ثقافة الإضلال والاستبداد
الهدهد / مقالات
حمير العزكي
لم يكن حالي يختلف كثيرا عن حال السواد الأعظم من شباب هذه الأمة الواقع تحت تأثير عدوان ممنهج مستمر وموجه ضدهم ، يشنه تحالف عتيق قديم ضاربة جذوره في ذاكرة الإنسان الأول ، تحالف الشر القائم بين الإضلال الشيطاني والاستكبار الانائي البشري ، التحالف الذي شيد ليلا شديد الظلام تمكن من حجب أنوار الهداية عن قلوب العالم الذي نحن جزء لا يتجزأ منه .
الإضلال الشيطاني المعتمد على الإغواء الغريزي والإغراء المادي والامنياتي أنتج الخوف والقلق من حالة الالتزام والانضباط المتلازم مع هدى الله واستطاع تصويره كنوع من أنواع الكبت والتزمت على خلاف حقيقته الوقائية والارتقائية بالذات البشرية والروح الإنسانية .
والاستكبار الأنائي البشري المنقسم بين صنفين من البشر على صورتين الأولى الاستبدادية الساعية الى امتلاك الآخرين بما في ذلك مشاعرهم وأفكارهم بل وحتى أحلامهم والصورة الثانية الإستنكافية القابعة في براثن العبثية واللامبالاة والغواغائية الرافضة لأي تغيير رفضا مطلقا وكلا الصورتين رسختا في العقل الباطن الجمعي للأمة ثقافات مغلوطة تبدأ بتوهم الرضا وتنتهي بالتأقلم مع الظلم باعتبار استقرار استمراره أهون عندها بكثير من الاضطراب المحتمل عند الثورة عليه .
وإعمالا لسنة التدافع الإلهي بين الهدى والضلال وبين الحق العادل والباطل المستكبر ، خيم ظلام الليالي المفتعل وطال امده حتى استعذبته عقولنا واستمرأته كينونتنا وصارت الفوانيس التي صنعها الباطل وأحسن زخرفتها وزودها بالزيت المستخلص من عتمة ضلاله وخواء ذاته الذي عممه على ذوات القيم والمبادئ ، صارت تلك الفوانيس تعويضا مقبولا مع المدى عن مشكاة النور الإلهي بل غدت الأعين تخشى ذلك النور وتتأذى إن تعرضت له .
وهكذا صرت كالكثير الكثير من شباب الأمة عن علم أو عن جهل وسهو أو عمد امتدادا لذلك العدوان باعتناق ثقافاته المغلوطة التي صيرت أسس وطرائق تفكيرنا مبنية على تلك الثقافات المغلوطة بل وحتى في حالات رفضنا له وثورتنا ضده لم نكن ونحن مأسورين لرواسب ثقافته دون أن نشعر لم نكن أكثر من امتداد له متخفين خلف وجهه الأقبح وصورته الأبشع ونحن لاندري.
وبناء على ذلك فإن أي ثقافة لاصلة لها بالهدى ولا علاقة لها بالدين ولا طاقة لها بالالتزام ولا أخلاق لها بالقيم والمبادئ الإنسانية من معرفة بحقيقة الدور الانساني في الحياة واليقين بما بعد الحياة باعتبارها غائية حتمية وأيضا الحرية المنضبطة وإستشعار المسؤولية ، ليست فقط مجرد ثقافة ضياع بل ثقافة مانعة للتفكير حاجبة للرؤية جاذبة للإضلال والاستبداد .
وقناعتي التي أؤمن بصوابها هي أن المسيرة القرآنية بما تقدمه من هوية إيمانية وثقافة قرآنية على يد الأئمة الأعلام هي الثقافة الصحيحة والأكثر واقعية والأنسب فكريا للتطبيق الإنساني … وربما أكتب لاحقا عن كيفية وصولي إليها ……
“قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى? ? وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ”.