أبعاد ودلالات استقالة المرتزق “خالد اليماني” من منصبه
مرّة جديدة يعلن وزير الخارجيّة اليمني في حكومة هادي استقالته من منصبه، فبعد استقالة أو إقالة كلّ من عبد الملك المخلافي ورياض ياسين سابقاً، بعث وزير الخارجية في حكومة الرياض خالد اليماني رسالة إلى الرئيس المستقيل والمنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي قدّم فيها استقالته من منصبه.
اليماني أفرغ ما في جعبته بعد الاستقالة وسارع إلى ذكر الأسباب والظروف المحيطة بها، منها أن “الشرعية فقدت سيطرتها على الأرض واليوم خسرت ثقلها الخارجي ولم تعد إلا شرعية على ورق”، ليضيف: إن “90% منها تدار من قبل حزب الإصلاح من أصغر مسؤول إلى الرئيس هادي الجميع يمشي وفق منهج الإخوان”، وفق تعبيره.
وأكد اليماني أن حكومة معين لا تملك أي قرار ولا تملك القوة الذي تمكّنها من تنفيذ أي قرار تصدره، بحسب قوله، مشيداً بالمجلس الانتقالي الجنوبي، قائلاً: إنه يملك “القوة والشعبية على الأرض” داعياً قياداته “إلى فرض الإرادة وحسم الأمر مع الحوثيين، على اعتبار أن الطرفين هم المسيطران فعلياً على الأرض اليمنية وغريفيث لن يمانع إذا نسّقوا معه”.
اليماني شدّد بقوله: “استقالتي نهائية ولن أعود إلى السعودية ولا تصدقوا أي تهم قد تحبكها وسائل إعلام الشرعية والإصلاح ضدي لأن هذه الوسائل جميعها مختطفة بيدهم ويعتقدون أن ذلك سيجعلهم أقوياء وهم أضعف من بيت العنكبوت”، وتابع: “نعم قدّمت استقالتي وأزيد عليها أنني طلبت اللجوء هنا في أمريكا بعد توارد معلومات إليّ بأن هناك نوايا تحريضية داخل الرئاسة تسعى لإصدار قرار يشوّه بي”.
لاحقاً، تحدّثت مصادر صحفيّة عن مصادر مقربة من وزير الخارجية المستقيل خالد اليماني عن هذه النوايا التحريضية، مشيرة إلى أنه تلقّى مكالمة هاتفية من الجنرال علي محسن الأحمر قبل أيام من استقالته.
وقالت المصادر أن الجنرال الأحمر أبلغ خلال المكالمة مع خالد اليماني بأنه سوف يقدّم للمحاكمة بسبب اللقاء الذي جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي واتفاق السويد الذي وقع عليه اليماني . وأضافت بأن اليماني استغرب من تلك النبرة التي تحدث بها الجنرال الأحمر، مشيرة إلى أن اليماني ردّ على الجنرال الأحمر قائلاً: “تريدون شخصاً يكون خاضعاً لكم ولا يهمكم مصلحة الوطن”.
اعتدنا على حصول مثل هذه الأمور في حكومات هادي، لكن تكرار مثل هذه الحوادث لا تخلو من أمرين فإما أن هناك مشكلة في التعاطي مع الجهة العليا، أي رئيس الوزراء والجمهوريّة، أو إن هناك خللاً حقيقياً قائماً في التركيبة القائمة.
للوهلة الأولى ومع النظر إلى تجارب الوزراء السابقين منذ بدء العدوان على اليمن، أي رياض ياسين وعبد الملك المخلافي، تبدو أن الخلافات القائمة بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية هي السبب في استقالة أو إقالة وزير الخارجية الذي كان ضحيّة هذا الصراع، ولكن رئيس الوزراء أيضاً قد تمّ تغييره لعدّة مرات من قبل هادي، فهل المشكلة في هادي نفسه؟.
لا ندري إذا ما كانت المشكلة في هادي نفسه أيضاً، ولكن ما هو مؤكد أن هناك خلل كبير في التركيبة حيث إن أي وزير يتسلّم منصب وزارة الخارجية يتوقّع أن تكون لديه صلاحيات ترقى لمستوى وزير، لا أن تكون الصلاحيات التي كان يمتلكها عندما كان سفيراً هي أكبر بكثير من تلك التي يمتلكها عندما تم تعيينه في منصب وزارة الخارجيّة، هذا هو الحال أيضاً مع رئيس الوزراء الذي تبدأ خلافاته مع هادي بعد فترة وجيزة على تعيينه.
لا أخفيكم أنني فرحت كثيراً باستقالة خالد اليماني من منصبه، لا بسبب موفقه السياسي في دعم العدوان فحسب، بل بسبب موقفه من الكيان الإسرائيلي، لأنه لا يشرّف اليمنيين، أي يمني، أن يكون شخص جلس إلى جانب نتنياهو في أدنى منصب رسمي في بلادهم فضلاً عن وزارة الخارجيّة ولو كانت حبراً على ورق وفق تعبير اليماني نفسه، حينها، صبّ الشعب اليمني جام غضبه على هذا الرجل، وبالتالي ليس هنا الموضع للتفصيل، ولكنها نقطة مهمّة تجدر الإشارة إليها.
إذن هو صراع مصالح لا مصلحة وطن، والجنرال الأحمر يدرك جيداً حرمة جلوس اليماني إلى جانب نتنياهو، لكن لماذا سكت عنه؟ لأنه يريد استخدامها ورقة ضدّه وتجييرها لمصلحة مشروعه السياسي على مشروع الوطن، في الحقيقة لا نعلم عن أي شرعية يتحدثون حيث إن نصفها مع السعودية والنصف الآخر مع الإمارات ضدّ السعوديّة، واليمن هو الضحيّة.
في الختام، لا بدّ من الإشارة إلى أن هذا هو واقع رئاسة هادي وحكومته، فالسعودية والإمارات هما من يفرضان قرارهما على هادي ومن يعينهم، وبطبيعة الحال لمصلحة المحمدين لا اليمنيين. هنا لا بدّ من الإشارة إلى أنه لاحقاً، وبعد أي حل سياسي ينهي الأزمة اليمنية قد نرى بعض الأسماء على الساحة من جديد، ربّما رياض ياسين أو عبد الملك المخلافي أو غيرهم، ولكن بالتأكيد لن نرى خالد اليماني لأن الشعب اليمني قد يسامح ويغفر لمن أخطأ في حقّه، إلا أنه لن يرحم من خذل فلسطين وجلس إلى جانب المجرم .
يمني برس