النباء اليقين

هويتنا الإيمانية.. أصالة وتاريخ

الهدهد / مقالات

منير إسماعيل الشامي

تتميز هويتنا الإيمانية نحن اليمنيين بأصالتها التاريخية وبأركانها العظيمة التي أضفت عليها خصوصية فريدة لها طابعها الخاص ،جعلها تنفرد بها دون سائر الشعوب العربية، وترتبط ارتباطاً مباشراً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبرسالته الخاتمة للرسالات السماوية رسالة الإسلام.

فرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله هو العامل الأول الذي أضفى خصوصية على هويتنا الإيمانية حينما اختص أهل اليمن برجل منزلته منه كمنزلة هارون من موسى في كل الأمور والخصائص إلا النبوة لتبليغهم رسالته وهو الإمام الأعظم علي بن أبي طالب- عليه السلام ،اخو الرسول ووصيه وخليفته ووارث مدينة علمه وبابها الوحيد، بينما كان رسله إلى بقية الأمصار من عامة المسلمين، ما يعني أن اختياره للإمام علي ليكون مبعوثه إلى اليمن هو في الحقيقة تكريم نبوي لليمنيين وتشريف لهم ودلالة قاطعة على حب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأهل اليمن وأنهم أهل لهذا الحب وجديرون به، فكان الإمام علي عليه السلام هو الخصوصية الثانية لهويتنا الإيمانية .

وصل الامام علي عليه السلام إلى اليمن حاملا كتاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واستقبلته قبيلة همدان ضيفا عزيزا كريما، وكان أول ما قام به هو الصلاة وما إن فرغ منها إلا وقام وفتح كتاب رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله وقرأه على مسامع اليمنيين حتى أكمله..

لم يمهل اليمنيون رسول رسول الله لحظة واحدة للف كتاب رسول الله فعلى وقع آخر كلمة نطقها دوى الكون بصدى الشهادتين التي انطلقت من ألسنة اليمنيين، فتهلَّل وجه الامام علي عليه السلام وفاضت الأنوار الربانية من محياه لتملأ الوجود فرحة وسكينة وطمأنينة وسلاما وابتهجت كل القلوب وقد امتلأت إيمانا وتقوى ونورا علويا حيدرياً ومحمديا نبوياً فأكسب هذا الموقف الهوية الإيمانية لليمنيين خصوصية ثالثة ودخلوا الإسلام بكلمة وكان هذا الحدث في يوم عظيم مبارك صادف أول جمعة من شهر رجب الذي تعارف العرب على حرمته وقداسته فمثل هذا الزمن خصوصية رابعة في هوية اليمنيين الإيمانية .

بادر الإمام علي عليه السلام بكتابة كتاب إلى رسول الله يبشره بأعظم موقف حدث في تاريخ الرسالة المحمدية جسده اليمنيون، ودخلوا في دين الله كافة، وبعثه في ساعته.

وما ان وصل كتاب الإمام إلى رسول الله ففتحه ليقرأه صلوات الله عليه وعلى آله وإذا وجهه الشريف يزداد تلألؤا ونورا مع كل حرف في كتاب الإمام علي حتى مُلِأ الكون نورا من نور وجهه الشريف صلى الله عليه وعلى آله وقد تهلَّلت أساريره وملأ السرور صدره ويجمع صحابته فيتعجبون مما يرونه بعيونهم، فيقوم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وهو كالكوكب الدري ويقول لهم “أتاكم أهل اليمن فيسألوه : وما أهل اليمن؟ فيقول رسول الله: أهل اليمن قوم نقية قلوبهم لينة طباعهم هم مني وأنا منهم الإيمان يمان والحكمة يمانية”.

فقلَّد الهوية الإيمانية بوسام رباني ويشهد لهم بما علَّمه من ربه عنهم ويجعل هويتهم الإيمانية تنفرد بهذا الوسام ويخصّها بالإيمان والحكمة ويعلي منزلتهم إلى منزلته ويزيدهم علوا بانتمائه إليهم.

هذه هي خصائص هويتنا الإيمانية وهذه هي أركانها ومعالمها فأنى لشعب أن يحظى بمثلها أو ببعض منها ولا يحتفل بذكراها؟

وإذا كانت هذه هي خصائص هويتنا الإيمانية فعجبا لمن يستغرب من احتفالنا بعيد أعيادنا وذكرى تكريمنا من رسول الله ورفع منزلتنا إلى منزلة لم يبلغها قوم غيرنا ولن يبلغها .

وإذا كنا نحتفل بتمام فريضة الصوم وبتمام فريضة الحج أفلا يحق لنا أن نحتفل بيوم مبارك من أيام الله دخل فيه أسلافنا دين الإسلام وكان يوم اكتسابنا اعظم وأقدس واشرف واسمى هوية، ونلنا فيه اقدس وارفع وسام في تاريخ البشرية .

فكيف لا نحتفل بعيد جمعة رجب الحرام وقد خصَّنا الله فيه دون كل البشر وشرَّفنا به بأعظم رجل بعد رسوله، ونلنا فيه وساما ربانيا من خير خلقه وأعلاهم قدرا وارفعهم منزلة واحبهم إليه سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله ومنحنا الله فيه هويتنا الإيمانية ؟

فوالله لو لم نعظِّم هذا اليوم ونحتفل فيه ونظهر الفرحة بنعمة الله علينا فيه لكنا من الجاحدين بالنعم، والمعرضين عن القيم والدين ونعوذ بالله أن نكون من الجاحدين والمعرضين.