من اليمن رسالة إلى رسول الله
ماجد الغيلي
يا رسول الله، نبعث إليك هذه الرسالة من اليمن ونحن نحتفي بمولد قدومك المبارك الذي أشرق بالنور وابتهجت به الكائنات وتزينت له السماوات، لنطلعك على مجريات الأمور وما وصل إليه الحال في أمتك التي ضاعت وتشتت شملها وتقطعت أوصالها وأصبح كل حزب فيها بما لديهم فرحون.
النظام السعودي العميل والذي أحسنت توصيفه حين قلت “من نجد يطلع قرن الشيطان”، نبلغك يا رسول الله أن ذلك القرن قد طلع وهو خير شهادة على صدقك وصدق ما جئت به، طلع من حيث قلت، وله ما يزيد عن أربع سنوات وهو يحاول أن يردنا -نحن اليمنيين- عن ديننا لنكون عبيدا له ولم يستطع، والآن وبعد تلك المدة والتي ليست بالبسيطة رأينا أن قرنه هش ضعيف، ووجدنا أنه انهار ومعه غيره من دول تحالفت ضد أهل اليمن الذي قلت عنهم “الإيمان يمان والحكمة يمانية”، ونبشرك يا رسول الله، أنه بعد كل ما فعلوه في اليمن من قتل وتدمير وتشريد وإهلاك للحرث والنسل لم يزلزلوا اليمن أبدا ولم يخضعوه ليكون طوعا لما يريدون، ولم يغيروا في حكمة هذا الشعب ومواقف قيادته الحكيمة، وإنا لنرى هذا النظام السعودي أشبه بثور مسن ذو قرن هش ضعيف يحاول نطح اليمن ولا يستطيع، وكلما فعل يجد صخرة يمانية صلبة وقوية لا تتأثر بمكره وكيده وعدوانه وغاراته.
يا رسول الله، لا نخفيك أن نظام قرن الشيطان يوالي اليوم من أمرت بمعاداتهم ويحارب أهل بيتك من أمرت بتوليهم ويبدّع الاحتفال بمولدك في حين يحتفل هو بزعيم دولة الكفر والاستكبار ترامب ويرقص معه تماهيا في العمالة وتماديا في المنكر وخيانة للأمة العربية والإسلامية.
أما اليمنيون فهم يحيون ذكرى مولدك بكل ما أمكنهم فقد خرجوا اليوم جميعا رجالا ونساء كبارا وصغارا في عدة ساحات أعدت وجهزت لذلك في أكبر احتشاد يشهده العالم إجلالا وإكبارا لك واعتزازا بك، خرجوا وفيهم حبك.
بولائنا لك يا رسول الله نرى النصر رأي العين كما يرانا العالم في هذه اللحظة.. يوم مولدك المبارك.. ولا ينكرنا -نحن اليمانيين- إلا أرمد العينين أو يشكك في حبنا لك إلا أعمى البصيرة لأننا نحن أمة محمد.
غرّ الكفار – الذين دخلوا الإسلام بعد ذلك نفاقا- في عهدك يا رسول الله بعد فتح مكة أن قلت لهم: “ما ظنكم أني فاعل بكم” فأجابوا أخ كريم وابن أخ كريم، فقلت لهم “اذهبوا فأنتم الطلقاء” وعفوت عنهم رغم ما صنعوه بك ورغم ما حاربوك، ولكن يا رسول الله بعد أن توفاك الله وارتقيت إلى الرفيق الأعلى لو تعلم ما صنعوا بعدك وأفسدوا وأجرموا – وأنت تعلم صلوات الله عليك وعلى آلك – قاتلوا آل بيتك وانتهكوا أعراض المسلمين واتخذوا الدين هزوا ولعبوا بتعاليمه وكيفوه ليتماشى مع أهوائهم ورغباتهم، وضحكوا على عامة الناس بأن طاعة ولي الأمر واجبة ولو فعل ما فعل، ولو شرب الخمور، وانتهك فظائع الأمور، ولو سمع من يهودي وهو يسبك في مجلسه، بل وصل بهم الحال إلى أن قطعوا رأس سبطك الحسين يا رسول الله الذي خرج ليصلح ما أفسدوا.
واليوم المنافقون الجدد أحفاد الطلقاء يظنون أنهم سيسلموا بعد كل ما فعلوه إن تمكنا منهم بقوة الله لنقول لهم “اذهبوا فأنتم الطلقاء” كما قلت أنت لأجدادهم، لما يعرفوه عن أخلاقنا التي هي باقتدائنا بك، لكنهم سينصدمون لأننا لن نقول لهم ذلك.
اذهبوا فأنتم الطلقاء، لن تتكرر مجددا، فلا يحلموا بها، ولا علاقة لها بالعفو عند المقدرة لتعارضها مع جرائمهم الشنعاء والفظيعة بحق الأمة العربية والإسلامية وبحق الشعب اليمني التي نقول عنها دائما “لن تسقط بالتقادم”، ، وهناك فرق بينها اليوم وبين من قالها رسول الله لهم في ذلك الوقت، اليوم نحن أمام مجرمين باسم خدّام الحرمين الشريفين، نحن أمام قتلة بأسماء براقة يرفعون كذبا وزورا في أعلامهم الوطنية “لا إله إلا الله” تماما كما ترفعه داعش والقاعدة وتفعل ما تفعل بالمسلمين في مختلف البلدان العربية والإسلامية، سنقول لهم اليوم، سلّم نفسك يا سعودي ويا إماراتي يا مجرم يا عميل، السن بالسن والجروح قصاص.
يا رسول الله ما يسمى خادم الحرمين يقول إن القضية الفلسطينية ستظل القضية الأولى للمملكة في حين يشن عدوانا كونيا على اليمن بدعم وتأييد ومباركة وموافقة من كيان الاحتلال الغاصب لفلسطين، فهل قضية فلسطين هي بتحرير اليمن من أبنائه؟، وهل اليمنيون هم مغتصبوها ومحتلوها؟ أم هي العمالة على أصولها!
نحن أهل اليمن نجد أن فتح القدس الشريف لا يكون ولا يتم ولا يتحقق وبيت الله الحرام لا زال مدنسا ومغتصبا بمن هم أولياء الشيطان، كيف نحرر القدس الشريف وطريق تحريره يكون من مكة المكرمة؟ مكان إعلان البراءة من أعداء الله والدعوة فيه لتحشيد كافة أحرار الأمة للسير جنودا لله لتحرير الأقصى الشريف.. إذا لم نتمكن من تحريض المؤمنين في مكة يوم الحج الأكبر على قتال الصهاينة المحتلين وتحرير فلسطين كل فلسطين ولم نستطع أن نعلن موالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله فهذا دليل كاف أن بالأحرى تحرير بيت الله الحرام أولا، وقبل ذلك تحرير عقائدنا وتصوراتنا وأفكارنا ومواقفنا من الباطل والضلال والأفكار المغلوطة.
كما نجد أن عرش آل سعود إلى زوال بإذن الله تعالى، فهم ليسوا استثناء عن سنة الله في من سبقهم من الظالمين، ولن ينجوا من خزي الله في الدنيا وعذابه الأليم في الآخرة، ونحمد الله أن جعلنا -نحن أحفاد الأنصار- سببا لخلاص الأمة العربية من هذه الشجرة الملعونة المغروسة في خاصرتها، وإذا كان اليوم عرشهم قد اهتز من قشة تدعى خاشقجي فما بالك بدماء اليمنيين التي سُفكت ظلما وعدوانا، لا شك ولا ريب أنها كفيلة بأن تجرفهم جميعا عن بكرة أبيهم، وإن غدا لناظره قريب.
نعاهدك رسول الله انا باقون على الدرب.. وسائرون على النهج الذي سرت عليه.. ونعاهدك أنا باقون أوفياء كما عهدتنا.. كرماء كما كنا.. أعزة على الكافرين رحماء بيننا.