قولهم ، بدون ذكر ماهي الإسباب المؤدية إلى ذلك والعمل على أثارتها امام الرأي العام،فالأسباب هي وحدها من جعلت مُعظم السكان عاملين بالقول ” الضرورة تبيح المحظورة” فالحالة التي يعيشها المُجتمع اليمني كفيلة بوضع هذ الحلول ، إلا ان الرب جل في عُلاه أنعم بالإمطار وأحياء الإرض بعد موتها.
فهذهِ “حمامة صالح” من أبناء مديرية بني حُشيش صنعاء تقول : “لا أستخدم دبة الغاز إلا في المُناسبات والإعراس طول عمري ، معانا حطب نحطب ونوقد ونعيش اللهم له الحمد ما مساكين إلا الي عايشين في المدينة ، ما احنا بانقاوم العدوان عشر سنين”، توحي بكلامها هذا مدى حنكة وقوة المرأة اليمنية ، في تحمل عبء الحياة ومشاقاتها وتجسيد الدور الصامد المُحتسب لله وحده.
على هذه الحال ، يستقبل الشعب اليمني شهر رمضان بعزة وكرامة وصمودٍ وثاب ، فالمرأة كالرجل كلاهما في فوهة بندُقية تلتظي نارًا وتتقد حممًا من جهة وتستعد لكافة التحديات والصعوبات مهما كان حجمها ومهما زادت وتيرتها من جهة أخُرى.
تقرير / رشيد البروي /وكالة الصحافة اليمنية