هل سيحسم مصير بن سلمان في العام الجديد؟
الهدهد / عربي دولي
“دماء الابرياء تلاحق السعودية”، هذا هو عنوان المرحلة القادمة للمشهد الذي يواجهه نظام آل سعود وتصويت مجلس الشيوخ الاميركي، بالاغلبية على وقف دعم واشنطن العسكري للسعودية في حرب اليمن وتحميل ولي عهدها محمد بن سلمان مسؤولية مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي، ليس إلا اول الغيث.
قرار مجلس الشيوخ الاميركي مغزى رمزي فهو يعد صفعة تاريخية لادارة الرئيس دونالد ترامب وتحديا له، لانه صدر من الهيئة التشريعية الاعلى في امريكا التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه ترامب.
القرار يظهر غضب أعضاء مجلس الشيوخ من جمهوريين وديموقراطيين من ممارسات الرياض وولي العهد السعودي الشاب لكنه سيتعرض بالتأكيد للفيتو من قبل الرئيس الاميركي، الذي يشدد على استمرار علاقاته بولي العهد السعودي، لكون القرار لم يحظَ بأصوات كافية لتفادي نقضه قبل أن يصبح نافذاً (56 صوتاً مقابل 41)، فيما يرفض الزعماء الجمهوريون في مجلس النواب.
وفي هذا السياق تقول الكاتبة الأمريكية كاثرين زويبف، محرّرة شؤون الشرق الأوسط في صحيفة نيويورك تايمز: إن “مقتل خاشقجي، في الثاني من أكتوبر الماضي، أدّى إلى تكثيف الرقابة الدولية على ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، فعلى الرغم من وقوف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معه، فإن الكونغرس ماضٍ بإجراءاته من أجل ملاحقته”، مضيفة: “أعضاء الكونغرس الذين استمعوا لشهادة جينا هاسبل، مديرة المخابرات الأمريكية، مقتنعون أن بن سلمان هو من أمر بالقتل”.
ورغم الصفعة التاريخية عاد وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الجمعة الى تأكيد أهمية التحالف الاميركي السعودي بداعي الأمن القومي.
وقال بومبيو في مؤتمر صحافي “نحن بالتأكيد نحترم كثيرا ما يقوم به المشرع ونحن على اتصال دائم مع الاعضاء المنتخبين، ونتفهم بالتالي قلقهم”، مضيفا قوله: “نفعل ما بوسعنا” لاتخاذ اجراءات “جيدة للولايات المتحدة وتضمن أمن بلادنا وسنستمر في القيام بذلك في ضوء تصويت الامس”.
وعلى ما يبدو ان المعركة السياسية داخل الولايات المتحدة ستشتد اكثر مما هي عليه بين السلطة التنفيذية الممثلة بالرئيس ترامب، والتشريعية الممثلة بالكونغرس بشقيه، الشيوخ والنواب، وستكون الازمة تحت عنوان علاقة بلادهم مع ولي العهد محمد بن سلمان. مادفع الازمة في الاستعار مسألتان رئيسيتان أثّرتا في توازن القوى الداخلية والخارجية. الأول، فوز الديموقراطيين بغالبية مقاعد مجلس النواب في الانتخابات النصفية مطلع الشهر الماضي، مع محافظة الجمهوريين على غالبية مجلس الشيوخ. والثاني، انقلاب أعضاء جمهوريين بارزين، دأبوا على دعم ترامب في علاقته بالرياض، ضد الأخير، بسبب موقفه من ابن سلمان، المتهم الأول في اغتيال خاشقجي لينضموا أخيراً، إلى زملائهم من الديموقراطيين، في حملة يقودها أعضاء من الحزبين في الكونغرس، لمراجعة شاملة للعلاقة مع السعودية، تدخل فيها وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي أیه”، التي خلصت إلى أن ولي العهد هو من أمر بالقتل، طرفاً ضد الرئيس، بما يقلل خياراته في المواجهة.
لكن هناك راي آخر يقول ان هناك مسالة اخرى لايجب غض النظر عنها وهي ان هذين القرارين غير ملزمين لترامب وادارته. الامر الذي يطرح تساؤلات عن هدف اصدارهما. واصحاب هذا الراي يعتقدون ان اصدار قرار مجلس الشيوخ بوقف الدعم العسكري للتحالف السعودي لاينبع من حب السلام بل يرتبط بواقع هزيمة السعودية وحلفائها وامريكا باليمن كما ان ادانة بن سلمان في قتل خاشقجي لاتعكس التزام مجلس الشيوخ بالعدالة والديمقراطية بل يرتبط الامر بمسايرة اجواء الغضب الداخلي في امريكا والعالم ازاء تلك الجريمة.
اذن يرى محللون ان موقف مجلس الشيوخ الاميركي ما هو الا استمرار في سياسة “الحلب” الاميركية، فالامريكان الان يريدون ان تدفع الرياض نفقات تموين لطائرات تحالف العدوان في الجو. وربما تخرج عليهم بفواتير تبلغ مليارات الدولارات خاصة ان مجلس الشيوخ الاميركي قال على لسان بوب كوركر انه لن يتعامل مع السعودية الا اذا حدث تغيير، السؤال الذي يطرح نفسه ما هو التغيير التي يتحدث عنه السناتور بوب كوركر؟.
على اي حال ستمتد معركة الكونغرس مع الرئيس الأميركي بشأن علاقته بابن سلمان، إلى العام المقبل. هذا ما أشار إليه، السيناتور الديموقراطي، كريس مورفي، بقوله عن التصويت، إنه “إشارة قوية بما فيه الكفاية للسعوديين، وإشارة إلى أننا سوف نعود وننهي القضية في العام المقبل”، وسيتضح ما اذا كان امريكا جادة في موقفها تجاه ادارة ترامب و النظام السعودي ام انها طريقة جديدة للحلب؟