حلم السعودية في بلوغ بحر العرب عبر اليمن
الهدهد /تقارير
مع تزامن التهديدات الأمريكية لإيران خلال هذه الأيام تشهد محافظة المهرةتحركا سعوديا من خلال نقل ترسانة عسكرية كبيرة بما فيها صواريخ ومختلف الأسلحة الثقيلة و تحويل مطار المحافظة لمهام عسكرية لسعودية مع تعتيم إعلامي شديد، الأمر الذي يجعل الكثير من المتابعين للشأن اليمني يضعون علامات استفهام حول ذلك.
يقول الكاتب السياسي فهمي اليوسفي ان التحرك الأخير للسعودية هو إحدى الحلقات المستمرة لتحقيق مطامع امريكا والسعودية بالجنوب والذي تطلب الأمر من وجهة نظر سعودية السيطرة على الجنوب تبدأ من المهرة وبعدها حضرموت مرورا بشبوه لتأتي بعدها أبين.
حلم السعودية في بلوغ بحر العرب عبر اليمن
بلوغ أقصى جنوب الجزيرة العربية حلم سعودي قديم بدأ مع تأسيس المملكة في ثلاثينات القرن الماضي .
ويتمثل الحلم السعودي في التمدد جنوباً حتى الوصول إلى بحر العرب عن طريق ضم أجزاء من اليمن في إطار ما كان يسمى بالسياسة التوسعية للمملكة والتي قادت في مراحلها الأولى لضم اجزاء واسعة من الجزيرة العربية، الأمر الذي أحدث خلافات حدودية بين المملكة وكلاً من اليمن وسلطنة عمان ودولة الإمارات وقطر والكويت .
لم تخفي المملكة رغبتها في الوصول إلى بحر العرب كبديل لمضيق هرمز إلا أن التحولات السياسية في اليمن حالت دون هيمنة السعودية على الشطر الجنوبي الذي أصبح مطلع السبعينات من ضمن المعسكر الشرقي مع ما كان يُعرف بالإتحاد السوفياتي حتى العام 1990م .
أعقب إعلان الوحدة اليمنية أزمات سياسية مع السعودية بدأت بموقف الرياض من الوحدة وأيضاً من حرب صيف 1994م ناهيك عن الخلافات الحدودية والضغوطات السعودية الهادفة لتخلي اليمن عن المطالبة بما كان يعرف بالمخلاف السليماني (عسير ونجران وجيزان).
المشروع من السرية إلى العلن
ورغم أن الدراسات والأبحاث حول إمكانية مد أنبوب نفطي من آبار النفط السعودية في المنطقة الشرقية إلى شواطئ البحر العربي ظلت طي الكتمان إلا أن ما كشفه موقع ويكليكس أكد إستمرار المملكة في العمل من أجل تهيئة الظروف لمشروع تمددها جنوباً حتى يصبح حيز التنفيذ.
من الوثائق المنشورة في ويكليكس عن التوسع جنوباً وثيقة تتحدث عن لجنة شكلها النظام السعودي تولت دارسة المشروع تضم قيادات رفيعة من الإستخبارات والجيش والأمن والخارجية .
حينها كانت المملكة تعزز من حضورها في حضرموت اليمنية عبر منح الحضارم إمتيازات بلغت حد منح الجنسية مستغلةً حالة الصراعات المستمرة بين مختلف الأطراف اليمنية إلا أنها لم تتمكن من فرض مشروعها لتبحث عن بدائل أخرى كمد أنابيب إضافية إلى البحر الأحمر سيما في مراحل الخلافات المستمرة التي تطورت إلى حرب الوديعة والشرورة مع اليمن الديمقراطية 1969م وإشتباكات حدودية 1993م مع دولة الوحدة أنتهت بوساطة الجمهورية العربية السورية.
لتعود المملكة مجدداً للحديث عن الوصول إلى بحر العرب ففي الثلاثاء 19إبريل 2016م نشرت صحيفة عكاظ السعودية تقريراً حول إستكمال الخطوات الإجرائية لدراسة مشروع القناة البحرية التي تربط الخليج الفارسي ببحر العرب والتي سيطلق عليها إسم «قناة سلمان».
ووصفت الصحيفة في تقريرها المشروع بأنه سيكون القناة المائية الأكبر في تاريخ القنوات المائية الصناعية في العالم حيث يبلغ طول القناة 1000كيلومتر منها 600كيلومتر داخل الأراضي السعودية وحوالي 400كيلو متر ضمن الأراضي اليمنية .
ولفتت مصادر إلى أن مشروع مد الانبوب النفطي جاء بعد زيارة السفير السعودي لدى اليمن المشرف العام على البرنامج السعودي لإعادة الأعمار في اليمن، محمد آل جابر، إلى محافظة المهرة مطلع يونيو 2018.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن السفير آل جابر خلال زيارته قوله «إن محافظة المهرة تحظى بدعم واهتمام من قبل السلطات السعودية، وتعمل على تطبيع الأوضاع في اليمن بشكل عام بالتوازي مع الحكومة الشرعية لليمن».
وكشف المصادر أن الزيارة الخاصة للسفير السعودي لمحافظة المهرة عقب زيارته لمحافظة مأرب اليمنية مباشرة، كان هدفها العمل على تهيئة الظروف والإطلاع عن كثب على التحضيرات الجارية لمد الأنبوب النفطي من السعودية إلى ميناء نشطون اليمني.
وأشارت إلى أنه كان لافتاً تجاوز السفير السعودي محافظتي شبوة وحضرموت وقفزه من مأرب إلى المهرة قبل أن يعود إلى بلاده، في إشارة إلى الهدف الفعلي من الزيارة.
إلى ذلك أوضحت مصادر لوكالة أنباء «ديبريفر» أن شركة أرامكو النفطية السعودية الشهيرة، أعدت دراسات ميدانية ومسحية في المناطق التي سيمر منها الأنبوب، مستغلة في ذلك تواجد قوات سعودية بشكل مستمر في المهرة سيما في مطار مدينة الغيضة عاصمة المحافظة وميناء نشطون.
من مد أنابيب نفط إلى قناة مائية
تتحدث مصادر تاريخية من أن المملكة كانت ترغب في مد انابيب نفطية عبر الأراضي اليمنية الى البحر العربي ما سيحقق أرباحاً إقتصادية ويوفر مليارات الدولارات للمملكة قبل أن تعلن وسائل إعلامية سعودية عن مشروع قناة مائية بحسب دراسة أصدرتها الهيئة السعودية للمهندسين وهي الدراسة الثانية المعلنه عن نفس المشروع .
ومن المتوقع ان تخترق القناة المائية الأراضي اليمنية من جهة محافظتي المهرة وحضرموت وذلك لصعوبة تنفيذ المشروع من الأراضي العُمانية لأسباب جغرافية وسياسية .
ويأتي إهتمام المملكة بحضرموت شرق اليمن حسب آراء كتاب يمنيين ضمن المحاولات المستمرة لتهيئة الظروف لتنفيذ المشروع والتي كان آخرها فرض تقسيم اليمن إلى أقاليم عبر مؤتمر الحوار بحيث تصبح حضرموت والمهرة في أقليم واحد ما يحقق للمملكة هدفها بالنظر إلى نفوذها الكبير وعلاقاتها مع القبائل الحضرمية .
لا تعليق من الجانب اليمني
منذ سنوات والجانب اليمني الرسمي يرفض التعليق على الطموح السعودي في الوصول إلى بحر العرب غير أن تناولات تاريخية وفكرية وسياسية تطرقت إلى ما أسمتها “الأطماع السعودية في حضرموت” والتي بلغت حد تمويل ودعم لتحالفات قبلية في حضرموت ورعاية تجمعات كبيرة لحضارم في المملكة السعودية سيما مع إنطلاق مؤتمر الحوار الوطني 2013م .
ويُعد تطرق التلفزيون اليمني في ستمبر 2015م لمحاولة السعودية التوسع نحو بحر العرب ضمن أسباب الحرب الأخيرة هو التناول الإعلامي الوحيد حتى اللحظة من الجانب اليمني الرسمي حيث لم يسبق لصنعاء التعليق على المشروع السعودي القديم الجديد ولا يوجد أي أبحاث أو دراسات أو حتى مواقف يمكن التطرق إليها ونحن بصدد رصد أي ردة فعل من الجانب اليمني .
النفط والغاز اليمني يسيل لعاب تحالف العدوان
تنشط دول تحالف العدوان، منذ فترة، في استغلال سيطرتها على المحافظات الجنوبية، لوضع أيديها على مصادر النفط والغاز وغيرهما من الثروات اليمنية في تلك المحافظات. وبينما تتولى الإمارات عمليات النهب المنظم في محافظتَي حضرموت وشبوة، يوكَل أمر محافظة المهرة إلى السعودية.
انتقلت دول تحالف العدوان على اليمن من تقاسم النفوذ في المناطق الخارجة عن سيطرة «أنصار الله» إلى تقاسم الثروات، خصوصاً النفطية منها. تحوّلٌ يؤكد حقيقة المطامع السعودية ــ الإماراتية في مصادر قوة اليمنيين، الذين اعتبروا تسابق الرياض وأبو ظبي على الاستحواذ على تلك الثروات شكلاً من أشكال العدوان عليهم. من هنا، جاء إدراج المنشآت النفطية السعودية في مختلف مناطق المملكة ضمن بنك أهداف القوة الصاروخية اليمنية، كرد عسكري مشروع على استنزاف النفط اليمني من قِبل التحالف، واستهداف البنية التحتية للاقتصاد في اليمن، وتشديد الحصار المفروض على الموانئ والمطارات في هذا البلد.
استنزاف نفط حضرموت
الإمارات التي سيطرت على مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، في نيسان/ أبريل من عام 2016، بذريعة «مكافحة الإرهاب»، سرعان ما وضعت يدها على منابع النفط في تلك المحافظة الشرقية. وبحسب مصدر متابع في العاصمة صنعاء، فإن «الإمارات استأنفت إنتاج النفط في منشآت المسيلة منذ تسعة أشهر، في ظل صمت حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي». وأوضح المصدر أن «شركة بترومسيلة تنتج 36 ألف برميل يومياً من خام المسيلة الثقيل يومياً، أي ما يعادل مليون برميل شهرياً، بإشراف إماراتي»، مضيفاً أن «تلك الكميات تُرحّل يومياً إلى ميناء الضبة النفطي الواقع تحت سيطرة قوات موالية لأبو ظبي في المكلا، وتُباع من قبل شركات إماراتية من دون أي تدخل من حكومة هادي». ووَصَف المصدر تسابق الإمارات والسعودية على استغلال حقول النفط في شبوة وحضرموت والمهرة بأنه «جريمة تُضاف إلى جرائم دول العدوان المرتكبة بحق الشعب اليمني». ورأى أن «هناك اتفاقاً غير معلن بين الإمارات والسعودية على تقاسم القطاعات النفطية في الجنوب، واستغلال تلك الثروة بطريقة مخالفة للقوانين اليمنية التي تنظم عملية الإنتاج والبيع».
غاز شبوة
تحت الدعاوى نفسها، سيطرت الإمارات، بواسطة قوات محلية ــ تُسمّى «النخبة الشبوانية» ــ تابعة لها، على خمسة قطاعات إنتاجية و11 قطاعاً استكشافياً و7 قطاعات أخرى في محافظة شبوة أواخر العام الماضي. وحوّلت أبو ظبي أكبر ميناء خاص للغاز المسال في اليمن، وهو ميناء بلحاف، إلى قاعدة عسكرية مغلقة، حتى تتمكن من السيطرة على مصادر الغاز الأساسية الواقعة في «قطاع 18 جنة»، التابع لمحافظة مأرب، شرقي البلاد، وذلك في إطار مساعيها في البحث عن بديل للغاز المسال المستورد من قطر، والذي يلبّي 25% من احتياجاتها من هذه المادة.
الرياض تعزز قواتها في المهرة
بالتوازي مع ذلك، استعجلت الإمارات استئناف إنتاج النفط الخام من حقول شبوة الإنتاجية، إذ إنها، وبعد أربعة أشهر فقط من سيطرتها على منابع النفط في شبوة، بدأت، منتصف آذار/ مارس 2018، إنتاج 17 ألف برميل من خام شبوة الخفيف، من قطاع العقلة النفطي الذي يُعدّ ثاني أكبر القطاعات النفطية في المحافظة، بواسطة شركة «OMV» النمساوية. وتزامن إنتاج النفط في قطاع العقلة مع انتهاء شركة «أوريون غاز» الأميركية من إنشاء أنبوب نفط يربط حقول العقلة بميناء النشيمة (بطول 13 كيلومتراً)، الذي أنشئ هو الآخر مطلع العام الجاري، من قبل الشركة نفسها، بحماية إماراتية. وتشير مصادر محلية إلى أن الإمارات بدأت، أيضاً، إنشاء ميناء آخر شرقي ميناء بئر علي، الذي يُعدّ أحد الموانئ النفطية الطبيعية في شبوة الجنوبية.
الرياض تتجه شرقاً
التحركات الإماراتية في شبوة وحضرموت توازيها تحركات سعودية متصاعدة في محافظة المهرة، التي باتت تحت السيطرة السعودية عسكرياً. فالرياض التي وضعت يدها على المهرة تحت مبرّر «مكافحة الإرهاب والتهريب»، عزّزت، منتصف الأسبوع الجاري، قواتها هناك بالمئات من الجنود والمدرعات الحديثة، بالتزامن مع بدئها بإنشاء أنبوب نفط يمتد من العمق السعودي في شرورة حتى سواحل المهرة.
مصادر محلية في المحافظة الواقعة شرقي البلاد، أكدت لـ«الأخبار» وجود مساعٍ سعودية «محمومة» في أوساط قبائل منطقة الخراخير، الواقعة على التماس مع شرورة السعودية. وبيّنت المصادر أن الرياض تقوم بشراء ولاءات في تلك المنطقة، في حين تضطر أحياناً إلى توزيع «تابعيات تجنيس من الدرجة الرابعة» لمواطنين في القرى القريبة من منفذ الخراخير البري.
وأفاد مصدر محلي في مدينة الغيضة، مركز المحافظة، «الأخبار»، بقيام السعودية باستحداث منطقة مغلقة طَوَّقتها بنقاط من الحرس السعودي في منطقة الخراخير، واستجلبت إليها شركات شقّ وبناء مع معدّاتها من الشاحنات والجرافات ومئات من العمال، ليعملوا في هذه المنطقة التي مُنع أبناؤها من الاقتراب من الأعمال الإنشائية فيها.
وبالتزامن مع ذلك، عزّزت الرياض وجودها العسكري بالقرب من ميناء نشطون النفطي التابع لمحافظة المهرة، واستحدثت ثكنات عسكرية بالقرب من الساحل، وأعلنتها منطقة عسكرية، وهو ما يُتوقّع أن يعقبه إنشاء ميناء لتصدير النفط على ساحل البحر العربي. ولفت المصدر إلى أن أنبوب النفط الذي تستحدثه السعودية في أراضي المهرة تنفّذه شركة «أرامكو» التي أدخلت أخيراً عدداً من الحفارات إلى شمالي حضرموت.
وعلى ما يبدو أن دول تحالف العدوان قد بدأت بالفعل تتوزع الكعكة اليمنية فيما تحاول المملكة الإستحواذ على نصيب الأسد سيما بعد أن تمكنت الإمارات من بسط نفوذها على جزيرة سقطرى وعلى بعض المناطق في المحافظات الجنوبية منها ميناء عدن. فهل يفطن اليمنيون جميعًا لهذه المؤامرة والاطماع السعودية لابتلاع ماتبقى من الاراضية اليمنية ويحذروا من مكر هذه الجارة السوء وسياستها القذرة تجاه وحدة اليمن واستقلاله؟
- قناة العالم